البث والاستقبال المرئي والمسموع بات اليوم يمثل هاجسا وشاغلا أساسيا في قطاعاتنا الإعلامية في الوطن العربي، ويثير التساؤلات أمام من يقود دفة الإعلام، ومن يتلقى رسائله من المواطنين وغيرهم، وكذلك أمام من يُشغّل أقماره الصناعية ووسائل التواصل عبر شبكات الإنترنت. على هامش اجتماعات الجمعية العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية الاسبوع الماضي في الكويت تم عقد حوار مهني بعنوان (تنظيم البث والاستقبال الفضائي في المنطقة العربية بين متطلبات الحرية ومقتضيات المسؤولية). ومن خلال هذا الحوار كان هناك محور رئيسي عن واقع هذا البث اليوم وسرعة امتداده، وهنا تمت الاشارة إلى أن هناك ما يقارب 1300 قناة فضائية عربية تبث أو تعيد البث في منطقتنا العربية ما يعني أهمية وضع ضوابط ومعايير تحدد المسؤولية في حماية المجتمع وتنظيم هذا القطاع، مع مراعاة حرية الإعلام وحق المواطن في الحصول على المعلومة. والتساؤلات المطروحة هنا هي: أين تتجلى مكامن النقص والضعف في واقع بثنا الفضائي، وما هي الأسباب التي حالت دون تنظيمه؟ هل هناك نقص في الوعي بخطورة وأهمية البث الفضائي، وما هي حدود الرقابة الداخلية والافتقار إلى الحرية الإعلامية؟ ما هو دور الانتماءات السياسية والفكرية والسبق الإعلامي والإثارة في التحكم في محتوى البث الإعلامي؟ وعلى الرغم من مشاركة عدد من المختصين الإعلاميين العرب في هذا الحوار إلا أنهم وجمهور الحضور خلصوا في نهاية المطاف إلى أن الوضع يبدو أكثر تشاؤما في إمكانية التوصل إلى آليات لتنظيم هذا البث مرجعين السبب في ذلك إلى عدم القدرة على اعتماد وتنفيذ (وثيقة مبادئ تنظيم البث والاستقبال الإذاعي والتلفزيوني عبر الفضاء في المنطقة العربية) والتي انتهى بها المقام في اجتماع وزراء الإعلام العرب عام 2008 م إلى أن توضع على الأرفف العليا كوثيقة استرشادية غير ملزمة للتطبيق. هل يبقى معشر الإعلاميين مكتوفي الأيدي أمام وثيقة لم يكتب لها النجاح والتفعيل والتطبيق، أم أن الحاجة تستدعي أكثر من أي وقت مضى قوانين وتشريعات ومواثيق للشرف الإعلامي ترسم الطريق أمام منهج إعلامي متزن؟ وفي ظل غياب كل ذلك سيكون هناك المزيد من الانحرافات والمنزلقات الي يمكن أن تهدد مجتمعاتنا وتشكل خطرا على قيمها وأخلاق أفرادها. وفي الوقت الذي ننتظر فيه تشريعات محلية ووثائق شرف دولية هل يقف رجال الإعلام وملاك القنوات والمحطات الإذاعية مكتوفي الأيدي، أم أن هناك ما يمكن فعله؟ السيد جواد متقي السكرتير العام لاتحاد الإذاعات الآسيوية أشار في هذا الصدد إلى أمرين مهمين جدير برجال الإعلام التوقف أمامهما وعدم إغفالهما. الأول: جمهور المتلقين الذين يتطلعون إلى محتوى إعلامي متميز يحقق لهم متطلباتهم ويجعلهم ينصرفون عن متابعة أي قناة أو محطة تعمل في إطار رؤية خارجة عن الأعراف والتقاليد والآداب. الثاني: توسيع مدى انتشار وتنوع القنوات والمحطات الإذاعية والتلفزيونية لتكون في متناول الجميع في أي مكان وعدم ترك أي منفذ من الممكن أن يستغله ذوو الميول الهدامة بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة.