مر ربع قرن أو يزيد على العمل بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة حيث كان هذا المطار بداية لمشاريع المطارات الدولية الثلاث. وكأن لنا موعداً دوماً مع سوء الاختيار في المراحل الابتدائية من كثير من مشاريعنا الكبرى حيث لا يجدي تطوير أو تحسين لاحق. تصميم مطار الملك عبدالعزيز لم يكن البداية وموقع مطار الملك فهد لن يكون النهاية. عندما تم وضع التصاميم الرئيسية لمطار جدة، كانت هناك العديد من المطارات العالمية الحديثة التي أدخلت عامل سهولة الوصولية إلى الطائرة من حيث الوقت وقلة العناء. أما نحن ففضلنا دوماً تقليد الغير دون النظر إلى فاعليته ومدى ملاءمته لمتطلباتنا الحالية والمستقبلية.. فأتى مطارنا المولود الجديد نسخة من مطار (دلس - واشنطن) المتقادم حيث يتم نقل المسافرين من صالات المطار إلى الطائرة بواسطة العربات الأرضية. مدينة جدة عاصمة المملكة التجارية وبوابة الحج والعمرة ومعقل صناعة السياحة في المملكة تنتظرها حركة سفر تصل إلى خمسين مليون مسافر خلال السنوات العشر القادمة مما يستدعي أن تتبنى هيئة الطيران المدني سياسة شفافة أمام القطاع الخاص أقلها إصدار نشرة شهرية عن سير العمل في هذا المشروع وما يستجد فيه. فالكثير من مشاريع القطاع الخاص المستقبلية في مدينة جدة تعتمد على توفر معلومات أكيدة عن المطار المستقبلي كموعد التشغيل والطاقة الاستيعابية وغيرها. مطار الملك عبدالعزيز لا تنقصه مساحة الأرض - مطاراتنا تتميز بمخصصات أراضيها الشاسعة وقلة أعداد مسافريها - بل ينقصه تصميم فاعل يوافق بين الحاجة الحقيقية لعدد المدارج ومنهجية التصميم المعماري للصالات بما يتناسب مع مساحة المطار ومداخله المستقبلية من المدينة. هناك العديد من الأمثلة الناجحة لتطوير المطارات الدولية أشهرها مطار (لندن - هيثرو) الذي يعمل فقط بمدرجين اثنين (مطار جدة ثلاثة مدارج) وتمثل مبانيه من الداخل قمة المزج بين متطلبات صناعة النقل الجوي الحديثة ومتطلبات المسافرين من تسوق وترفيه وأعمال، أما مبنى المطار فيأخذ بقوة بمبادئ الهندسة القيمية حيث تدني تكلفة البناء والصيانة. مشروع تطوير مطار الملك عبدالعزيز يعتبر فرصة سانحة لهيئة الطيران المدني في ثوبها الجديد كي تبدأ شراكة على أرض الواقع مع القطاع الخاص من خلال طرح المطار كشركة مساهمة مملوكة للقطاع الخاص حيث أن فرص نجاح مطار جدة مضمونة تمهد لتكوين شركة سعودية متخصصة في تأسيس وتشغيل المطارات.