لا مجال للشك بأن القطاع العقاري في المملكة العربية السعودية من أكبر وأهم القطاعات بعد النفط وهو قطاع فاعل وفي نفس الوقت واعد وكذلك لا يختلف اثنان على انه من القطاعات الآمنة وهو اشبه ما يكون بالرجل الثقة بل والمليء. ان التساؤلات التي تثار هنا وهناك حول توجه البعض من المستثمرين الى الاستثمار في عقارات خارج المملكة هل لأسباب (توزيع المخاطر) أم أن هناك اسباب اخرى تكمن في اعاقة تطور ونمو هذا القطاع الهام. من المفارقات العجيبة ان هذا القطاع الهام والكبير يحظى بأقل اهتمام في نواحيه التنظيمية والتسويقية وتذليل كل ما يعوق نموه، وما الجدل الذي اثير حول المساهمات العقارية وما صدر عنها مؤخراً إلا دليل على ان هناك تأخراً في الاهتمام في هذا المجال وارجو ان نصحح المفهوم الخاطئ لدى البعض من ان تنظيم المساهمات العقارية قد ازاح المشكلة ولم يعد للعقاريين أي عذر بعد ذلك، صحيح ان المساهمات العقارية امر مهم لكن الاهم هو القطاع العقاري ككل. منذ طالبت اللجنة العقارية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض بوقف المساهمات العقارية والعديد من الاحتجاجات تصل الى اللجنة والى كاتب هذه السطور عن طريق الهاتف واحياناً عبر صفحات الجرائد، وما اثلج الصدر وبرهن ان اللجنة العقارية على حق في مطالبتها هو استجابة الجهات المختصة بوقف المساهمات العقارية فوراً. ونحمد الله انه قد تم صدور التنظيم الجديد من المقام السامي، وفي الوقت الذي نقدم الشكر والتقدير للمقام السامي على ذلك إلا انه تبقى هنالك بعض الجوانب الاخرى والتي نود ان نسلط عليها الضوء هنا، حيث احال النظام على هيئة سوق المال المسؤولية الاهم في مسألة التنظيم اضافة الى وزارة التجارة والصناعة ووزارة العدل وامانات المدن، ويبقى سرعة الاجراءات التي اوكلها النظام لتلك الجهات خصوصاً اللوائح التي سوف تصدرها هيئة سوق المال والتي نتمنى ان تضع في الاعتبار عامل السرعة وعامل السيطرة على اموال المساهمات من قبل جهة رقابية واشتراط ان لا يمنح أي ترخيص لأي صاحب مساهمة سابقة لديه مشاكل في تصفية مساهماته السابقة او متعلقة، وكذلك ربط الاتعاب بالارباح ومراعاة التوازن فيما سوف يتقاضاه البنك جراء الاشراف على الصندوق الاستثماري وتكاليفه والتي من المفترض ان تكون واقعية ومعقولة. هناك جوانب اخرى لا تقل اهمية منوط بالامانات الموافقة عليها مثل التخطيط الذي اشترط النظام موافقة رسمية من الامانات او البلديات المختصة على ان تشمل الافادة على قرار الاعتماد وتاريخه، وهناك تساؤل عن عدم وجود نظام واضح يمكن الرجوع اليه بين الامانة والمستثمر بخصوص تخطيط الاراضي وتطويرها وذلك لتفعيل عنصر السرعة. أعتقد ان الطريقة الامثل لاستقراء الآراء والافكار والاقتراحات هو ان يكون هناك تنسيق بين هذه الجهات وبين الغرف التجارية وبعض المختصين في هذا الشأن وللامانة فقد بدأت هيئة سوق المال المبادرة في هذا الاتجاه وهذه مبادرة تستحق الشكر عليها. يبقى الاهم وهو القطاع العقاري ككل وليس فقط المساهمات العقارية والتي هي جزء من كتلة اكبر ونعني به القطاع العقاري بشكل كامل والذي يستطيع ان يستوعب اوعية متعددة ومتنوعة من الاستثمارات وفي مجال واحد متى ما ركز الاهتمام وسلطت الاضواء على هذا القطاع الواعد. إن هذا القطاع الهام لديه مفاتيح عديدة من الممكن ان تحل مشاكل كبيرة يعاني منها المجتمع السعودي وعلى رأسها ايجاد اوعية استثمارية آمنة، وخلق فرص وظيفية متعددة، وفي نفس الوقت فإن تنظيمه يضمن حصول العديد من المواطنين على مساكن متيسرة، خصوصاً اننا في بلد غني والسيولة متوفرة ولا عائق امامنا سوى الاهتمام به كهدف ووسيلة لحل العديد من القضايا الملحة لانه ثروة نمتلكها تتطلب منا تنظيماً فقط وخير سبيل لذلك هو وجود هيئة عليا للعقار لتكون المنسق الرئيسي وراسم الخطوط العريضة لكل الجهات التي تتوازع شؤون العقار الرئيسية، وهي وزارة التجارة والصناعة وامانات المدن ووزارة العدل ووزارة الشؤون البلدية والقروية وهيئة سوق المال مؤخراً. إن هذه الجهات مدعوة للتنسيق فيما بينها لعمل تصور ممكن من المفترض ان يقوم على وجود هيئة عليا للعقار لأن وجود مثل هذه الهيئة يسهل في تنظيم العقار وشؤونه والتي تتطلب متابعة دائمة بعد استكمال متطلبات نموه مثل الانتهاء من نظام الرهن العقاري والذي يعتبر حجر الزاوية في انطلاق مشروع تملك المواطنين لمساكنهم بقروض ميسرة لانه من المحزن جداً ان امراً هاماً جداً مثل هذا لم يكن له الاهتمام الكافي. هذا بخلاف مهام الهيئة العليا للعقار مثل تجديد انظمة البناء عموماً والتي البعض منها قائمة منذ سنوات عديدة دون أي تعديل او تبديل، وكذلك ترتيب نظام قيام الشركات التي سيناط بها النهوض بهذا القطاع بحيث يكون العاملون والفاعلون فيه منظمون تنظيماً يرقى الى المستوى المنشود وباجراءات سهلة وسريعة تواكب عصر السرعة الذي كما يقال بأن السريع فيه اصبح يأكل البطيء وليس كما كان في ماضي الزمان الكبير يأكل الصغير. إننا في اللجنة العقارية نحاول جاهدين في ايصال صوتنا ومقترحاتنا لمن في يدهم القرار وفي نفس الوقت نحاول بقدر المستطاع ان تكون اقتراحاتنا منطلقة من جذور الاعمال العقارية ونسعى كذلك في محيطنا الى تغيير مفهوم الاستثمار في مضاربة الاراضي الى مفهوم تنمية العقار بالبناء والتطوير، إلا ان الانظمة في العديد من الجهات الحكومية تقف عائقاً امام تحقيق هذه الرغبة ونجزم ان وجود هيئة عليا للعقار كفيلة بفتح معظم الابواب المغلقة حالياً امام المستثمر السعودي؟؟ إن العقار السعودي الرجل الثقة رجل بكل ما تحمله الكلمة من معنى بل ومليء ايضاً وملاءته المالية تحظى بثقة الجميع وما يعيقه انه لا يزال يلبس عباءة عدم التنسيق بين جهات ترتبط به ويرتبط بها وكل منها يتصور انه الاقل مسؤولية عنه. لذلك فإنه.. بحاجة الى التجديد تجديداً يعيد الدماء الى عروق هذه القطاع الثقة. ٭ عضو مجلس ادارة غرفة الرياض رئيس اللجنة العقارية