( كباريه ) إسمه شارع التحليه ..! وأنت تذرعه جيئة وذهابا .. وبينما تحاول شق طريقك بين أكوام من حديد تتمدّد باتجاه عوالم من صخب ولاشيئ سوى الصخب حيث كل حضارات الدنيا تتقاطر مفردة أجنحتها لكل من هو متيّم بها ميمّم إليها وماأكثر المتيّّمين والمتيّمات والميمّمين والميمّمات .. أقول : وأنت كذلك لابد وأن ينتابك خليط من حالات .. شيئ من نشوة .. مع شيئ من لذة .. وشويات من هستره .. على حبة عكننه .. مرّه تفهّي .. ومرّات تشكر الله على نعمة العقل .. بدأت مشواري ب\"عكننة \" كوني كسول لاأحب الخروج كثيرا ولا التنزّه على رائحة الأسواق لولا أهمية المشوار الذي حتّم عليّ المرور من وإلى وفي وعلى شارع التحلية .. في شارع كشارع التحلية يجب أن تنتزع عقلك قبل أن تلج إليه ومن ثم ترميه في أقرب سلة مهملات لحين عودتك ف\" عقل \" و \" جنون \" لايجتمعان .! أما أنا فقد خلعت عقلي وزدت على البيعة وجهي ومن ثم ّ ألقيتهماعلى أحد أرصفة تقاطع هذا الشارع العجيب مع شارع آخر من شوارع جدة المتفجرة قبحا وقيحا .. ألقيتهما هكذا ليقيني التام بأنني سأعود وسيكونان بانتظاري فهما لايغريان أحدا سواي .. وبالتالي لن يتشرف من تستهويهم \" زيطة وزمبليطة \" ذلك الشارع المتمايل حينا والمنتشي أحيانا بحملهما .. على بعد أمتارمني وبينا كنت ممتطيا ( القربوعه ) بتاعتي والتي كانت تقبع خلف سرب من سيارات إكتنزت عوائل بأكملها إذ به يتمايل طربا كأفعى على أنغام ناي ..! وأين ؟ على أحد الأرصفة وبمؤاخات الراب الذي أكاد أجزم أن معرفته به كمعرفتي بلغة الهونو لولو..! المقزز في الأمر أنه كان وكأني به محشوا في( كيس خيش ) ..! هكذا تبيّن لي وأنا أراه بملابسه الرثّة وشعره الذي لايشبهه سوى ( سلك المواعين ) وجسمه المتّسخ حتى لكأنّي به لم ( يتروش ) منذ عام الفيل ..! حمدت الله على العافية وبدأت في شق طريقي باتجاه عالم مملوء بالهوس والجنون .. رجل المرور أبى إلا أن انعطف باتجاه اليساربينما طريقي يحتّم عليّ الإنعطاف يمينا ولكن حكم القوي على الضعيف جعلني أستجيب لرغبته تلك ظنا منه أنه بعمله هذا يستطيع فك الإختناق المروري في ذاك الشارع الفرعي الذي تتمدد على جنباته المقاهي المملوءة بكل ألوان القهوة والعصائر ومع كل فنجان قهوة أوكأس عصير ( شي من جبنه وشويات من زيتون ) لزوم المزه طبعا ..! حمدت الله على العافيه ولم أكد أخرج من خُرم ذاك الشارع إلا وأنا في حضرته .. كان \" الشيخ محمد عبده \" يصدح بالأماكن التي كانت مسكونة وقتذاك بكائنات كنت أظنها للوهلة الأولى قادمة من كوكب آخر..! بل كانت أشبه ماتكون ب( كباريهات ) وكلّ من بها وحولها مسؤول عن نفسه حيث الألوان الصاخبة والتقليعات الماجنة .. هنا إستذكرت المثل القائل : ( كل مايعجبك والبس مايعجب الناس ) الذي إنتكس رأسا على عقب في زمن كل مافيه بات مقلوبا .. ليُكتب هكذا : ( إلبس مايعجبك وكل مايعجب الناس ) ..! ولاأعلم في من الخطأ ..؟ فيهم ..؟ أم في الناس ..؟ ولكن الذي أعلمه جيدا أنني حينذاك لم أكن منهم ولامن الناس .. كنت من نفسي ومعها ..! لقد بات أكثرشبابنا تشكيلة من فراغ متنامي مملوء بكم وافر من سواد في الرؤية .. وغيبوبة في الممكن .. ولهاث خلف المستحيل .. عتمة في كل شئ .. كل شئ .. إلا السنكحه ..! قد لاأكون مبالغا عندما أقول إنني أصبت بقشعريرة قوة 220 فولت عندما وقعت عيناي على ثلاثة ممن يسمّون ب( الكدش ) وهم يتناوبون على مغازلة تلك المتبخترة جيئة وذهابا .. ولأنني أعي جيدا مغزى ( إمسكوا عنزكم تيسنا مايجيها ) عذرت أولئك الأشقياء خاصة وأنني بتّ ألحظ تبادلا في الحواس لدى هؤلاء الشباب ومثلها في الأخلاق ..! في التحلية الذي لايشبهه إلا الهرم في القاهرة والشانزليزيه في باريس لاتقل لماذا .. ولا كيف .. ولا أين .. ولا متى ..؟ فكل هذه الأسئلة محرّمة هناك .. والشئ الوحيد المسموح لك به هو أن تسير وأنت متبلّد الإحساس .. حيث كل في فلك يستعرضون ..! وإلا إنثبر في بيتك ..! يوسف الزهراني http://yooosof.maktoobblog.com/