بالأمس عادوا ليضربوا الأرض مجدداً، بسيقان من حديد ذكي، فتردد الملاعب الخضراء صرختهم انهم سيبرعون في اللعبة الأكثر رواجاً بين بني الإنسان، ويصير لهم فريق لا يهزم مع حلول العام 2050. وللوصول الى أصحاب التحدي القوي، على المسافر بحراً ان ينطلق من رأس الرجاء الصالح (وهو الاسم الجغرافي القديم لمدينة «كايب تاون» في جنوب افريقيا)، ليتابع سفره باتجاه الهند. ولن يترسم خطى البحار البرتغالي الشهير فاسكو دي غاما، بل يفارقها ليخوض في مضيق ملقا وصولاً الى جزيرة سنغافورة الصغيرة. وهناك، في «مركز سنتك الدولي للمؤتمرات والمعارض»، سيشاهد التحدي بأم عينه: مسابقة «روبوكاب 2010». وفي هذه المرّة يلعب الروبوت كرة القدم، بعد ان سار خطوات كبرى في طريق تقليد قدرات البشر في الذكاء والحركة الجسدية. وفي المسابقة المخصصة لكرة القدم للروبوتات الشبيهة بالبشر، التي تتألف مبارياتها من خمس ركلات جزاء على مرمى يحرسه روبوت، يتنافس رجال آليون قطع صنّاعهم أشواطاً كثيرة في تقريبها مما يؤديه جسد الإنسان، خصوصاً الروبوتات من فئات «ناو» و»نيمرو» و»غراز» و»كيريو» وغيرها. واللافت أن هذه الأنواع من الإنسان الآلي تتمتع أيضاً بقدرات ضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي، لأنها مزوّدة بكومبيوترات قادرة على التعلّم ذاتياً، وتعتبر من الإنجازات الأكثر تقدّماً للذكاء الاصطناعي. وفي سنغافورة، تجمعت فرق للروبوت يزيد عددها على ال 450، وفدت من قرابة خمسين دولة. (راجع ص18) والحق ان مسابقة الكُرّة المخصصة للروبوتات من النوع المُسمى «هومينويد»(شبيه بالبشر)، تعتبر واسطة العقد في هذا الحدث «الكروي». وتأتي هذه الفرق الآلية من تايوان وألمانيا وسنغافورة والمكسيك وإيران وتشيلي واليابان والولايات المتحدة وهولندا وتايلاند. ولا يحضر في قائمة المتنافسين روبوت من بلد عربي، على رغم مشاركة مصر والسعودية في أنواع أخرى من المنافسات التي تشتمل عليها «روبوكاب 2010». وما زالت هذه المسابقة تتيح مجالاً للروبوتات التي تسير على قوائم أربع، مثل الروبوت- الكلب «أيبو»، بل تفرد لها مسابقة خاصة بها. والمعلوم ان العام 2002 شهد مشاركة أولى من نوعها للروبوتات التي تسير على قدمين. وتتضمن «روبوكاب» مسابقات أخرى لهذه الروبوتات الراجلة التي تُصنّف فئاتها بالاعتماد على طولها. وكالعادة، يرافق المونديال الروبوتي منافسة متنوّعة تنهض بها أنواع من الروبوتات تصنعها أيدي الشباب، وتسمى «روبوكاب جونيور». وتشتمل مسابقات هذه الروبوتات الشبابية على الرقص والإنقاذ، إضافة الى كرة القدم. اختتمت تسعينات القرن العشرين على هزيمة مدوية للبشر أمام الآلة في مجال الذكاء، إذ هزم الكومبيوتر «ديب بلو» لاعب الشطرنج العبقري غاري كاسباروف. ومنذ ذلك الحين، لم يعد البشر قادرين على هزيمة الكومبيوتر في أحد الحقول التي طالما تفاخروا بأنها تعبّر عن الذكاء والبراعة في التفكير. هل يتكرر الأمر نفسه في كرة القدم، التي تتضمن مزيجاً حساساً من الذكاء والبراعة في الحركة الجسدية؟ وحينها كيف تسير العلاقة بين الإنسان والروبوت؟ سؤال قد لا يطول الزمن قبل ظهور الإجابة عنه!