ليست هذه القضية التي نحن بصدد الحديث عنها تنزع إلى تكريس القطرية ولا تنحو إلى تقسيم الأدب العربي إلى كيانات صغيرة، فالأدب العربي كتلة واحدة لا يتجزأ ولا ينفصل بعضه عن بعض لكن باستطاعتنا أن نقول: الأدب العربي في السعودية، والأدب العربي في بلاد الشام، والأدب العربي في مصر... إلخ. أسوق هذه المقدمة بعد أن عبّر جمهرة من المبدعين السعوديين عن امتعاضهم من هجرة الجوائز السعودية نحو الأقطار العربية الأخرى، والتي تقدمها بعض مؤسسات الثقافية، في حين لم نسمع بكاتب أو مبدع سعودي نال جائزة من أي بلد عربي إلا ماندر رغم علو منزلته الثقافية والإبداعية، وحتى أكون منصفاً في الطرح فإن المثقف السعودي (مبدعاً أو ناقداً) لا يتجاوب مع نداءات إعلانات هذه الجوائز ولا يصبوا إلى المشاركة رغم إذاعتها في الصحف والمواقع الثقافية في الشبكة العنكبوتية، وتلقى بالائمة على المثقف السعودي، كونه يركن إلى الدعة ويميل للخمول فلا يبادر للمشاركة أو يسعى لمنصات الجوائز وهذا الحديث بالطبع لا يعمم على كل مثقف في بلادنا ثقافة. الزهراني: أذعنا جائزتنا عبر كل الوسائط الإعلامية.. والأديب السعودي لم يتواصل معها الرياض رصدت هذه القضية التي شارك فيها ثلة من النقاد والشعراء فكانت هذه الآراء. الناقد الدكتور سلطان القحطاني أبدى دهشته من الجوائز التي تمنح خارج المملكة ودعا إلى إنشاء جائزة باسم أحد شعرائنا وقال أيضاً: تعتبر الجائزة قيمة معنوية قبل أن تكون مادية، وهذه القيمة تعتمد على الجهة المانحة، فهناك جوائز منحت وليس لها قيمة لما يشوبها من ضعف في أمانة الجائزة وضعف في مستوى الجهة المانحة لما يسيطر عليها من الأفكار المنحرفة كالبوكر التي تمنح من جهات غير معروفة، اما الجوائز العالمية المحترمة فتقوم على هيئات لها قيمتها العلمية، ومراجعات وتمحيص من مختصين لقطع الشك فيما يحيطها من شكوك علمية وفنية، فجائزة نوبل، وجائزة الملك فيصل وجائزة الملك عبد الله في الترجمة كلها مسندة إلى كفاءات علمية مؤهلة، ولا تقف عند رأي واحد وليس لها اتجاه أيديولوجي الإيديولوجيا، والهدف واحد هو علمية الموضوع وصاحبه، ومسئولية الجهة المانحة اختيار لجان التحكيم والمراجعة، وجوائزنا التي تمنح كل عام خارج المملكة لم تعد علينا بفائدة، كجائزة باشراحيل، وجائزة محمد حسن فقي، وجائزة الدكتور عبد المحسن القحطاني، ولا أدري هل السبب في عدم منح أصحابها تراخيص في الداخل، أو أن السبب يعود لأصحابها وجائزة عكاظ من ضمن الجوائز العربية منحت لشعراء من خارج السعودية، ومن حقهم ذلك ما دام أن لجان التحكيم رأت ذلك وأدخلت الأعمال كلها في ميدان العارف: الأولوية المطلقة للإبداع المحلي والمبدع السعودي الطويرقي: هذه الجوائز المهاجرة لا مشروعية لها داخل لوائح الأندية المنافسة الفنية وتوافر فيها علمية محايدة، وحبذا لوكان الأخوة العرب يحذون هذا الحذو في جوائزهم المحدودة داخل حدود الدولة الواحدة، فمتى نتخلص من هذه الأقلمة، فربما أن أولئك لم يقرؤا أعمالنا الإبداعية والنقدية التي يدرس بعضهم طلابه منها، وقد أصبحت المملكة تفخر بنقادها الذين يشاركون في المؤتمرات ويحكمون أعمال النشر والترقيات للأخوة العرب، وبالرغم من ذلك لم نر شيئا من هذا !!! وأقترح أن يكون لعكاظ جائزتان، إحداهما لأبناء الجزيرة العربية باعتبار عكاظ نشأت في الجزيرة العربية ما قبل اسلام وصدرت هذه الكنوز إلى العالم، والثانية عربية باعتبار الجزيرة العربية وخاصة وسطها الذي أخذت منه اللغة وكون شعراؤه المعلقات نتيجة الحراك الشعري في هذا السوق، فمتى نرى جائزة باسم شعرائنا في القديم والجديد. أما الشاعر الأستاذ حسن الزهراني رئيس نادي الباحة الأدبي فقد ألقى بالائمة على أدبائنا وشعرائنا لأنهم لم يتفاعلوا مع جائزة النادي وذكر كذلك: في البدء الأدب لا يعترف بالحدود والجنسيات والفئات والمذاهب والديانات هو فضاء إنساني يتسع لكل المبدعين أقول هذا وأنا أعلم أنه لم يغب عن ذهن أستاذنا أبي فراس عندما طرح السؤال وأشاركه هنا حسرة كل مثقف سعودي عندما يرى غياب الأديب والمبدع السعودي عن كثير من جوائزنا المحلية وأتسأل معه ومعكم لماذا وماهي الأسباب. ودعوني أتحدث عن تجربتنا الأخيرة في نادي الباحة الأدبي حيث طرحنا عنوان ومحاور (جائزة نادي الباحة الأدبي الثقافية) في نسختها الثانية والتي كانت بعنوان (الشعر العربي في الألفية الثالثة) ونشر العنوان والمحاور في جميع صحفنا المحلية وكثير من الصحف الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وتناقله كثير من الأدباء السعوديين والعرب في صفحاتهم وحساباتهم الإلكترونية الخاصة منذ شهر ربيع الأول من العام الماضي 1435? = 2014م وكان موعد الجائزة والمهرجان في غرة رجب من نفس العام ثم أجل إلى مطلع هذا العام ووصل النادي 11 بحثاً لم يكن من بينها بحث لناقد سعودي.. ولن أبوح بسر إذا قلت أننا بعثنا بصفة خاصة لمعظم جامعاتنا بمنشور الجائزة الذي يحمل عنوانها ومحاورها وشروطها ومواعيدها إضافة إلى الدعوات الخاصة للمشاركة مني ومن أعضاء المجلس رغبة منا في أن يشارك في المنافسة أكبر عدد من نقادنا الكبار الذين تزخر بهم جامعاتنا وأكثر من هذا أنني ضمنت لمن تواصلت معهم أن يوصل النادي إليه كل ما يحتاجه من دواوين سواء من اصدارات النادي أومن أي جهة أو حتى على المستوى الشخصي للشعراء بحكم علاقاتي الواسعة وتواصلي مع شعراء المملكة والوطن العربي ولقد كانت بعض الأعذار صادمة وهي تتحدث عن صعوبة الجائزة ومحاورها وغير ذلك. ومع هذا فقد تقدم للمسابقة أسماء عربية كبيرة وبحوث قيمة وبشهادة الجميع وكانت نتيجة التحكيم عادلة وأشاد كثير من نقادنا المحليين بالبحوث الفائزة والتي تمكن النادي بحمد الله من طباعتها وتوزيعها مع حفل توزيع الجائزة ووقعت أثناء أيام المهرجان.. كما لا يفوتني أن أشير هنا وللإنصاف إلى أن جائزة نادي الباحة الأدبي الثقافية في نسختها الأولى (1433? -2012م) والمصاحبة لمهرجان الشعر العربي الأول بنادي الباحة الأدبي فاز بها باحثان سعوديان هما الدكتور عبدالرحمن المحسني من جامعة الملك خالد والدكتور محمد عبدالله الشدوي من جامعة طيبة، من بين تسع دراسات تقدمت للجائزة من داخل المملكة وخارجها وكانت الجائزة مخصصة لدراسة شعر شعراء أبناء منطقة الباحة. في حين طالب الناقد والشاعر الدكتور يوسف العارف إلى تقسيم الجوائز الأدبية إلى محلي وعربي وقال أيضاً: أعتقد أن السبب الرئيس يكمن في انفتاح القائمين على هذه الجوائز من أندية أدبية، ومحكمين، ومستشارين على الأفق العربي وتجاوزهم الفضاء المحلي السعودي على اعتبارات عدة أهمها التأثر بالقومية العربية، والانفتاح على الإبداع العربي, والرغبة في الامتداد نحو المبدع في الأقطار المجاورة. ولكن كل هذا لا يشفع لهم - في نظري - فالأولوية المطلقة تستوجب الاهتمام بالشأن المحلي والإبداع والمبدع السعودي الذي لم يأخذ حقه حتى الآن، فالمطلوب أن تكون جوائزنا الثقافية لمبدعينا السعوديين ففي إنتاجهم ما يدعو للتشجيع والتحفيز والتطوير والاستدامة. وإن كان لابد من الانفتاح العروبوي فأرى أن تقسم الجائزة إلى مجالين مجال يقتصر على الإبداع السعودي، ومجال يتوسع ليشمل البلاد العربية برمتها. إن مقولة جحا أولى يلحم ثوره تنطبق على ما أدعوا إليه فكم من جائزة ثقافية سعودية راحت إلى غير مبدعينا المواطنين والحجة أن السعودي لم يتقدم للجائزة أو لم يبلغ إنتاجه لمستوى الجائزة وضوابطها ففاز بها شقيقه العربي. فإن كانت الأولى فالتساؤل لماذا لم يتقدم السعودي للجائزة؟!! وإن كانت الثانية فإنها الطامة، ولهذا أدعو أصحاب الجوائز من أندية ومستشارين ومحكمين أن يبذلوا الجهود لاستقطاب المبدعين السعوديين لجوائزهم ولا يكتفوا بالإعلان عن ذلك ليتحقق المطلوب. ولا مانع من حجب الجائزة إذا لم تبلغ الأعمال السعودية المقدمة لمستوى الجائزة وضوابطها ولعلي هنا أخص بالذكر جائزة امرئ القيس بنادي القصيم وجائزة السنوسي بجازان وجائزة الثبيتي بنادي الطائف وجائزة نادي الباحة. وهنا أشيد بجائزة محمد حسن عواد بنادي جدة الأدبي التي تستهدف المنجز الإبداعي السعودي وأتمنى أن تحذو بقية جوائزنا المهاجرة وتقتدي بنادي جدة الأدبي. من جهته ذكر الشاعر المعروف طلال الطويرقي أن بلادنا ملأى بالمبدعات والمبدعين في كل الفنون، وأن القيمين على هذه الجوائز يبحثون عن مشروعية عربية لها وأضاف أيضاً: أعتقد جازما أن دروا رئيسا أنيط بالأندية الأدبية عند تأسيسها ويتمثل في دعم الأدب والثقافة في أنحاء البلاد بشكل عام ودعم المواهب الشابة من المبدعين لخلق فضاء ثقافي وأدبي يليق بمكانة بلادنا العزيزة. ومن هنا فما يثار حول تجيير كثير من الجوائز الأدبية في أنديتنا الثقافية والأدبية يحوي كثيرا من المنطقية والواقعية، فبلادنا ملأى بالمبدعات والمبدعين في شتى مجالات المعرفة والأدب والفنون والعلوم، وكل هذه الكوادر التي نراها تشتعل تميزا وتلقى التقدير من جهات وجامعات عالمية في شتى أنحاء الأرض، ومن هنا يتبادر لذهني سؤال كبير: لماذا تذهب جوائزنا الأدبية تحديدا إلى خارج هذه الأرض الولود؟ وكما تبدو لي الإجابة: إن كثيرا من القيمين على هذه الجوائز يبحثون لها عن مشروعية عربية بشكل ما، فنراها تحلق خارج فضاء إبداعنا الثري في زمن تلاشت فيها نظرية المركز والأطراف التي كانت تشكل هاجسا للبعض. ومن هنا فكل هذه الجوائز التي ترصدها الأندية وتسافر خارج الحدود هي في حقيقة الأمر لا مشروعية لتأسيسها داخل لوائح الأندية نفسها، فكيف ابتكروا تأسيسها وتمويلها من أموال بالكاد تفي تغطية نفقات هذه الأندية؟ أرجو أن يشعروا بمسؤوليتهم تجاه هذه العقول والمواهب قبل أن أقول الأموال التي أتومنوا عليها وعلى إنفاقها في تنمية الثقافة الوطنية قبل كل شيء. د. يوسف العارف أ. حسن الزهراني أ. طلال الطويرقي