كان حوارا مثيرا جدا في لحظة مخطوفة من زحام العمل لشرب فنجان قهوة والتأمل المشترك. نخطئ حين نظن أن التأمل حالة فردية أو انعزالية مع الذات، أحيانا تحتاج لنديم تأملي يساعدك على طرح الأسئلة ومشاهدة أبعاد الصورة المختلفة. لنعترف أولا بأننا كبشر كائنات معقدة ولا أقصد التعقيد كصفة سلبية بل كصفة تدل على كمية الألغاز التي نحملها داخلنا ونحتاج لدراستها واستكشافها، فنظامنا الحيوي معقد ويصعب فهمه، ومازلنا نجهل الكثير عن وظائف أعضائنا الجسدية وعن دور كثير من البروتينات التي تجري في عروقنا. مازلنا نقف محاولين إعادة فهم كيفية عمل حواسنا نحاول أن نفسر التفاعلات الحيوية داخل أجسادنا حسب القوانين الفيزيائية وليس قوانين الكيمياء فقط التي تحكم هذه التفاعلات. كما أننا مازلنا نحاول أن نقرأ "الجينوم البشري" هذا الذي عرفنا حروفه المدونة في القواعد البيانية منذ سنوات لكننا مازلنا نحاول أن نجد الجمل الكاملة الناتجة عن هذه الحروف من خلال معرفة تأثير الطفرات في هذه الموروثات على الحالات المرضية ودورها في التأثير على الوظائف الحيوية للمركبات داخل الجسم. ومازلنا نقف مبهورين أمام إعادة صياغة الفكرة العلمية والأسئلة العلمية ومحاولة الإجابة عنها بطرق مختلفة. لذلك كانت الأسئلة التأملية؛ كيف يمكننا الحصول على فكرة بحثية؟ هل يجب أن تكون فكرة مبهرة جديدة؟ وهل كل جديد مبهر؟ وهل الهدف من البحث العلمي هو الإبهار أم محاولة المعرفة؟ فكانت الإجابات مختلفة؛ لكننا توقفنا عند مقولة مؤثرة يقول صاحبها بأن البحث لا يُبنى دائما على الأفكار الابتكارية الجديدة لكنه يحاول أن يصف الفكرة أو يراها بطريقة مختلفة. وبالتالي تصبح طريقة تناولنا للفكرة أو اختيارنا للنموذج العلمي لدراستها هي الأساس، فالأفكار والنظريات موجودة وكل ما عليك فقط هو أن تتأمل فيها وتحاول أن تفكر في جوانبها المختلفة بطريقة مختلفة أو مبتكرة والأمثلة حولنا كثيرة.