بحضوري في محل تجارة، جاء تاجر بخور (طِيْب)، وحدد سعر الكيلو، غير أن المشتري المحتمل اشترط على البائع أن ينتقي الكيلو حبة بحبة. ورفض البائع قائلا : لو أعطيتني ثلاثة أضعاف السوم لن أدعك تختار، بما يعني أن نسبة من الكمية غير جيدة أو لنقل غير صالحة أو حتى كونها من أعواد الخشب المطليّ. سألت وبحثت وتعبت.. فوجدت أن المبخرة وكذلك عملية البخور ليستا من الرموز العربية أو الإسلامية. شكل المبخرة يقترب من تصميم الأديرة ومقرات الرهبان والمتنسكين. ولم يتغيّر ذلك الشكل مع الزمن. إذا تسنى لك ودخلت مطعماً شرقياً في الغرب. فأول ما ستراه - لزوم الديكور - هو مبخرة.. تلفتُ نظرك بكبر حجمها.. وكأنها قِدر من دلائل الكرم. أو أنها جفنة.. كبيرة.. "بجفانٍ كالجواب". واسم البخور بالانجليزية INCENSE. أما المبخرة فأطلقوا عليها عبارة INCENSE BURNER أي وعاء إحراق البخور. ولن آتي هنا إلى مسألة غلاء المادة.. وصعوبة التمييز بين ما هو جيد منها وما هو غير ذلك. لكنني سوف آتي إلى ما كُتب عن العادة أو الممارسة. فهي - أي عملية التبخير - بدأت من الكنائس والاحتفالات الدينية. وقد اعتبرها الأقدمون من أهم الأمور التي تُرضي المعبودات والأصنام. كذلك كان الوثنيون يطرحون البخور على مواقد أمام الأصنام. وكان الكهنة لا يقبلون القرابين بدون بخور. وتحاط مواكب القداسات بغمامة من البخور. ومسألة التبخّر هذه أوجدت أزمة ذات مرة. فجرت العادة أن يبخَّر الشعب في الكنيسة مرة واحدة. فطلب الأعيان والنبلاء أن يبخّروا على دفعتين - تمييزاً عن العامة -. وبقيت هذه العادة في فرنسا إلى القرن الثاني عشر. وكان ينتج عنها مخاصمات كثيرة بين الأعيان.. فيصل بهم الأمر إلى التداعي في المحاكم. لمراسلة الكاتب: [email protected]