لقد فعلت حكومة خادم الحرمين الشريفين خيرًا عندما استجابت لنداء الواجب والضمير نداء الإخوة فتبرعت لإعادة بناء المدارس المهدمة، فأطفال غزة لهم الحق في التعليم والحياة مثل بقية أطفال العالم، ومساعدتهم واجبة وليست منّة. في العدوان الصهيوني الأخير على غزة، شاهدنا نساءً فلسطينيات وهن يدعون دعوات مؤسفة تخرج من قلوب مكلومة، لكن اولئك الناس المحاصرين شعروا بالخذلان بعدما تخلى عنهم القريب والبعيد، وهم يواجهون الهمجية الصهيونية وحيدين ويرون بيوتهم ومساجدهم تهدم فوق رؤوسهم، وأحباؤهم يقتلون أمام أعينهم. هذا وضع مأساوي لا يمكن أن يتحمله إنسان ذو ضمير. وقد مرت أشهر على العدوان، ونسي العالم عذابات أهل غزة وتركهم يداوون جراحهم بأنفسهم، وينامون بين ركام بيوتهم المهدمة. لقد نسيهم العالم لأن هناك من فتح مشاهد جديدة في مسرحية إلهاء الشعوب العربية والإسلامية عن قضية فلسطين. وأصبح العالم يتابع ما يجري في عين - العرب كوباني وجبل سنجار وتحرير اليزيديين المحاصرين والدمار الذي تلحقه عصابات الحوثيين المدعومة من النظام الإيراني باليمن وهجمات طائرات التحالف على مواقع "داعش"، وأخيرًا، إسقاط طائرة مقاتلة أردنية ووعد "داعش" بإرسال رأس قائدها هدية إلى الأردن في عيد رأس السنة الجديدة، كما قالت. لا يجادل اثنان في أن العالم الغربي يكيل بمكيالين على الرغم من كل الشعارات الكاذبة التي يرفعها عن العدالة والقانون الدولي ومحاربة الإرهاب وحقوق الإنسان، وكأن الإنسان العربي والفلسطيني بالذات ليس إنسانًا. لو كان هذا العالم الغربي يؤمن حقًا بهذه الشعارات لضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي وإجبارها على إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية، ولديه الكثير من وسائل الضغط التي يمكن أن تجعل إسرائيل تتوقف عن عدوانها ومصادرتها لأراضي الفلسطينيين لبناء مستوطنات لليهود المرتزقة المتوافدين من مختلف أنحاء العالم. إن العالم الغربي يستطيع أن يفعل ذلك، فقد فرض حصارًا وعقوبات على روسيا وهي أقوى من الكيان الصهيوني بمختلف المقاييس، فلماذا لا يفعل ذلك مع عصابات تل أبيب المغامرة؟ السبب في ذلك هو المسيحية الصهيونية والإرهاب اليهودي ضد كل من يعرض سياسة إسرائيل واتهامه بمعاداة السامية وهي الكذبة التي خدعوا العالم بها. لقد أعطى العرب كل التنازلات الممكنة أملاً في حل القضية الفلسطينية التي مر عليها أكثر من ستين عامًا. لكن حكومة إسرائيل رفضتها لأنها دولة مارقة لا تريد السلام. كما رفضت المبادرة الفرنسية الأخيرة، على الرغم مما فيها من اختلالات، لأنها تعتمد دائمًا على الفيتو من الحليف الأمريكي.