يقال إن الحارس نصف الفريق، غير أن جماهير الكرة غالبا لا تقدر حراس المرمى بالشكل اللائق، وإن أنصفتهم فإن ذلك لا يكون بالصورة التي يحصل عليها غيرهم من اللاعبين، خاصة المهاجمين.. وكأس العالم الحالية تشهد فصلا جديدا من معاناة الحراس، ليس مع حساسية المركز ونجومية الخصم فقط، بل مع خصم مراوغ لم يعهدوه بمثل هذه الزئبقية من قبل.. إنها الكرة الأخيرة «جابولاني»، صديقة اللاعبين وعدوة القفاز! يقول الكاتب الأرجواني إدواردو جاليانو في كتابه الممتع «كرة القدم في الشمس والظل» عن «حارس المرمى»: «يسمونه البواب والغولار وحارس القوس لكننا نستطيع أن نسميه الشهيد.. الوثن.. النادم أو المهرج الذي يتلقى الصفعات.. ويقولون إن المكان الذي يطؤه لا ينبت فيه العشب!! إنه لا يسجل الأهداف، بل يقف ليمنع تسجيلها، ولأن الهدف هو عيد الكرة فإن مسجل الأهداف يصنع الأفراح، أما حارس المرمى، غراب البين، فيحبطها!! ... يحمل على ظهره الرقم واحد لكنه ليس الأول في قبض المال، بل الأول في دفع الثمن.. فهو الذي يدفع الثمن حتى لو لم يكن مذنبا.. عندما يقترف أي لاعب خطأ يستوجب ضربة جزاء يتحمل الحارس العقوبة.. يتركونه وحيدا أمام جلاده، في اتساع المرمى الخاوي، وعندما يتعرض الفريق لسوء الحظ يكون عليه هو أن يدفع الثمن تحت وابل من الكرات.. بخطأ واحد فقط يدمر حارس المرمى مباراة كاملة أو يخسر بطولة!! هل تعاطف جاليانو مع الحراس أم كان يصف الحقيقة؟ تذكرت كلامه وحارس منتخب إنجلترا روبرت جرين يلاحق كرة الأمريكي ديمبسي بأطراف أصابعه ثم بنظرات الحسرة وهي تتهادى للشباك، وتذكرته مع الشاوشي الذي ارتكب ذات الهفوة أمام منتخب سلوفينيا المتواضع ليتحمل لوم كل الجزائريين.. ويبدو أن العرض سيتواصل مع المزيد من الإثارة في المراحل المقبلة ليتكاثر ضحايا جابولاني.. قلبي مع حراس المرمى المساكين!