في محاولة لوضع حد للتكنهات التي بدأت تنتشر كالنار في الهشيم مع انتحار اللواء غازي كنعان وزير الداخلية السوري، وفي محاولة للإجابة على أسئلة دغدغت عقول الكثيرين حول كيفية ووقت وقوع عملية الانتحار والأداة التي استخدمت ..أعلن المحامي العام الاول في دمشق محمد مروان اللوجي انتهاء التحقيق في حادث وفاة كنعان الذي شيعته دمشق أمس بحضور كبار الشخصيات في الدولة بأن حادث الانتحار تم بمسدس خاص باللواء من نوع سميس بكرة عيار 38 مم، وكشف الخبر الذي نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية عن أن النتيجة سابقة الذكر تم التوصل إليها بعد أن أجرت لجنة التحقيق الخبرات الفنية والخبرة الطبية الشرعية الثلاثية على الجثة والبصمات، وأوضح المحامي العام «انه بالكشف الحسي على جثة السيد وزير الداخلية والخبرات الفنية التي اعقبتها والمشاهدات الحسية في المكتب الخاص به والاستماع إلى اقوال الشهود من العاملين في المكتب وهم مدير مكتبه وحجابه ومرافقوه تأكد بأن حادث اطلاق النار هو انتحار حيث اقدم اللواء كنعان على وضع فوهة مسدسه المذكور في فمه واطلق النار منه»، وفسر اللوجي كيفية حدوث الانتحار مؤكدا بأن التحقيقات بينت ان اللواء كنعان وصل إلى مكتبه حوالي الساعة التاسعة والربع من صباح يوم الاربعاء الماضي ومارس عمله كالمعتاد ثم غادر المكتب حوالي العاشرة صباحا حيث ركب سيارته وقادها بنفسه وخرج باتجاه منزله ومكث فيه لمدة بسيطة عاد بعدها إلى مكتبه في مبنى وزارة الداخلية واضاف المحامي العام انه بعد خمس دقائق سمع حاجبه الخاص صوت طلق ناري خفيف فحضر مدير مكتبه ووجد اللواء كنعان ملقى على الارض مستلقيا على ظهره خلف مكتبه وشاهد المسدس الخاص به بيده اليمنى واصبعه على الزناد ويده على صدره وكان لا يزال على قيد الحياة ويتنفس بسرعة وجسمه يختلج وعلى الفور تم اسعافه إلى مشفى الشامي بدمشق وادخل غرفة العناية المشددة حيث فارق الحياة بعد عدة محاولات لانعاشه. وعلى الرغم من الإجابة على الأسئلة المتعلقة بكيفة ووقت حدوث عملية الانتحار يبقى السؤال الأهم دون إجابة وهو لماذا أقدم اللواء غازي على الانتحار؟ ناهيك عن أسئلة أخرى تتعلق بمدى علاقة الاغتيال بالتحقيق الذي يجريه ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق بجريمة اغتيال الحريري علما أن الكثير من المصادر الفرنسية والأمريكية أكدت عدم وجود أدلة تؤكد تورط سورية في عملية الاغتيال؟ بدليل ما تحدث به الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية آدم ايرلي عن عدم قناعته بوجود اي رابط بين انتحار وزير الداخلية السوري والتقرير المرتقب صدوره عن رئيس لجنة التحقيق الدولية بجريمة اغتيال الحريري «من المستحيل وجود علاقة بين الامرين»، مشيرا إلى ان بلاده تعرف ما سيتضمنه التقرير. ....الخ. هذا وقد تزامن انتحار وزير الداخلية السوري مع إجراء الرئيس بشار الأسد مقابلة مع تلفزيون cnn نفى خلالها بشكل قاطع وجود أي علاقة لسوريا بمقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وشدد على أن «رفيق الحريري كان داعما للدور السوري في لبنان، ولم يكن أبدا ضده.. وتورط سوريا مناقض للمنطق.. وقد تعاونا مع لجنة التحقيق الدولية.. ونحن واثقون من أن سوريا بريئة، وليس هناك حتى الآن ما يثبت تورط سوريين.. فلا علاقة لنا بهذه الجريمة.» وأجاب بكل صراحة على السؤال الذي يردده اللبنانيون بشكل مستمر بأنه هدد الحريري بالقتل وقال «ليس من طبعي أن أهدد أحدا.. أنا شخص هادئ وصريح، ولا أهدد.. ثم لماذا نقتله فهو كان يفعل ما تريده سوريا، ولم يتصرف ضد سوريا! لقد ساعد في تحقيق التمديد (للرئيس لحود)». جدير ذكره أن تشييع كنعان تم بحضور كبار الشخصيات السورية من أعضاء قيادة قطرية وقومية ووزراء شيوخ العشائر العربية والعديد من الشخصيات اللبنانية التي كانت تربطه بهم علاقات صداقة متينة وتم نقل الجثمان من مشفى الشامي بدمشق باتجاه ساحة الأمويين الذي تبعد عن المشفى حوالي 1 كم ثم نقل الجثمان إلى بلدة اللواء كنعان ليوراى الثرى وكان رئيس تحرير صحيفة الديار اللبنانية أكد بأن اللواء كنعان باح له عن تشييده لمقبرة خاصة به وزرع حولها اشجارا واوصى بنقل رفاة والديه إلى منطقة القبر وقام ايضا بنقل اغراضه والسيف الذي تسلمه من الكلية العسكرية و وضعها في المقبرة تحت التراب . إلى ذلك أكد فاروق الشرع وزير الخارجية السوري قبيل تشيع جثمان الراحل اللواء غازي كنعان بأن الذي ساهم في انتحار كنعان بعض وسائل الإعلام، وعتب الشرع في تصريح صحفي على استمرار بعض وسائل الإعلام في اتهام سورية بعملية اغتيال الحريري «كما ساهم في اغتيال اللواء كنعان ما تسرب من لجان التحقيق ظلما وبهتانا عن أشياء لم تحصل واضاف الشرع بأن ميليس وعد سورية بأن ينفي كل شيء لم يحصل في تلك اللقاءات (في إشارة منه إلى التحقيق الذي تم مع عدد من المسؤوليين السوريين) وادعت وسائل الإعلام أنه أوردها وشدد بأن سورية بانتظار ما سيرد على لسان ميليس وتمنى وزير الخارجية السوري أن تستفيد وسائل الإعلام «من التجربة المريرة التي مررنا بها وتحاسب على موضوعيتها ومصداقيتها» ووصف الكلمة بالرصاص وقال «عندما تستخدم وسائل الإعلام الكلمة كأنما تستخدم الرصاصة» وشدد الشرع بان النظام في سورية قوي جدا ومؤمن بمبادئة بشكل راسخ وتحقيق ميليس سيظهر ذلك كونه لم يجد شيئا يدين سورية وكرر بأن بعض وسائل الإعلام ما تزال مصرة على اتهام سورية واعتبارها مشتبها به، ونفى الشرع أن يكون لدى كنعان أي شكوى من النظام السوري وقال إن السيد كنعان كان يشكو من تجني بعض وسائل الإعلام «ظهر ذلك واضحا في اليوم الذي سبق عملية الانتحار». في سياق ذي صلة أعلن حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سورية (معارض) تأجيله نشر بيانه الختامي الذي كان مقررا أمس الخميس إلى الخميس القادم وعزا الأمر إلى الظروف الطارئة التي تمر بها سورية في إشارة منه إلى حادثة انتحار اللواء غازي كنعان وزير الداخلية السوري. واتجه أمس موكب تشييع وزير الداخلية السوري اللواء غازي كنعان في اتجاه بلدة كنعان بحمرة حيث سيوارى الثرى، وفق ما افاد مراسل وكالة فرانس برس. ولم يلف نعش كنعان بالعلم السوري كونه انتحر باطلاق النار في فمه من مسدسه في مكتبه في وزارة الداخلية بدمشق. وانطلق الموكب الذي رافقته عشرات السيارات الرسمية بينها سيارة رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري من مستشفى الشامي على جبل قاسيون المطل على دمشق حيث كان الجثمان موضوعا. وزينت سيارة الاسعاف التي اقلت الجثمان باكاليل زهر بينها اكليلان باسم الرئاسة السورية ومجلس الوزراء. ووضع الجثمان في سيارة الاسعاف في حضور العديد من المسؤولين يتقدمهم رئيس الوزراء محمد ناجي العطري ووزراء الدفاع حسن تركماني والخارجية فاروق الشرع والاعلام مهدي دخل الله ورئيس هيئة اركان الجيش والقوات المسلحة العماد علي حبيب وعدد من ممثلي احزاب الجبهة الوطنية التقدمية ورؤساء المنظمات الشعبية والنقابات وعدد من اعضاء مجلس الشعب وذوي الفقيد. وكنعان (63 عاما) الذي تولى حقيبة الداخلية منذ تشرين الاول - اكتوبر 2004 ولد في بلدة بحمرة في محافظة اللاذقية (شمال غرب). وكان بين المسؤولين السوريين الذين استجوبتهم لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في نهاية ايلول - سبتمبر. في بيروت أشاد رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط بوزير الداخلية السوري اللواء غازي كنعان الذي أعلن في دمشق أمس الأول عن انتحاره في مكتبه في العاصمة السورية، ووصفه انه كان من الحرس القديم في سوريا الذي كان معارضاً للتمديد للرئيس اللبناني أميل لحود خشية وقوع سوريا في فخ القرار 1559 مشيراً ان كنعان كان أقصي عن ملف لبنان في مرحلة التمديد وهو تعرض للخيانة من أقرب المقربين إليه، من دون ان يسمي أحداً. لكن جنبلاط قال قد يطعن بشهادته باللواء كنعان إذا ما تبين في التقرير الذي يعده المحقق الدولي ديتليف ميليس في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري معطيات أخرى. واستهل جنبلاط مؤتمره الصحافي بالتذكير بالمحطات الكثيرة التي عرف فيها غازي كنعان، بدءاً من مواجهة المشروع الإسرائيلي ومعركة الجبل ومعركة السادس من شباط - فبراير واسقاط اتفاق السابع عشر من ايار (مايو) ووقف حروب الميليشيات في بيروت، وكذلك معركة سوق الغرب التي أدت إلى الطائف - وأيضاً بدعمه للمقاومة الوطنية والإسلامية. ورأى جنبلاط ان تقرير لجنة التحقيق الدولية سيفصل في دور كنعان حيال جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وكان جنبلاط قد عقد صباح أمس مؤتمراً صحافياً في دارته في المختارة، عرض فيه لمعرفته الشخصية بالوزير كنعان وقال: إذا كان كنعان يتحمل مسؤولية ما في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، فحسناً فعل في انتحاره، وإذا كان شعر بمهانة لكرامته فإنه عمل شجاع لرجل شجاع». لكنه استدرك بالقول: انه يمكن ان يطعن بشهادته في اللواء كنعان إذا تبين في التقرير الذي يعده المحقق الدولي ديتليف ميليس معطيات أخرى، ورفض جنبلاط للاسترسال لاحقاً في الاجابة على اية اسئلة. إلا انه نوه بالحرس القديم في سوريا، الذي كان كنعان أحد أركانه وقال انه اعطى لسوريا دوراً عربياً ودولياً مميزاً. وأشار جنبلاط إلى توتر حصل بينه وبين اللواء كنعان عندما انتخب الرئيس لحود لرئاسة الجمهورية، في العام 1998م ثم أقصي الرئيس رفيق الحريري من رئاسة مجلس الوزراء. وقال انه (أي كنعان) حاول تلطيف للاجواء بين الرئيس الحريري وجنبلاط من جهة وبين القيادة السورية من جهة ثانية ونجح في مراحل معينة وفشل في أخرى. من جهتها شكك قسم من الصحف اللبنانية أمس وفي مقدمها صحيفة «المستقبل» التي تملكها عائلة الحريري في الرواية الرسمية السورية لانتحار وزير الداخلية السوري غازي كنعان الذي كان لفترة طويلة رجل سوريا القوي في لبنان. وكانت السلطات السورية اعلنت الاربعاء انتحار غازي كنعان في مكتبه في دمشق. وعنونت «المستقبل»: «غازي كنعان نحروه أم انتحر؟». واكدت الصحيفة ان موت كنعان ياتي قبل ايام على نشر نتائج لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري المرتقب قبل نهاية الشهر الحالي. وقالت صحيفة المستقبل «ان اللواء كنعان الذي شغل مواقع رئيسية في النظام ويعرف الكثير عن آلياته، هو شاهد على الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، إما انه قالها للمحقق الدولي ديتليف ميليس وإما انه كان يمكن أن يقولها في أي لحظة». واضافت «في هذا الاطار، تصبح حادثة وفاة غازي كنعان، عملية قتل متعمّدة من قبل النظام بهدف إزالة حلقة رئيسية في الحقيقة». وتابعت ان «الوفاة انتحاراً أو قتلاً تعني ان دمشق وخلافاً لما كانت روّجته خلال الأيام الماضية من ان ملف تحقيقات ديتليف ميليس فارغ، تعلم علم اليقين انه ليس كذلك وان النظام متورط في (مكان ما) بالجريمة». وكنعان الذي كان المسؤول عن الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان لمدة 20 عاما كان يقيم علاقات جيدة مع رفيق الحريري الذي اغتيل في 14 شباط - فبراير في بيروت. وقد استمعت اليه لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الحريري بصفة «شاهد». وتساءلت صحيفة «لوريان لو جور» الناطقة باللغة الفرنسية «هل انتحر او ارغم على الانتحار؟» معتبرة ان «الرواية الرسمية السورية غير مقنعة». وكتبت الصحيفة «هل كان مرسوما له ان يكون كبش محرقة نظام يواجه محنة؟» مشيرة إلى ان بعض الاوساط السياسية اللبنانية لا تتردد في الحديث عن فرضية «القتل». من جهتها كتبت صحيفة «النهار» الواسعة الانتشار «جاء اعلان الانتحار في مرحلة خطرة تمر بها سوريا اذ تتعرض لضغوط أميركية قوية لتغيير سلوكها حيال العراق ولبنان». واضافت «ومن المؤكد ان رحيل كنعان يأخذ معه كثيراً من الاسرار والألغاز والملفات». وشددت وسائل الاعلام اللبنانية المقربة من سوريا على فرضية اصابة كنعان باكتئاب لا سيما بسبب الحملة التي تعرض لها وخصوصا الاتهامات بالفساد. إلى ذلك قالت صحيفة البيرق اللبنانية أن انتحار وزير الداخلية السوري اللواء غازي كنعان لايتوقع أن تكون له انعكاسات على الوضع في لبنان وحتى على التحقيق الدولي وانما يرتبط بشوون سورية .. مشيرة إلى أن بعض الذين كانوا يزورون كنعان في الآونة الأخيرة كانوا ينقلون عنه استياءه من طريقة التعامل مع قضايا المرحلة التي تواجهها سوريا في الداخل والخارج. ونقلت الصحيفة في عددها الصادر أمس عن مصادر لم تحددها أن كنعان انتحر فعلا وهو عكس ذلك عندما اختتم تصريحه لاذاعة صوت لبنان بقوله هذا آخر تصريح يمكن أن أدلى به00مشيرة إلى أن هذا التطور المفاجىء إلى جانب مهمة لجنة التحقيق الدولية وطلب التمديد لها سيكون محور البحث الرئيسي في جلسة مجلس الوزراء اللبناني اليوم. وأوضحت أن موضوع التمديد للجنة مازال يشهد نقاشا لم يحسم مدى صلاحيات لبنان في طلب التمديد في وقت تشير المعطيات إلى أن هذه الصلاحية هي ملك رئيس اللجنة دون سواه وفقا لقرار مجلس الامن 1595 الذي اتاح للجنة أن تكون مدة المهمة المكلفة بها ثلاثة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة اذا وجدت ذلك ضروريا.