التمر بالنسبة للعرب سلعة استراتيجية مهمة مثله مثل القمح للغربيين والرز للآسويين بل ويمكننا تعريف العرب بانهم شعب يستطيع العيش على ثلاثة عناصر هي الماء والهواء والتمر ويمكننا تلخيص حضارة العرب في ثلاث كلمات مؤنثة وهي النخلة والخيمة والمنارة. وقد فوجئت عندما قرأت في الصحف قبل أسابيع بان أغلب الصفقات في البورصة السعودية الجديدة للتمور قام بها تجار من روسيا الاتحادية. ولم أعرف سبب هذا التحول الغريب في مائدة الروسيين ولماذا تركوا كل فواكه العالم وتحولوا الى فاكهة العرب الوحيدة فاكهة الشعب الذي كان مضرب المثل بفقره وشظف عيشه وقسوة حياته شعب البلاد الصحراوية القاحلة ذات الأمطار النادرة والشمس الحارقة والمفاوز الشاسعة. ولاشك ان الروس يبحثون منذ زمن عن سر قوة الجنس العربي وشدة تحمله وطول صبره خصوصا بعد ان جربوا العرب في الشيشان وافغانستان وقد درس الروس على مايبدو كل الفرضيات لقوة العرب ولم يبق أمامهم من سبب إلا التمر. ولهذا فانه لو صحت النظرية الروسية وتمكن الروس من شراء كل تمور العرب فانهم سيضمنون خصائص بشرية مثل العرب مع امتلاكهم ترسانة نووية وصواريخ بالستيه وسيتمكنون بهذه الخصائص المضافة من السيطرة على العالم. ان التمر بالنسبة للعرب ثروة قومية وأمان ضد المجاعات فهو الفاكهة الوحيدة التي يمكن خزنها لسنوات سواء رطبه أو يابسه ولقد ثبت ذلك في ما أصاب جزيرة العرب من مجاعات فقد كان التمر صمام الامان ضد الموت بالجوع في تلك الشدائد. ولقد سعدت كثيرا عندا قرأت في الندوة الخميس الماضي عن بدء الحملة الوطنية لمكافحة سوسة النخيل الحمراء بمختلف مناطق المملكة لأن هذه السوسة تشكل خطراًعظيما على ثروتنا القومية الغالية وتهديدا مباشرا لأمننا الغذائي وأعتقد في قرارة نفسي بان علينا معاملة مناطق نخيلنا وأماكن مزارعنا وكأنها مواقع أمنية حساسة لان حروب المستقبل لن تتوجه مباشرة الى الانسان بل الى غذاء الانسان وشراب الانسان ورب آفة تنتشر بفعل فاعل يكون منها الضرر العظيم. ولا أوافق من يقول بان التمور تستنزف مياهنا الجوفية لاننا نسكب انهاراً من المياه المحلاة في الحمامات الافرنجية بل إن علينا ان نبذل جهودا مضاعفة في تنمية مزارعنا سواء كانت مزارع نخيل او مزارع قمح او مزارع خضروات وعلينا ان نستعين بعلمائنا وخبرائنا السعوديين لوضع استراتيجية المستقبل لتوفير الغذاء محليا وقد رأينا والحمدلله زيادة عظيمة في منسوب الامطار بالمملكة وعندنا أراض خصبة وسدود كما يمكننا توجيه مياه المجاري بالانابيب الى قلب صحارينا لتكوّن في باطن الارض مع مرور السنين مخزونا مائيا نقيا يحول صحارينا الى واحات خضراء كما ينبغي ان نقدم كل ما نستطيع من تسهيلات ومساعدات لمستثمري الدواجن والبيض والالبان السعوديين لانهم يوفرون لنا الامن الغذائي في ظروف غذائية عالمية متقلبة .