على بُعدِ رحلة بحرية شاقة من جنوب أفريقيا ومونديالها، يلتئم جمع صغير من زجاج وحديد وكهرباء وذكاء، ليتابع تحدياً هائلاً انطلق منذ العام 1997. وهناك تلتقي الربوتات لتلعب كرة القدم، مُعلنة بأعلى صوتها أن أقل من أربعة عقود تفصلها عن تحقيق التحدي الذي أطلقته رابطة علمية تهتم بصنع رجال آليين يمارسون رياضة كرة القدم. ويقول التحدي: «مع حلول عام 2050، يظهر فريق ذكي من الروبوتات، تحاكي صفاته البشر في مهارات كرة القدم، لكنه يقدر على هزيمة أي فريق بشري»! إنها مسابقة «روبوكاب» Robocup. ويتصدر تحدي الروبوت للبشر الموقع الإلكتروني لمسابقة «روبوكاب» («روبوكاب. أورغ» robocup.org) على الانترنت. ويتمثّل جديد الموقع في هذا المونديال، انه بصدد صنع موقع مستقل لهيئة تشرف على مونديال الروبوت، وتحمل اسماً «روبوكاب فيدريشن» RoboCup Federation، على غرار اسم رابطة «فيفا» التي تدير مسابقات كرة القدم عند البشر. وبالعودة الى المسابقة السنغافورية، يُذكر أن مسابقتها تمتد بين 19 و25 حزيران (يونيو) 2010. ويستضيفها «مركز صنتيك الدولي للمعارض والمؤتمرات». وقد صنع معهد «سنغافورة بوليتكنيك» موقعاً مستقلاً لهذا الأولمبياد الآلي، تحت إشراف الرابطة التي تُدير مسابقة «روبوكاب». ويلاحظ أن نص التحدي غائب عن موقع مونديال سنغافورة، فهل ثمة إحباط حيال تحقيق حلم الروبوت بالتفوق على البشر، أم أن للأمر أبعاداً أخرى؟ ويذكر أن مونديال الروبوت المقبل يستضاف في إسطنبول بين 4 و11 تموز (يوليو)، ذلك أنه مسابقة سنوية، على غير مجريات الأمور لدى البشر. وتذكيراً، يجدر عدم الخلط بين «روبوكاب» ومسابقة «روبوت كاب» Robot Cup التي تسعى الى هدف مغاير (بالأحرى معاكس) لمسابقة «روبوكاب». إذ تحاول مسابقة «روبوت كاب» دراسة القدرات المعرفية عند البشر، باستخدام الروبوت. الركل رافق السير مشياً في حين لا تلعب منتخبات مونديال البشر سوى نوع مفرد من الكرة، فإن مسابقة كرة القدم في «روبوكاب» تتضمن ستة أنواع مختلفة من المنافسات. وتتضمن منافساتها الكروية فئات «المُحاكاة الافتراضية» و«روبوكاب من المنزل» و«الربوت الشبيه بالبشر» (تتضمن نوعين من المباريات، أحدهما للروبوت الطفل والأخرى للإنسان الآلي المراهق)، و«الآلات ذات القوائم الأربعة» و«الانسان الآلي المتوسط الحجم» و«الربوت الصغير القامة». ومن المهم ملاحظة أن «روبوكاب» لا تقتصر على كرة القدم وفئاتها الستة. إذ يضاف إليها مسابقة عن ألعاب الإنقاذ (تشمل فئتي «الإنقاذ بالمحاكاة» و«آلات الإنقاذ»). وتشارك دول عربية في «روبوكاب 2010»، لكن أياً منها لا يشارك في مسابقة «الروبوت شبيه البشر»، التي تعتبر الحدث الأهم فيها. وتتصدر شركة «فيستو» Festo قائمة الشركات الراعية لمونديال «روبوكاب 2010»، وتعمل جميعها في مجال الكومبيوتر والاتصالات الذكية. وتلي «فيستو» «سيتيزن» Citizen «ألدباران» Aldebaran «سايبربايوتكس» Cyber biotics «غوستاي» Gostai. وثم تأتي شركات تساهم في رعاية المسابقة مثل «أس تي كاينيكس»ST Kinetics إضافة الى «ناشيونال إنسترومنتس» National Instruments و «سيسكو ستيستمز» Cisco Systems و «3 أم» 3M «سنغ تل» Sing tel «غريد» Grid وغيرها. وحقق الروبوت سبقاً على البشر، في 2002، حين نقلت الانترنت مباشرة مسابقة «روبوكاب»، التي استضافتها اليابان وكوريا على غرار المونديال البشري! وحينها، تولّى موقع خاص أنشأته شركة «كاي بي سي» اليابانية أمر هذا البث الشبكي. وفي مونديال الروبوت للعام 2002، تحققت خطوة كبرى على طريق تطوّر الانسان الآلي. إذ لعبت الروبوتات تلك المسابقة منتصبة على قدمين، على غرار مشي البشر قبل أحقاب طويلة. وأضيفت فئة الروبوت المتطور من النوع المسمى «هومينويد» Hominoid (= «شبيه البشر»)، الى الفئات الأربع التي تألفت منها مسابقة كرة قدم الرجال الآليين قبلاً. وسرعان ما أصبحت مسابقة الروبوت «شبيه البشر» درة التاج في مسابقة «روبوكاب». وفي فئة الروبوت «شبيه البشر»، يلعب رجال آليون يزيد طولهم على متر ونصف المتر ويسيرون على قدمين. ويخوضون منافسة «رجل ضد رجل» ويتبارون في تسديد خمس ركلات حرة. ولعل بعضها «تمتم» في سِرّه: «إنها ركلة صغيرة لآلة، ولكنها قفزة هائلة بالنسبة لنسل الروبوت». وهذا على وزن الجملة الشهيرة لرائد الفضاء نيل ارمسترونغ عندما وطأ سطح القمر عام 1969 «انها خطوة صغيرة لرجل، لكنها قفزة هائلة للإنسانية»! وفي تلك السنة التي أرّخت للسير المنتصب للروبوت على ملاعب كرة القدم، رفع الروبوت الياباني «ناغارا» راية «بلاده» في «الدورة السادسة من «روبو كاب فوكوكا-بوسان 2002». وتفوق «ناغارا» على السنغافوري «تاو بي بي»، الذي حل ثالثاً، وأقصى الياباني الآخر «سين شان» الى المركز الثاني. وبكل آسف، تجري مسابقة «روبوكاب» 2010، من دون مشاركة أي دولة عربية في هذه الفئة، فيما تظهر أسماء تركيا وإيران والهند في الفئة نفسها. وتعتبر مسابقة «المحاكاة» الأقدم بين فئات «روبوكاب». ويتسابق فيها بشر بواسطة لاعبين افتراضيين مصممين بواسطة الكومبيوتر. وتشبه هذه الفئة ممارسة الألعاب الإلكترونية في كرة القدم، التي تروج بشدة في أوساط الشباب والمراهقين. وكذلك شهد مونديال «كوريا- اليابان» للرجال الآليين، استحداث فئة «فرق الإنقاذ». وتضم هذه الفئة فرقاً من روبوتات تتنافس في مجال عمليات الإنقاذ، مثل البحث عن الضحايا بين ركام مبنى منهار. وحققت إيران بطولة هذه الفئة. وتخاض منافسات هذه الفئة على طريقة الألعاب الإلكترونية. وتتألف الفرق من روبوتات رقمية من صنع الكومبيوتر، مثل شخصيات ألعاب الأطفال. وتتبارى هذه الروبوتات الافتراضية في منافسات افتراضية. وفي كل لعبة، تظهر على شاشة الكومبيوتر صوراً تمثل كارثة ما، مثل حريق أو انهيار مبنى ضخم أو ما شابه ذلك. وتقوم الروبوتات الافتراضية بعمليات الإنقاذ. ويرافق هذه المسابقات، منافسة مخصصة للمراهقين، «روبوكاب جونيور» التي تتضمن مسابقات في كرة القدم والرقص والإنقاذ. [email protected]