يدخل الرئيس اللبناني المنتخب العماد ميشال سليمان قصر بعبدا أمس إيذانا ببدء ممارسته مهماته الرئاسية بعد انتخابه أمس رئيسا توافقيا للبنان، وسط ترحيب لبناني وعربي ودولي منقطع النظير تأكيدا لانحسار أزمة سياسية عميقة أوقفت البلاد على شفا حفرة من الحرب الأهلية. وكان العماد سليمان، الذي فاز بأصوات 118 نائبا من أصل 127، قد رسم في الخطاب الذي ألقاه فور أدائه اليمين الدستورية الخطوط العريضة لسياسته الرئاسية، داعيا اللبنانيين لبدء مرحلة جديدة يجري فيها الالتزام بمشروع وطني يخدم الوطن ويضع مصلحته كأولوية على المصالح الفئوية والطائفية ومصالح الآخرين.وتطرق سليمان في خطابه الذي ألقاه أمام مجلس النواب وعدد كبير من المسؤولين العرب والأجانب الذين حضروا جلسة الانتخاب، إلى معظم القضايا التي فجرت الخلافات بين القوى السياسية اللبنانية، ومن أبرزها سلاح المقاومة والعلاقة مع سوريا والمحكمة الدولية. وفي موضوع المقاومة أكد سليمان أن بقاء أراضي شبعا اللبنانية في يد الاحتلال يحتم على اللبنانيين وضع إستراتيجية لحماية الوطن بالتلازم مع حوار هادئ مع المقاومة، التي أشاد بدورها في تحرير الجنوب اللبناني والتصدي للاحتلال الإسرائيلي، ودعا للاستفادة من خبراتها، مشددا في الوقت ذاته على أن البندقية اللبنانية لن توجه “إلا للعدو وليس لأي جهة أخرى”. أما فيما يتعلق بالعلاقة مع سوريا فرأى أن “العبرة هي في حسن المتابعة لعلاقات مميزة وندية، خالية من أي شوائب اعترتها سابقا”. كما أكد دعمه “لاستمرار عمل المحكمة الدولية في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وما تلاه من اغتيالات”. على الصعيد الدولي والإقليمي، لقي انتخاب العماد سليمان مباركة كبيرة حتى من قبل الدول التي كانت تتهم بأنها متورطة بتأجيج الصراع بلبنان والتي اختلفت فيما بينها بشأن البلد. وبدوره بادر الرئيس السوري بشار الأسد بالاتصال هاتفيا بسليمان مباركا له ومؤكدا وقوف دمشق لجانب كل ما يتوافق عليه اللبنانيون.كما رحب الرئيس الأميركي جورج بوش في بيان رسمي بانتخاب رئيس جديد للبنان، مؤكدا إنه يأمل أن يدشن “اتفاق الدوحة حقبة من المصالحة السياسية تصب في مصلحة لبنان الذي اختار قائدا سيحترم التزامات لبنان بالقرارات الدولية التي تدعو إلى نزع سلاح حزب الله”. وباركت كندا على لسان رئيس وزرائها ستيفن هاربر الانتخاب، وأكدت عزمها مساعدة الحكومة اللبنانية بكل الوسائل الممكنة لبسط الاستقرار بالمنطقة. وتحدث هاربر عن “تحديات” تواجه سليمان ملمحا إلى حزب الله الذي تصنفه كندا على أنه منظمة إرهابية. كما أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بانتخاب سليمان رئيسا للبنان، معربا عن أمله بأن تكون هذه الخطوة “بداية لإعادة إحياء مؤسسات لبنان كافة والعودة إلى الحوار”. وفي أول قرار أصدره سليمان بعد أقل من ساعة على تنصيبه رئيسا للبنان، وجه كتابا لحكومة فؤاد السنيورة طالبها فيه بالقيام بتصريف الأعمال إلى حين انتخاب حكومة جديدة. وكانت جلسة انتخاب سليمان قد شهدت حضورا عربيا وغربيا عز نظيره، كدليل على الاهتمام الدولي بالأزمة السياسية التي مرّ بها لبنان طوال 18 شهرا، والتي تفجرت لاشتباكات مسلحة بين الأطراف المتنازعة قبل أسابيع. ومن جانبه أكد أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني- الذي حضر الجلسة بوصفه ضيف شرف تعبيرا عن شكر اللبنانيين له للدور الذي لعبه في جمع أطراف النزاع على طاولة الحوار وصولا لتوقيع الاتفاق الذي أنهى الخلافات بينهم- أنه لا بديل للبنانيين عن التوافق والتراضي وعلى نحو يضمن مصالح لبنان وسلمه الأهلي.