بعد أن قفل عائداً من أبوظبي في طريقه إلى القاهرة حيث حضر ضيفاً رئيسياً في منتدى الطاقة العالمي، وصل إلى الرياض أمس الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في زيارة لم تكن مدرجة على جدول أعمال المنطقة، إذ أصر على زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يتعافي من وعكة صحية في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني للاطمئنان على صحته -يحفظه الله-. وكانت الزيارة التي قام بها الملك عبدالله يونيو العام الفائت كأول زعيم يزور مصر بعد تولي الرئيس السيسي زمام أمور الدولة تاريخية بحق، إذ توقف وهو في طريق عودته من المغرب، والتقى هناك الرئيس السيسي في قمة مختصرة على متن الطائرة الملكية التي هبطت في مطار القاهرة، وكانت تلك الزيارة الخاطفة محل تقدير كبير من الرئاسة المصرية، ورأها مراقبون تتويجاً للدور السعودي الداعم للاستقرار مصر. وكان خادم الحرمين الشريفين قد وجه خطاباً تاريخياً للرئيس السيسي مهنئاً إياه بالفوز بالمنصب الرئاسي يدعو فيه الأمة العربية والاسلامية إلى الوقوف بجانب مصر "لتتمكن من الخروج من نفق المجهول إلى واقع يشد من أزرها وقوتها وصلابتها في كل المجالات". وتشهد العلاقات بين الرياضوالقاهرة تنسيقاً عالي المستوى منذ ثورة (30 يونيو) حيث استطاعت المملكة تقرير - أيمن الحماد تخفيف الضغط السياسي الدولي على مصر والذي واجهته من الدول الغربية، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة، واستطاعت المملكة وقتها اقناع القيادات الأوروبية بخارطة الطريق التي وضعها المجلس العسكري آنذاك، والتي توجت بانتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيساً لمصر. وتعكس الزيارة التي قام بها الرئيس المصري إلى المملكة حالة الوئام الكبيرة بين القيادتين في البلدين، والتي تترجمت بشكل واضح خلال الفترة السابقة، لا سيما في إطار التنسيق السياسي والاقتصادي على مستوى القضايا الدولية والاقليمية، في وقت تشهد المنطقة أحداثاً تستوجب معها استحضار أهمية العمل العربي، والذي يشهد تراجعاً كبيراً على مستوى القضايا الرئيسية في المنطقة، لا سيما القضية الفلسطينية والتي كان لمصر دور أساسي في التعاطي معها. وحرص الرئيس المصري الذي كان من المفترض أن يغادر من أبوظبي إلى القاهرة أن يتوقف في الرياض، على الرغم من نيته السفر غداً إلى دافوس السويسرية حيث يحضر فعاليات المنتدى الدولي الأكثر استقطاباً للسياسيين حول العالم، حيث يحرص الرئيس السيسي على توفير الحشد اللازم لمؤتمر اقتصادي ينتظر أن تحتضنه شرم الشيخ مارس المقبل لدعم الاقتصاد المصري، الذي يواجه أزمة بسبب التغيرات السياسية التي مرت بها البلاد. وكانت المملكة وبعض دول الخليج قد أسهمت بشكل فعال في تحقيق انفراجة اقتصادية لمصر من خلال دعم اقتصادها مالياً وحتى على مستوى الطاقة التي تعتبر أزمة حقيقية تستنفر الدولة معها كافة أجهزتها، إلا أن الدعم الخليجي دفع القاهرة إلى أن تتجاوز تلك المرحلة الحرجة وهو ما تقدره كثيراً الحكومة المصرية التي يقع على عاتقها حمل شعبي كبير. ولم يتوقف الدعم السعودي للموقف المصري على المستوى الإقليمي إذ سعت المملكة إلى عودة الوفاق بين مصر وقطر إذ أسهمت جهود الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى إشاعة أجواء إيجابية بين البلدين، إدراكاً من قيادة المملكة ضرورة التوافق العربي، في وقت كان البلدان يمران بحالة من الفتور السياسي على خلفية الأحداث التي عصفت بالمنطقة خلال الأعوام الاربعة الماضية، ويعد اللقاء الذي عقد في القاهرة مؤخراً وضم رئيس الديوان الملكي الاستاذ خالد التويجري كمبعوث خاص لخادم الحرمين والشيخ محمد ال ثاني مبعوث أمير قطر مع الرئيس المصري، لحظة مهمة في تاريخ العلاقات بين القاهرة والدوحة الذي انعكس سوء العلاقات بينهما سلباً على المنطقة وملفاتها المعقدة. الملك عبدالله دعم استقرار مصر وأمنها في أصعب اللحظات قبلة وفاء لخادم الحرمين عرفاناً وتقديراً من المصريين لدوره التاريخي