يقال إن جزيرة العرب سوق بيع ولا أقول سوق خصبة للطيب ودهن العود والبخور. حتى إن متوسطي الحال لا يشعرون أنهم أكرموا ضيوفهم ما لم يطلقوا دخان البخور الغالي، ويجعلون المبخرة تدور والدخان يتصاعد منها. العادة تلك لا توجد في مصر والشام والعراق ومكانها الخليج والجزيرة العربية. العبق طيّب دون شك، لكنه من أعلى المشتريات. عجز الغرب أن يجد اسماً للمبخرة، فسماها حارقة الرائحة العبقة INCENSE BURNER الكلمة الثانية تعني المضرم. أما المعنى الثالث للكلمة الأولى INCENSE فيأتي بمعنى «التملق»!! سبب غلاء البخور هو رائحته الطيبة أولاً ثم شحه ثانياً، فهو لا يوجد الا في أماكن قليلة من جنوب وشرق آسيا. والملاحظ أن الغرب الذي يعتبر نفسه فياضاً متدفقاً بالثروة ونمط الحياة لا يجد في البخور متعة، حتى العطور الفرنسية يأخذون عليها ضرائب باهظة في انجلترا لأنها لا تعتبر من ضرورات العيش ويقل استعمالها بين الناس، أما عندنا هنا فالناس يستعملون العطور الأوروبية في كل الأوقات.. والشباب والشابات يستعملونها في المكتب، والمدرسة، والجامعة ومضامير المشي والركض وعند الذهاب لحفلة زواج واجتماع عزاء. شخصياً أحصل على إيماءة بوجود عنصر نسائي أو شبابي إذا ركبت المصعد ففيه الروائح الفواحة من كل لون. سمة لافتة فعلاً في بلدان الخليج دون غيرها.. المسك، والزباد، والخنّة اختفت ولم يبق إلا دهن العود ودهن الورد، العطور الفرنسية طردت «الزباد» وهو مثل ال «كريم» يستخرج من غدة حيوان اسمه «زيفيتا» civet. وأظنها أصل كلمة «الزباد».. علينا أن نفكر كيف نواجه متطلبات حياتنا الضرورية، ونترك البريق الذي يثقل كاهل ميزانية الأسرة.