اعتادت الفضائيات العربية أن تدمي المشاهدين في كل آن بأرتال من اللقاءات ..والاستضافات ..والسهرات .. مع أهل الفن من أجل ارضاء بعض المشاهدين الذين تأسرهم طلة الفنانين والفنانات من خلال القنوات الفضائية للتعرف على الجديد لديهم ولديهن حيث يتم الاهتمام والاصغاء لآخر الأخبار والسقطات وكأنها مادة ثقافية وفكرية جديرة بالاهتمام والمتابعة. وتظهر مجموع الاستعراضات وبالذات في الفنانات بشكل يملأ صدر المشاهد المثقف والوقور بالضيق والحنق ورفض أساليب التبرج في الملابس وأساليب الضحكات المائعة والتي تكشف عن تفاهة الجوهر ..وقلة حياء الضيف والمستضيف ..وتمر الساعات والمشاهدون يتابعون ..ويتأوهون ..وربما يصفقون!!. المؤلم أن هناك العديد من القنوات تحرص على مثل هذه البرامج الحوارية مع أهل الفن والخارجة عن حدود المعقول ..وحتى مقدم البرنامج يظهر بشكل مقرف فتسريحة الشعر المستفزة لأذواق المشاهدين الذين لا يملكون إلا الدعاء بأن يهدي الله ما خلق. والأكثر إيلاماً أن بعض القنوات المعروفة باتزانها وشخصيتها الوقورة قد انجرفت هي الأخرى وبدأت في الاهتمام بتقديم مثل هذه البرامج التافهة بدعوى أن (المشاهد عايز كده)!!. هذه محطة ال MBC تقدم برنامجا باسم (ابشر) يقدمه (نيشان ) الغارق حتى الركب في التفتيش عن الأسرار ..والأخبار.. وجر ضيوفه إلى ما لا يليق ويشعر بفرح طفولي واسع وهو ينصب شراكه وتبدأ الضيفة في الحديث الخارج عن قانون الأدب وتتورط في التحرر من موروث الذوق والأخلاق. وخذوا مثالاً على كل هذا مما أشارت إليه الزميلة (الوطن) في عددها الصادر يوم الأربعاء الماضي حول ما تحدثت به الفنانة اللبنانية ( اليسا) في إحدى حلقات برنامج /ابشر/ حيث قالت في حوارها (انها لا تمانع في الانجاب وأن تصبح أماً من دون زواج !! وأن ذلك لا يمثل مشكلة بالنسبة لها !! ثم عادت وحاولت تصحيح هذه الهفوة البشعة بالقول! انها تشترط في ذلك اعتراف الأب بالابن..) وواصلت الزميلة الوطن قائلة (وفي ظل مراوغة غير محمودة ومحاولة للتسلق على سلم المجد الزائف من قبل المحاور ومقدم البرنامج نيشان وجدت اليسا نفسها مضطرة لتلطيف حدة تصريحها الخادش لذائقة المشاهد العربي بالقول : انها لن تفعل ذلك لخضوعها لمجتمعها الذي يستنكر مثل هذا الفعل ..مؤكدة أنها ابنة بيئتها ولا تستطيع التمرد عليها)!!. هذه واحدة من عشرات ..بل ومئات ..السقطات التي تصفع المشاهدين صباح مساء من خلال الكثير من القنوات الفضائية التي يبدو أنها لا تملك أي رقيب على مثل هذه التجاوزات الفاضحة. ولم تبق إلا الرقابة الذاتية من الأسرة لحماية أبنائها وبناتها من مثل هذه السقطات . يا أمان الخائفين.. آخر المشوار قال الشاعر: ارجع إلى الله كل الخلق ناقمةٌ واستمطر الصدق لا زيفٌ ولا كذبُ فعمرنا يحتفي بالشمس ما عشيت عينٌ تراك وقلبٌ نالهُ كربُ اكثر أساك فللطغيان آخرة وليس يجدي إذا حان الردى عتبُ