هل سيكون الإنسان الآلي (الروبوت) هو المنقذ الذي يخلص اليابان من تحدياتها الكبرى؟ لست أتحدث عن الروبوتات المقاتلة وروايات الخيال العلمي، ولكن الحديث عن مستقبل اليابان والروبوت من منظور إداري واقتصادي... كيف ذلك؟ هذا ما سنعرفه في مقالة اليوم.. نبدأ من توصيف المشكلة،، في الواقع تواجه اليابان مشكلة كبرى تتمثل في تناقص أعداد المواليد!! ويتم إغلاق ما بين 400 إلى 500 مدرسة يابانية للتعليم العام سنوياً بسبب عدم وجود طلاب يدرسون فيها. ووصل الأمر إلى أن تعلن فرق بحثية في عام 2014م أن هنالك (مدن يابانية محتملة الزوال) بسبب تناقص أعداد السكان!! واعتمدت الحكومة مؤخراً رؤية طويلة الأجل تهدف لأن تحافظ اليابان على تعداد سكاني يتجاوز 100 مليون نسمة بعد خمسين عاماً من الآن... لكن ما الذي يعنيه انخفاض عدد السكان؟ هنالك عدة مشاكل ومنها: 1) شيخوخة المجتمع بحيث تصبح غالبية المجتمع من كبار السن المحتاجين للرعاية، 2) انخفاض القوة العاملة في القطاعات الصناعية والخدماتية وغيرها، 3) الأثر السلبي على قوة اليابان الاقتصادية. إذن ما الحل؟ هنالك عدة سياسات ممكنة ومنها فتح اليابان للعمالة الأجنبية، تأخير سن التقاعد وفتح المجال أكثر لمشاركة المرأة اليابانية في المجتمع.. وتبقى سياسة أخرى طرحها عام 2014م (سون ماسايوشي) رئيس شركة (سوفت بانك) وهي الاعتماد على الإنسان الآلي لتصبح اليابان الاقتصاد الأول عالمياً.. كيف يمكن ذلك؟ تتلخص الفكرة في المعادلة الرياضية (القدرة التنافسية للدولة = الإنتاجية * القوة العاملة)، وإذا ما نظرنا للقوة العاملة ففي الوقت الذي يعمل فيه الإنسان العادي ثماني ساعات يومياً فيمكن للروبوت نظرياً أن يعمل 24 ساعة متواصلة دون كلل أو ملل، وبكلمة أخرى فروبوت واحد يعمل مثل ثلاثة من بني البشر!! من ناحية أخرى إذا نظرنا للقوة العاملة البشرية في قطاع التصنيع في أكبر أربعة اقتصادات عالمية عام 2050م فستكون حسب عدد من التقديرات بحوالي 70 مليوناً في الصين و10 ملايين في كل من الهندوأمريكاواليابان. ولكن إذا استطاعت اليابان أن تطور الروبوتات الذكية القادرة على تعويض أماكن البشر وبلغ تعداد هذه الروبوتات في قطاع التصنيع 30 مليون روبوت فسيعني هذا، بحساب أن الروبوت يعدل ثلاثة من البشر في ساعات العمل، وجود 90 مليون عامل إضافي وستمتلك اليابان ما مجموعه 100 مليون عامل في قطاع التصنيع من البشر والروبوتات. ونأتي للإنتاجية وتكلفة العمال الشهرية حيث يبلغ معدل الرواتب الشهري للبشر بالدولار الأمريكي 3300 في أمريكا، 2500 في اليابان، 700 في الصين و300 في الهند. أما الروبوت الياباني فلن يتجاوز راتبه أكثر من 170 دولاراً أمريكياً في الشهر فقط!! وبهذه الحسبة يمكن لليابان عام 2050م أن تحقق أعلى ناتج قومي إجمالي وتحتل المرتبة الاقتصادية الأولى عالمياً!! ولاشك أن هذه الخطة تواجه تحديات من أهمها تطبيق دول أخرى وخصوصاً أمريكا لنفس الفكرة في استخدام الروبوتات، ولكن ما يميز اليابان حالياً هو التقدم التكنولوجي وتركيز أبحاثها على استخدامات الروبوت الصناعية والمدنية بينما تتجه الكثير من أبحاث الروبوت الأمريكية للتطبيقات العسكرية.. وأعرض عليكم نتائج دراسة صدرت في نوفمبر 2014م لجامعة أكسفورد ومؤسسة (ديلويتي) وتفيد بأنه خلال عشرين عاماً فهنالك احتمالية كبيرة لأن يفقد 35% من العمال في بريطانيا وظائفهم بسبب إحلال الروبوتات والأنظمة الذكية مكان بني البشر.. وما ينطبق على بريطانيا قد ينطبق أيضاً على السعودية والعالم العربي.. فهل نحن مستعدون؟