يُعلل بعض الشعراء الشباب استعجال إصدار ديوان شعري مطبوع في بداية مشوارهم مع الشعر بالرغبة في توثيق قصائد البدايات الأولى وحفظها من الضياع، حتى وإن كانت تلك القصائد هزيلة فنياً ولا تحمل أي سمة من سمات الشعر الحقيقي، وربما يكون ضياعها أفضل كثيراً من بقائها؛ ولكن التأمل في العديد من تلك الدواوين يُثبت بأن إصدار ديوان مطبوع لدى بعض الشعراء ما هو إلا شكل من أشكال مُحاولة إثبات الشاعرية وتأكيد الحضور في ساحة الشعر الشعبي، قياساً على الرأي الغريب الذي يعد كل شخص يُصدر كتاباً هو شخص مُثقف بغض النظر عن محتوى كتابه وقيمته المعرفية..! والعيوب والسلبيات التي تُصاحب إصدار الديوان الشعري الشعبي عديدة وجديرة بالإشارة لأكثر من سبب، أهمها التنبيه إليها لتجاوزها ولكون بعض تلك العيوب يقع فيها شعراء يمارسون العمل الإعلامي ومن المفترض أن يكون لديهم وعي أكبر بتأثيرها السلبي على تجاربهم؛ فإصدار ديوان بعدد قليل من القصائد ومن ثم تضخيم حجمه بأي طريقة كزيادة الصفحات (الفارغة) على طريقة تركي الدخيل، أو على طريقة بعض طلاب الدراسات العليا حين يحشون رسائلهم الفقيرة بعدد كبير من المعلومات الهامشية والكلام الفارغ، إيهاماً ببذل جهد كبير وبوجود فائدة علمية غزيرة، أو القيام بإصدار ديوان قديم باسم جديد، وذلك بأن ينشر الشاعر ذات القصائد تحت اسم جديد مكتفياً بإضافة عدد قليل جداً من القصائد الجديدة التي لا تمثل إلا نسبة ضئيلة من إجمالي عدد قصائد الديوان؛ كل هذه الممارسات لا تُفسر إلا بأنها (غش) شعري للمتلقي ينبغي التنبيه إليه ومكافحته..! وفي سياق الحديث عن الإصدارات الشعبية أود الإشادة بالدواوين الشعرية المطبوعة الصادرة مؤخراً عن مشروع (مبادرة) للإبداع الأدبي الذي تبناه ودعمه الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم (فزاع) بالتعاون مع وزارة الثقافة والشاب بدولة الإمارات التي تُعد نموذجاً فريداً في ميدان نشر الشعر الشعبي، وتدل تلك الإصدارات، التي تميزت بفخامتها وجودة إخراجها وشمولها لشعراء من دول خليجية مختلفة، تدل على رُقي واحترام كبير للشعر الشعبي وشعرائه، وكم نتمنى وجود جهة داخلية تدعم إصدار الإبداع الشعري وتخرجه للمتلقي إخراجاً لائقاً بالشعر الشعبي الجيد وبمبدعيه الذين استطاعوا جذب اهتمام الجمهور والإعلام بمستوى ما قدموه ويقدمونه من إبداع. أخيراً يقول المبدع راشد النفيعي: خذ ما تبي من حاجة الشوق مني عشان أحس بلهفتك كل ما جيت ما أعتب عليك إن غبت وابطيت عني أعتب عليك إن جيت ما كنّك أبطيت!