سقوط الموضوعية في نقد «يوسف الأحمد»! إذا كان الشيخ يوسف الأحمد قد تخلى عن عقلانيته وهو يطالب بهدم المسجد الحرام وإعادة بنائه من جديد لتفادي الاختلاط، فإن كثيرا ممن انتقدوه قد تخلوا عن موضوعيتهم عندما اتجهوا لمهاجمة الشخص لا الفكرة، وبدوا كما لو أنهم ينصبون له مشانق لم يكونوا لينصبوها دون محاكمة عادلة حتى لمن ضرب الكعبة بالمناجق أو اقتلع حجرها الأسود من خاصرتها أو سفك دماء الحجاج تحت أستارها!! وصفوا رأيه بأنه فتوى وهو لم يكن يفتي، قالوا إنه طالب بهدم الكعبة وهو لم يأت على ذكرها بحرف واحد، جعلوه أبرهة العصر وهو الذي لم يسير جيشا للهدم أو يحمل معولا، علما بأن الحرم كان وما زال يهدم فيه ويبنى مع كل توسعة، أسقطوا شعارات الرأي والرأي الآخر فتجاوزوا الرد على الفكرة ومقابلة الحوار بالحوار إلى رجم الشخص، فلم يختلفوا في شيء عن الظلاميين وخفافيش الإنترنت الذين اتهموهم دائما بشخصنة الخلافات وتجاوز لغة الحوار ورجم الأشخاص بدلا من مناقشة أفكارهم!! كنت أتمنى أن أجد حماستهم هذه في التصدي لمن أساء لوحي ربهم بالأفلام السينمائية، أو لنبيهم بالرسوم الكاريكاتيرية، أو حتى كتابة حرف واحد ضد من دعا لضرب الكعبة بالقنبلة النووية، لكنها للأسف حماسة محلية تجيد ممارسة الصفع في الداخل و إدارة خد التسامح في الخارج!! كان بالإمكان تجاهل رأي الشيخ الأحمد، كما نتجاهل كل رأي يفتقر للعقلانية يصدر في صحيفة لا يقرأها أحد أو قناة تلفزيونية لا يشاهدها أحد، ونتركه يموت في مهده، أو على الأقل عندما نناقشه.. نناقشه بموضوعية تلتزم بمعايير وآداب الحوار الذي ندعو له كل يوم ونلقن الآخر دروسه، لكن للأسف كانت الرغبة في الرد على صاحب الرأي «الشكل» أقوى من الاهتمام بالرأي نفسه «المضمون»، وكأن زلة الشيخ كانت هدية من السماء!! خالد حمد السليمان عكاظ