سُمِّيَتْ حالة ما قبل الموت بلحظات الاحتضار وذلك لحضور الملائكة لقبض روح الميت. وفي دراسات علم النفس يكون المرء في حالات الاحتضار أقرب للصدق مع الذات ومع من حوله وعادة ما تكون كلماته الأخيرة أشبه بالاعترافات الكبرى. ومما لا شك فيه أن المسلم المحظوظ سيتمنى في لحظات حياته الأخيرة لو استكثر من الخيرات لتصحبه أمام ربه الرحيم. ولكن بشكل عام فإن الإنسان في حياته قد يفعل أشياء يرى وقت التذكر أنّه كان عليه ألا يفعلها وقد يحجم عن فعل وتصرف ثم يتمنى في حالة الإدراك المتأخر hindsight على فراش الموت انه لم يفعلها. ويوجز لكم هذا المقال خلاصة قراءات في الكلمات الأخيرة لبعض من ماتوا في دول غربية وشرقية وهم يعترفون بأبرز الأشياء التي ندموا عليها في حياتهم التي يعيشون آخر لحظاتها مع من كانوا يدونون اعترافاتهم الأخيرة. يقول النادمون إنهم يتساءلون ويتحسّرون على: أولاً: عدم منح الوقت الكافي للعائلة والاهتمام بتفاصيل اهتمامات الأبناء في طفولتهم. والأعجب كيف فاتت علينا فرص اللعب لوقت أطول مع الأطفال وهم بهجة الحياة ومنبع البراءة. ثانياً: عدم تقدير قيمة الأصدقاء وعدم الاختيار الجيّد لبعضهم الذين كشفت سنوات الشيخوخة معادنهم. والسؤال كيف تجنبنا فرصاً كثيرة ظهر فيها أناس كان يمكن أن يكونوا أصدقاء رائعين؟ ثالثاً: عدم معرفة حقيقة أن السعادة قرار واختيار والانهماك في العمل الطويل على حساب العائلة والترفيه والاستمتاع بأطايب الحياة. رابعاً: إهمال الصحة وعدم الاعتناء بالرشاقة والعادات الصحية في الأكل والسلوك بشكل عام. خامساً: عدم التعبير عن مكنونات نفسية ما أدى في أحوال كثيرة إلى عدم اتخاذ القرار الحاسم في وقته لتغيير ما كان يجب تغييره أو التمسك بما كان يستحق التشبث به في العلاقات والعمل. سادساً: عدم انتهاز تلك الفرص الذهبية القليلة التي أتت لتغيير طبيعة العمل والمدينة نتيجة الخوف من الجديد المجهول. سابعاً: قضاء سنوات من العمر متأثرين بما يقوله الآخرون عنّا في حين أن تجربة العمر اللاحق أثبتت أن لا علاقة لكلامهم بنقص أو زيادة سعادتنا. ثامناً: عدم الاكتراث بأهمية مساعدة الشباب والموهوبين ممن أتى يبحث عن فرصة للنجاح وإظهار الموهبة مع القدرة على ذلك أكثر من مرّة. تاسعاً: عدم توفير المال الكافي لنفقات الشيخوخة وعدم الاهتمام في مراحل الشباب بالتطوع وخدمة الناس في مجالات الخدمة العامة. عاشراً: عدم الإصرار على مواصلة الجهد لتحقيق ما كنّا نصبو إليه وعوضاً عن ذلك استسلمنا للمتوفّر وأهملنا الاجتهاد في تحقيق التطلعات التي كانت رفيقة الحلم أغلب سنوات الشباب. وتأسيساً على ما تقدّم نجد أن مثل هذه العبارات والأماني والحسرات تلخص للقارئ فكرة مجملة عن الحياة عند خاتمتها. وحين تقرأ هذه العبارات فأنت توقن أنها لم تُذكر مجاملة أو لتبييض صفحات بل كانت عبارات وعبرات من عركتهم تجارب الحياة فتلاشت في عيونهم صغار التفاصيل وبقيت أمامهم هذه العناوين الكبرى مودّعة من عاش طويلاً ولم يتفيأ ظلالها إلا قليلاً. مسارات قال ومضى: لا تخشَ الفشل قدر خشيتك من قضاء العمر وأنت لم تركض يوماً في مضمار النجاح. لمراسلة الكاتب: [email protected]