كشفت بعض الإحصاءات أنّ عدد الحوادث في المملكه بلغت ما يقارب (86.000) حادث مروري سنوياً، تتسبب في وفاة ما يقارب (17) شخصاً يومياً، وتختلف الأسباب لتلك الحوادث، إلاّ أنّ استخدام الجوال أحد أهمها، إن لم يكن متصدراً للقائمة، حيث يلاحظ المتابع للشوارع انتشار التحدث بالهاتف الجوال بين كثير من السائقين وبشكل لافت للنظر، بعد أن نسي أو تناسى هؤلاء المخاطر الكبيرة والمآسي التي أحدثها استخدام الهاتف الجوال. وقد يحاول بعض السائقين ادعاء قدرتهم على السيطرة على السيارة اثناء استخدام الجوال، رغم أنّ الدراسات قد كشفت أنّ أنظار السائقين تتشتت عن الطريق في (10%) من الزمن الذي يقضونه خلف المقود، وأنّ غالبية هذا التشتت يعود إلى استخدام الجوال، وهو ما يتسبب بزيادة كبيرة في معدلات الحوادث، خصوصاً بين الشباب والمراهقين، في حين لا تبدو الزيادة كبيرة بين كبار السن الذين يقودون منذ سنوات طويلة. وتأتي المطالبات لتشديد العقوبات على هؤلاء المستهترين بأرواح الآخرين على الطرقات، وعدم الاكتفاء بتحرير مخالفة قيمتها (150) ريالاً، خصوصاً وأنّ نسبة صغار السن الذين يقودون المركبات قرابة (87%) من طلاب المرحلة الثانوية، والمتعرضين للحوادث يمثلون (38%)، حيث إنّ استخدام الجوال يزيد من خطر التسبب بحادث بمعدل الضعف بالنسبة للسائقين المتمرسين، وتتضاعف المعدلات بشكل كبير عند السائقين الجدد، لتصل إلى ثمانية أضعاف فيما يخص إجراء عملية الاتصال، وأربعة أضعاف فيما يخص كتابة الرسائل النصية، كما أنّ محاولة الوصول للموبايل لتلقي الاتصال تزيد من خطر الحوادث بسبعة أضعاف. تطبيق حازم وذكر "د.طلال بن حسن البكري" -عضو مجلس الشورى سابقاً- أنّ الإنشغال بالهاتف المحمول أثناء القيادة آفة جديدة تضاف إلى غيرها من مفسدات القيادة في شوارعنا، خصوصاً مع ما تتسبب به من حوادث مرورية لا تقتصر أضرارها على المتسببين فيها، بل تتجاوزهم إلى أبرياء لا ذنب لهم فيها سوى مرورهم بمركباتهم بالقرب من هؤلاء العابثين، مبيّناً أنّ "من أمن العقوبة أساء الأدب"، لافتاً إلى سبات المسؤولين عن تطبيق الأنظمة حيال هذه الممارسات المتهورة، متعجباً من بعض المواطنين الذين يحترمون أنظمة الدول التي يزورونها، وينكصون على أعقابهم إذا ما عادوا إلى بلادهم، معتبراً أنّ السبب في ذلك عدم وجود حزم في تطبيق النظام؛ مما زاد من جرأة المستهترين على تلك المخالفات. وأضاف أنّ الانشغال بغير القيادة أثناء سير المركبة فيه الكثير من المخاطر التي يجب أن يعاقب عليها نظام المرور؛ للحد من الكوارث المرورية، وإلاّ فإنّ الأمر سيتطور ليصبح ظاهرة يصعب التغلب عليها مستقبلاً، مستشهداً بالمآسي المرورية التي يذهب ضحيتها سنوياً ما يفوق ضحايا الحروب، فيما يحمل الدولة ملايين الريالات لعلاج المصابين في تلك الحوادث، ناصحاً الشباب: "يا شباب الوطن أنتم عماد بلادكم بعد الله، فلا تهلكوا أنفسكم وراعوا في قيادتكم المركبات اﻷنفس البريئة التي تقتل دون ذنب، وكونوا قدوة لغيركم في الالتزام بالأنظمة المرورية في بلادكم، كما تلتزمون بأنظمة الدول الأخرى عند زيارتكم لها؛ لترسموا صورة مشرقة عن بلادكم وعن ثقافتكم". حلول حديثة وأكّد "علي موسى هشلول" –إعلامي- أنّ محاصرة هذه الظاهرة ضروري جداً؛ لما لها دور كبير في حوادث السيارات التي زادت بمجرد انتشار وسائل التواصل، حيث بات من الطبيعي أن تقابل العشرات يومياً ممن يستخدمون الأجهزة وهم يقودون سياراتهم، موضحاً أنّ عملية المتابعة والغرامات قد لا تستطيع السيطرة على هذه الظاهرة السيئة، مطالباً بالبحث عن حلول حديثة تواكب التقنية؛ لأنّ الحلول الكلاسيكية باتت مستحيلة التنفيذ بسبب كثرة هذه الممارسات، إلى جانب زحمة الطرقات التي تساهم في لجوء السائق لجهازه، مقترحاً إيجاد تقنية حديثة تتمثل في جهاز يُفرَض على كل صاحب سيارة تثبيته في داخل مركبتة، حيث يقوم هذا الجهاز بالتشويش على الإتصال، ومن لا يركبه تفرض عليه غرامة مضاعفة، مشيراةً إلى أنّ هذا سيجبر صاحب المركبة الذي يرغب في الاتصال على الوقوف لإجراء مكالمته. استخدام السماعات ونوّه "أحمد سعيد أبوحسان" -مستشار إعلامي، مدرب بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني- بأنّ استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة ظاهرة سيئة وغير محمودة العواقب، مشيراً إلى أنّ ضعف تطبيق العقوبة المرورية لاستخدام الهاتف أثناء القيادة زاد من استخدامه، مطالباً الجهات المختصة بالإسراع في إدراج عقوبات أكثير تشدداً كما في الدول المجاورة، لافتاً إلى أنّ العام 1428ه شهد إثارة جدل حول اتجاه المملكة إلى حظر استخدام الهاتف الجوال أثناء قيادة المركبة، في خطوة تهدف إلى تقليل الحوادث، لا سيما في ظل إحصاءات تشير إلى أنّ (25%) من الحوادث كانت بسبب الانشغال في المحادثة الهاتفية أثناء القيادة، مشيراً إلى أن هناك دولاً تشترط استخدام السماعات حال الرغبة في الاتصال، وتمنع نهائياً استعمال الهاتف أثناء القيادة. الرسالة الأخيرة وأوضح "أنس بن محمد الجعوان" -مستشار ومدرب تنمية بشرية وتطوير ذات- أنّه عندما نشاهد مركبة تترنح وتتنقل من مسار إلى آخ نتأكد أنّ سائقها يستخدم الجوال، مبيّناً أنّ هذا عادةً ما يؤدي إلى الحوادث القاتلة التي يروح ضحيتها أبرياء، معتبراً أنّ شخصية الفرد المخفية تتضح من خلال قيادته للسيارة، فهي تظهر انفعالاته العصبية، وتجاوزاته، وعدم احترامه للآخرين، أو العكس، متسائلاً: ماهي هذا الرسائل التي ستفوت عليك لو لم ترد عليها إلاّ عندما تتوقف؟ ربما تكون رسالتك الأخيرة. مخالفة مرورية وبيّن "إبراهيم بن صالح الغفيلي" -مشرف الأنشطة بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني- أنّ استخدام الجوال أثناء قيادة السيارة خطر كبير جداً يجب تفاديه، لافتاً إلى أنّ الكثيرين يعلمون ذلك ولكن يستخدمونه دون النظر في عواقب ما يفعلون، ضاربين بالقوانين والنظم عرض الحائط، مؤكّداً أنّ استخدام الجوال يفقد السائق تركيزه على الانتباه للطريق، وقد يتسبب بمخالفات مرورية غير بسيطة، مطالباً بضرورة أن تحرر مخالفات مرورية فورية، لكل من يستخدم الجوال أثناء القيادة، معتبراً أنّ هذا الحل الأمثل للحد من هذه الظاهرة، من أجل تجنب الوقوع في أي مشاكل أو مخاطر مرورية. عقوبات صارمة وشدد "عبدالله بن حسين البشري" على أنّ استخدام الهاتف الجوال أثناء قيادة السيارات أصبح من الظواهر المألوفة في المجتمع، وعندما تلاحظ السائقين في إشارات المرور تدهشك، حيث ترى الكثير يمسكون مقود السيارة بيد والجوال باليد الأخرى، لافتاً إلى أنّ البعض منهم يعتقد أنّ هذه قمة المهارة في القيادة، بينما يحاول البعض الآخر إعطاء انطباع للآخرين عن مدى أهميته، منوهاً بأنّ ذلك له أضراره وانعكاساته السلبية؛ لأنّ من يقود سيارته وهو يستعمل الجوال يتشتت انتباهه، ولا يمكنه الحفاظ على أنظمة وقواعد السلامة المرورية، ولاحتى أن يحافظ على حياته وحياة الآخرين، ناصحاً الجميع بأن يؤجلوا الرد على المكالمات حتى الوصول، أو الوقوف في مكان مناسب، مع تجنب عرقلة السير، مشدداً على ضرورة أن تسن عقوبات صارمة ضد المستهترين بأرواح البشر. استخدام الجوال والقيادة ليست مهارة يمكن الوقوف جانباً والرد على الاتصال المهم يمكن أن تكون الرسالة الأخيرة د.طلال بكري علي هشلول أحمد أبوحسان أنس الجعوان إبراهيم الغفيلي