تصوير - المحرر .. ثلاثة أيام تلاقى فيها الشعر بالتكريم والوفاء.. وعاشت (الباحة) خلالها تظاهرة ثقافية جمعت مبدعي المشرق العربي مع رصفائهم من المغرب العربي، وتفاعلت قريحة (60) شاعراً وناقداً بالإبداع في أجمل صورة، فتردد صدى الكلمة العذبة فوق جبال السروات، ليشكل نجاحاً جديداً باهراً لصاحب الضيافة (نادي الباحة الأدبي) الذي نظم مناسبتين في مناسبة.. وهما جائزة نادي الباحة الثقافية، والمهرجان الشعري.. (البلاد) عاشت أجواء المناسبة، وهنا تقرير مصوّر لما دار فيها، وما جرى على ضفافها من فعاليات ولقطات وجوانب أخرى مختلفة. تكريم الشعراء بدأ (عرس) الباحة الثقافي مساء السبت 19 شوال 1432ه بتكريم الشعر، في حفل بهيج أقيم في قاعة الأمير الدكتور فيصل بن محمد بن سعود، برعاية كريمة وحضور من صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز، أمير منطقة الباحة، الذي أكد في كلمة له بالمناسبة على أهمية اللغة والشعر، متمنياً سموه أن تكون جائزة الباحة الثقافية دافعاً لتعزيز وتشجيع المواهب الشعرية. أما رئيس النادي الشاعر حسن الزهراني فقال في كلمته: "تتوالى أعراس الثقافة في الباحة الثقافة، مستعيداً بذلك التظاهرة الثقافية التي شهدتها المنطقة العام الماضي في مجال السرد والرواية، وموضحاً أن مناسبة هذا العام جمعت أطياف الإبداع من مشرق الوطن العربي إلى مغربه، وألقت الشاعرة السودانية روضة الحاج قصيدة شعرية مفعمة بالإبداع. وخلال الاحتفال تم تكريم الفائزين بجائزة الباحة الثقافية في عامها الأول (القيمة الإجمالية لها مئة ألف ريال) (موزعة على أربعة محاور 40 الفاً ثم 20 ألفاً من الثاني غلى الرابع) وفاز بالجائزة الأولى د. عبدالرحمن المحسني ومقدارها 40 ألف ريال عن بحثه (توظيف التقنية في العمل الشعري - شعراء منطقة الباحة نموذجا) وفاز بالجائزة الثالثة د. محمد عبدالله الشدوي ومقدارها 20 ألف ريال عن بحثه (شعراء من الباحة بين الشكل والتأثير).. وحجبت الجائزتان الثانية والرابعة لعدم وجود أعمال تتوافق مع متطلباتها. هذا وقام النادي بتكريم الشاعر الراحل بلغيث عبدالله، وكذلك المؤسسات الحكومية والأهلية والرعاة للجائزة، كما دشن سمو أمير الباحة حجر الأساس لمباني النادي الجديدة والتي ستقام على جبل شهبة. نبلاء وأوفياء وكانت ل(البلاد) لقاءات مع عدد من الفعاليات المشاركة في المناسبة، وتحدث معي أولاً الشاعر المصري الدكتور (محمد أبو دومة) فقال: أنا أعشق هذه المنقطة - منطقة الباحة - والتي هي جزء من المملكة العربية السعودية، كما أنني أدين بالفضل بعد الله إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي استطاع رعاه الله أن يطيب قلبي، بعدما أهملني الذين كنت آملهم، فكان الملك عبدالله بحق هو الذي فعلاً طبّب قلبي وسكن فيه، وسكنت معه في بلده ومع أهلها، فأنا والله مدين للرجل الكبير والزعيم الإنسان الملك الحكيم الطيب، الذي تكفل بعلاجي في المستشفى التخصصي بالرياض، وأعاد لي بذلك بهجة الحياة، فجزاه الله خير الجزاء. وأضاف د. أبو دومة: الواقع أن هذه أول زيارة لي إلى منطقة الباحة، وشرفني الأستاذ الشاعر حسن الزهراني رئيس النادي الأدبي بالدعوة، وهي المناسبة التي كنت أحلم بها، والحمد لله لقد تحققت زيارة بلد طيب، أهله كرماء وأوفياء ونبلاء، ولقد رأيت هنا وخلال مشاركتي مع إخواني وأخواتي الشعراء والشاعرات والنقاد في احتفالية جائزة نادي الباحة الأدبي، رأيت تجربة جميلة مليئة بالإبداع، وبالمناسبة نحن في مصر نسميها تجارب الأقاليم، ودائماً ما تكون تجارب ممتازة، وحافلة بالإبداع من أدباء الأقاليم، الذين يعتبر أدبهم الأنقى والأصفى، وأدب الأقاليم أو القرى أو البلدات غالباً ما يكون هو الأصدق، والأكثر تميزاً من الذين أكلتهم المدن، أوأكلت المدن قلوبهم، ودائماً ما أردد وأقول : إن المبدع إجمالاً هو الذي يكتبه المكان. ملتقى جميل وقال الشاعر السعودي (محمد جبر الحربي) : إن حضور هذه المناسبة كان بدعوة رسمية من النادي الأدبي بالباحة، ولقد وجدت المناسبة ملتقى جميلاً حافلاً بالإبداع والوفاء.. وأنا في الواقع لا أحب الظهور المتكرر الكثير برغم ما أتلقاه من دعوات كثيرة، لأنني في الحقيقة مؤمن بأن كثرة الظهور ليست عملاً جيدا، وخصوصا لمن ليس لديه جديد، فما فائدة أن ألقي قصيدة هناك، ثم ألقيها في مكان آخر بعد فترة قريبة، ولكن إذا جاء الجديد ظهرت، وأضاف رداً على سؤال عن آخر إنتاجه: صدر لي قبل أكثر من عام (زمان العرب - تنويع منفرد على بحر العرب). وقال الشاعر الحربي: بالنسبة للشباب ورداً على سؤالك فأنا أرى أن تتاح الفرصة من أوسع الأبواب لكل المواهب، وعلى الأندية الأدبية في المملكة أن تحتضن هؤلاء وتدعمهم، ثم بعد ذلك فإن الموهوب سوف يواصل شق طريقه، وسيجد أن تجربة تزداد نضوجاً من مرة إلى أخرى، أما غير الموهوب فإنه سيتوقف. علامة مضيئة وقالت الشاعرة والإعلامية السودانية (روضة الحاج) : أعتقد أن جائزة الباحة الثقافية واحدة من العلامات المضيئة في سفر المنجز الإبداعي السعودي العربي، وأعتقد ان مشاركة حوالى (60) شاعراً وشاعرة وناقداً في هذه التظاهرة الثقافية الكبيرة، هو دليل أكيد على ثقل الاحتفالية على المستوى العربي وليس السعودي فقط، ودليل على العافية لدى الثقافة العربين وإصرارها على التماهي المتواصل مع الإبداع والتألق والحضور، وهذا في الواقع ما يؤكد على نجاح الجائزة، وعلى جهود النادي الأدبي بالباحة. وأضافت الحاج قائلة : وخلال جولتي على المعرض المصاحب للاحتفالية، وعلى قسم الكتب، فقد أدهشتني حقيقة عناوين الكتب وإصدارات نادي الباحة، والتي كانت تتحدث عن نفسها، وعن قيمة المخرج والجهود المشتركة المبذولة من النادي من ناحية، ومن جملة المبدعين من ناحية أخرى. تألق ونجاح وتحدث معي الدكتور الشاعر (أحمد قران) فقال: ما قدمه النادي الأدبي بالباحة هو إنجاز إبداعي يسجل له، وما جائزة الباحة الثقافة التي نظمها النادي إلا دليل حي على التألق والسعي الحثيث إلى حصد النجاح وراء النجاح، وأنا بدوري أحيي رئيس النادي حسن الزهراني وزملاءه أعضاء مجلس إدارة النادي وكل الفعاليات التي شاركت من داخل وخارج المملكة، لما قدموه من عطاء جميل أثرى المناسبة، ومنحها ألقاً كبيرا، وهذا في الواقع من الأشياء التي تجعل نفرح كثيراً، ونفخر أكثر كون الفعاليات السعودية صارت قادرة فعلاً على وضع بصمات قوية على خريطة الثقافة العربية. شفافية التحكيم وتحدث معي الدكتور (حافظ المغربي) رئيس قسم البلاغة والنقد بجامعة المنيا في مصر، وعضو لجنة تحكيم جائزة الباحة، فقال: جاءت جائزة الباحة الثقافية في عامها الأول، احتفاء بمنطقة تغص بالشعراء المبدعين، ليس على مستوى منطقة الباحة، وإنما على مستوى السعودية ككل، لان هؤلاء الشعراء خير من يمثل المملكة. واضاف د. المغربي: لكن ثمة مشكلة وهي بالمناسبة مشكلة مزمنة انها معضلة ان حركة النقد في احايين كثيرة لا تلاحق وفق تميز الشعراء جودة في القراءة، وهذا في الواقع ما جعل اللجنة وما أعلنت عنه في موضوعية تامة، ومن دون ان نعرف نحن المحكمون بالطبع اسماء النقاد الذين تقدموا للجائزة، والمؤكد ان ما يحمد للنادي الادبي بالباحة ان اعضاء اللجنة لم يكن يعرفوا اسماء بعضهم بعضاً، وهذا في الواقع مما اضفي على تحكيم الجائزة الكثير من الشفافية والمصداقية. تحفيز الأدباء وقالت الكاتبة والشاعرة (زينب غاصب) انا اتحدث معك الآن بعد ان شهدت اول اصبوحية في مهرجان الباحة الشعري، والواقع انها كانت اصبوحية جميلة، وحضرها عدد من فطاحلة الشعراء العرب مثل المنصف المزغني والدكتور احمد قران وغيرهما.. وكانت قد حظيت بحضور جيد من الجمهور كذلك. واضافت غاصب قائلة: بالنسبة للجائزة ككل فهي فعالية جميلة، ولقد كانت حافلة بكل عوامل التحفيز وبروح وجوهر الابداع من قبل الادباء والاديبات والمشاركين في تظاهرة الباحة، والجائزة صارت بالفعل هدفاً للكثير من الادباء والاديبات للحصول عليها من خلال التنافس الخلاق، وابداع الكلمة، والتحكيم الجيد، الذين من خلال يمكن في كل عام كشف من يستحقونها. إنجاز غير مسبوق وقال الشاعر (عبدالمحسن الحقيل) : إن هذه المناسبة لا تحسب لإدارة النادي الأدبي بالباحة ولا لرئيس النادي، حيث يستحيل أن تتكرر 54 شاعراً في يومين، هذا إنجاز غير مسبوق وغير ملحوق، إضافة إلى أجواء الباحة، في أجواء شعرية توازي هذا الجمال. واضاف الحقيل: يبدو ان الطبيعة تخلق امزجة اهلها، فابناء الصحراء مثلاً مزاج عدد كبير من اهلها قاس وردهم جاهز والغضب حاضر، بينما ابناء الباحة تجد لديهم السماحة، والرفق والطيبة، وأظن ان ما جرى في الباحة من تظاهرة شعرية كان فعلاً ابداعياً رائعاً من كل الوجوه. مكسب الثقافة وقال الناقد د. حاتم التهامي الفطناسي من جامعة تونس تعتبر جائزة الباحة الثقافية مكسب للثقافة والابداع في السعودية، التي تعيش حراكاً ثقافياً لافتاً للانتباه، مما يجعلها بشكل من الاشكال محجاً للثقافة العربية والمبدعين العرب.. وقال الفطناس مضيفاً: ان الجائزة هي كذلك مكسب لمبدعي الباحة ومثقفيها، وهي تلفت الانتباه الى خصوصياتهم، وتبرز حرصهم على تكريم الشعر والشعراء والاحتفال بالمتميزين منهم بطريقة علمية اكاديمية وشفافة، وشهدت بها لجنة التحكيم وشهد بها جمهور الناس. واضاف وهذه المناسبة موعد آخر اقامه النادي الادبي بالباحة للاحتفاء بالابداع بعد ان عقد موعداً سنوياً آخر للاحتفاء بالرواية، وبهذا تتكامل هذه الجهود وتتواشج لتجعل عمل النادي ريادياً ولتحيل برامجه الى فاعله.