تمدُد صور الشعراء الشباب على أغلفة دواوينهم المطبوعة أضحى مظهرًا بارزًا من مظاهر هذه المرحلة، ومظهرًا لتقلص مساحة الشعر الحقيقي في أغلب تلك الدواوين، فالاهتمام الكبير بالصورة الشخصية على الغلاف وبعنوان الديوان يُقابله فقرٌ شعري واهتمام أقل بجماليات المحتوى في كثير منها. ووفرة الإصدارات الشعرية لا يُمكن أن تعد مؤشرًا على حالة النشاط والتعافي في ساحة الشعر بقدر ما تعكس رغبة كثير من الشعراء الشباب في التسويق لأسمائهم بأسلوب مختلف عن أساليب التسويق التي لجأ إليها الشعراء في مراحل سابقة. إذ يُلاحظ أن إغراء منصات التوقيع في معارض الكتاب في وقتنا الحالي إغراء كبير يماثل إلى حد ما إغراء منصات الأمسيات الشعرية أو صفحات المجلات الشعبية التي كانت تخدم الشاعر في مرحلة سابقة، ويدفع هذا الإغراء الشاعر لاستعجال إصدار ديوانه بالرغم من عدم اكتمال مادته الشعرية رغبة في اللحاق بركب الموقعين، كما تدفعه هذه الرغبة إلى محاولة تعويض هذا النقص بعناصر شكلية يظن بأنها ستساعد على تعويض الناقص وتجذب القراء لديوانه. ومن المؤسف أن نجد بعض الشعراء الشباب الذين كان لديهم حرص شديد على خطواتهم الشعرية، وكان لديهم ذكاء واضح في التعامل مع الإعلام واختيار محتوى دواوينهم ومواعيد صدورها، أصبحوا أكثر تسرعًا في إصدار دواوين يقتصر محتواها على المقطوعات غير المكتملة والتغريدات، وهي تغريدات تتفاوت في مستواها الفني، وغرّد الشاعر بكثير منها على عجل وعاد لنشرها في ديوان مطبوع بعجلة أكبر. ولإدراك حجم الضعف، أو التراجع، في مستوى معظم الدواوين الشعرية من المناسب أن نُقارن أيًا منها بدواوين صادرة في مرحلة سابقة مثل (ما ينقش العصفور في تمرة العذق) لبدر بن عبدالمحسن، أو (سيف العشق) لمساعد الرشيدي، أو (الذاهبة) لناصر القحطاني، أو (غشام) لنايف صقر، وعندها سيتجلى لنا مقدار التباين بين دواوين يتوازى فيها اهتمام الشاعر بالمحتوى الشعري وبإخراج الديوان، وبين دواوين يطغى اهتمام شعرائها بمظهر الديوان على اهتمامهم بمادته الشعرية. كما أصبح من النادر اليوم أن تسبق قصائد الدواوين الجديدة مقدمات نقدية يكتبها أعلام النقد أو الشعر كما في الدواوين السابقة، التي لم نكن نستغرب أن نقرأ في مقدماتها لأسماء رائعة مثل: الدكتور سعد الصويان أو الدكتور عبدالعزيز الخويطر رحمه الله ، أو الشيخ عبدالله بن خميس رحمه الله، وغيرهم من المبدعين. أخيرًا يقول شنوف جاسم الهاجري: مذكور مني عد ما بارقٍ لاح بالخير يوم اني تذكّرت ريحه وعساه بالدنيا سعيدٍ ومرتاح وبالآخره مني عسى الله يبيحه