رياضة قلّة الأدب !؟ يقول اللاعب سامي الجابر: في إحدى المباريات تحصّلتُ على كرةٍ انفرادية بالمرمى، لم يكن أمامي إلا الكرة والحارس والمرمى، سمعت الأصوات تهدر على مسامعي من كلِّ حدبٍ وصوب:\"شوت، شوت، شوت...\"، فما كان منّي إلا أن أسدّد الكرة لترتطم بالحارس وتخرج فوق المرمى! بعدها سمع آلاف الأصوات تلهج بالدعاء عليه بقواميس ما استقذرته اللغة، واستقبحته المسامع؛ من أجل فرصة ضائعة!. الطريقة ذاتها تعرض لها اللاعب ناصر الحلوي حينما أضاع مجموعةً من الفرص، ولمّا وُفِّق للتسجيل رددت الجماهير:\"أحسنت يا ...\"! فجمعوا بين مفردة الإحسان ومعجم قلَّة الأدب!. ينتابك شعورٌ بالسذاجة عندما تسمع أحدَ المذيعين الرياضيين يصفُ لعبةَ كرةِ القدم بأنها تقرِّب الشعوب، وتوحّد الأديان، وتَضرب الأمثلة في الروح الرياضية، وتُصلح ما أفسدته الحروب\"!. وأنت ترى اللاعبين الأجانب يأتون إلى أرض الحرمين، ويعودون إلى ديارهم وقد أخذوا معهم أسوأ صورة عن الوطن والإسلام، كما أثبت ذلك (جيلسي الإيطالي، وكاريوكا البرازيلي) وغيرهم. لا أجد تفسيرًا لعشق الرياضة،والاحتقان التعصّبي لأجلها، ولعلكم تواجهون السؤال الكبير الذي يبحث عن الإجابة دائمًا: ما الهدف من الرياضة الاحترافية (كرة القدم أنموذجًا)؟ ما الذي أنتجته الرياضة، وأعطته للمجتمعات؟. الشهرة، ملء الفراغ، تفريغ طاقة الشباب. أفضل إجابة قد تؤخذ من هذه الإجابات: تفريغ طاقة الشباب. وهل الرياضة أفضل طريقة ؟. الواضح أنّ الطاقة أصبحت تُفرّغ في ميدان التعصُّب الذي سيقضي -حتمًا- على مبادئ التسامح والتواصل بين أفراد المجتمع. وجانِبُ التعصبِ لم يعد حكرًا على جماهير الأندية بل تحوّل إلى الصِّحافة والإعلام، وإداريّي الأندية. كما أنّ الرياضة صارت طريقةً من طرق التطرُّف المبني على التعصب، وهذا لايقلُّ عن العصبية القبليّة، فالتعصّب للفريق كالتعصب للقبيلة. ولو رجعنا إلى أصل الرياضة وجدنا أنها انقداحةُ شرر لحروبٍ تالية، كحرب داحس والغبراء الجاهلية، فالمنافسة في السباق عقبها التعصّب المقيت ثم لظى الحرب! ولا عجب في ذلك فانظروا -مثلاً- إلى مصطلحات كرة القدم: \"الحارس، قلب الدفاع، الأظهرة، المحور، الأجنحة، رأس الحربة، رمية، ضربة، تسديدة، مراوغة، متاريس الدفاع، القائد\". شكل كرة القدم على أرض الميدان كشكل الحروب قبيل العصر الحديث، يلتقي مهاجم الفريق مع المهاجم الخصم في نقطة المعركة (الملعب عفوًا) وذلك قبيل ضربة البداية، ثم يتوغل المهاجم في صفوف الفريق الخصم متجاوزًا متاريس الدفاع ليصل إلى القلعة (المرمى)!. أغلب مصطلحات ومفردات كرة القدم مستنبطة ومستوحاةٌ من المصطلحات العسكرية المستعملة في الحروب والمعارك، وهي مترجمة من الإنجليزية -حرفيًا-، وهي الموطن الأصلي لنشأة كرة القدم بمفهومها المعروف. لا أظن أن الرياضة تحقق مبدأ الانتماء الوطني –على الأقل مؤخرًا-، فالجماهير الرياضية أضحت تتعصب للأندية على حساب المنتخب؛ لمجرد عدم وجود لاعبها المفضل في المنتخب!. مالذي سيحدث لو توقفت أنشطة كرة القدم، واستُعيض عنها بالأنشطة الفردية كألعاب القوى، وسباق الفروسية؟. الولاياتالمتحدةالأمريكية أقوى دولة في العالم هي من أضعف الدول في كرة القدم، ولم تتضرر من ذلك. فهل من المعقول أن تكون الرياضة الاحترافية ضروريةً لدرجة أننا نسمع من يطالب بكرة القدم النسائية؟!. عطف بيان: قبل ثلاثة أشهر، أجاب أحد مفسري الأحلام بعدما استفتاه أحدُ المستفتين: \" المنتخب لن يتأهل إلى كأس العالم \"! أحمد بن سعد المطيري