سيكون المنتخب الكوري الجنوبي العقبة الأولى في وجه نظيره الاوروغوياني في طريق الأخير لاستعادة أمجاد الأيام الغابرة وذلك عندما يواجهه اليوم على ملعب «نلسون مانديلا باي» في بورت اليزابيث في الدور الثاني من مونديال جنوب أفريقيا 2010. من المؤكد ان الحظ لعب دوره في وضع المنتخب الاوروغوياني على مسار «مفتوح» لبلوغ الدور نصف النهائي للمرة الأولى منذ 1970، إلا أن «لا سيليستي» قرر مصيره بيده ومهد الطريق امامه لكي يتمكن من العودة بالزمن إلى ايام المجد بعد ان نجح في حسم المجموعة الاولى لمصلحته، متفوقا على فرنسا وصيفة بطلة 2006 وبطلة 1998 وجنوب افريقيا المضيفة والمكسيك التي رافقته الى الدور الثاني، مقدما اداء مميزا في الناحيتين الهجومية والدفاعية اذ لم تتلق شباكه اي هدف. وفي حال نجح بطل 1930 و1950 في تخطي عقبة «محاربي التايغوك» سيكون بانتظاره مواجهة في متناوله ايضا لانه سيلتقي الفائز من مباراة غانا والولايات المتحدة في الدور نصف النهائي. «نحن نملك المطلوب للذهاب بعيدا»، هذا ما قاله مهاجم «لا سيليستي لويس سواريز الذي سجل الثلاثاء هدف الفوز على المكسيك ليضيفه الى الاهداف ال49 التي سجلها مع فريقه اياكس امستردام الهولندي في جميع المسابقات التي خاضها خلال الموسم المنصرم، مضيفا «لكي تكون الافضل عليك ان تتغلب على الافضل». من المؤكد ان المنتخب الكوري الجنوبي ليس الافضل في النسخة التاسعة عشرة من العرس الكروي العالمي لكنه ليس بالخصم الذي يستهان به على الاطلاق لانه يملك العناصر المميزة مثل لاعب مانشستر يونايتد بارك جي سونغ ومهاجم موناكو الفرنسي بارك شو يونغ، والسرعة التي بامكانها ان تباغت اي دفاع خصوصا في الهجمات المرتدة، وهو الامر الذي يعول عليه المنتخب الاسيوي في مواجهته مع نظيره الاميركي الجنوبي المرجح لان يضغط على منافسه منذ البداية باسلوبه الهجومي المميز. ويخوض «محاربو التايغوك» الدور الثاني للمرة الاولى خارج اراضيهم بعد ان سجلوا مفاجأة مدوية عام 2002 عندما استضافوا النهائيات مشاركة مع اليابان وذلك بوصولهم الى الدور نصف النهائي على حساب ايطاليا واسبانيا قبل ان يسقطوا امام الحاجز الالماني في دور الاربعة. وقد وضع مدربهم هاه جونغ-مو نصب عينيه تكرار سيناريو 2002 وهو اكد هذا الامر قائلا «اعتقد ان لاعبي فريقي لن يكتفوا بانجاز الوصول الى دور ال16، يريدون الوصول الى الدور نصف النهائي. اعتقد ان دور المجموعات كان الاصعب، ومن الان وصاعدا فالحظوظ ستكون مناصفة 50-50 من اجل التأهل الى الدور التالي. يجب ان نتعامل مع كل مباراة على حدة. لا يمكننا ان نتوقع ماذا سيحصل لكني اعلم تماما ان لاعبي فريقي يريدون اهدافا اعلى». وتابع «أوروغواي فريق قوي جدا ويملكون لاعبين مميزين جدا. شاهدت المباراة بين المكسيك وأوروغواي ويملكون مهاجمين اقوياء بامكانهم تحديد مصير اي مباراة. لكني اعتقد باننا جاهزون. اعتقد ان بامكان لاعبي فريقي ان يلعبوا مباراة جيدة». وستكون مواجهة اليوم الاولى بين الطرفين في النهائيات منذ مونديال 1990 في ايطاليا عندما تواجها للمرة الاولى وخرج «لا سيليستي» فائزا 1-صفر في طريقه للتأهل الى الدور الثاني للمرة الاخيرة، اي منذ المونديال الذي حقق فيه فوزه الاخير في النهائيات قبل ان يفشل في التأهل الى مونديالي 1994 و1998 و2006، فيما ودع من الدور الاول لمونديال 2002 دون اي فوز. ويأمل المنتخب الاميركي الجنوبي ان يجدد الفوز على منافسه ويؤكد تفوقه التام عليه لانه خرج فائزا ايضا في ثلاث من المباريات الاربع الودية التي جمعته بنظيره الاسيوي، فيما انتهت المباراة الاخرى بالتعادل. وتعود المواجهة الاخيرة بين الطرفين الى 24 مارس 2007 في سيول حين فازت أوروغواي 2-صفر بقيادة مدربها الحالي اوسكار تاباريز الذي كان مهندس التأهل الى الدور الثاني في مونديال 1990، قبل ان يعود ويكرر الانجاز في النسخة الحالية بقيادة «المايسترو» الذي عاد الى رأس الهرم الفني للمنتخب في 2006 خلفا لغوستافو فيران الذي شغل المهمة مؤقتا بدلا من خورخي فوساتي، فقام منذ عودته بضخ الجيل الشاب في التشكيلة الاولى، لتختفي اسماء كبيرة مثل الفارو ريكوبا مهاجم انتر ميلان الايطالي السابق الذي كان يعتبر احد افضل اللاعبين في العالم في التسديدات المباشرة من الركلات الحرة، باولو مونتيرو مدافع يوفنتوس الايطالي الصلب والمدافع داريو رودريغيز لتظهر أسماء جديدة على الساحة. من المؤكد ان تاباريز يقف خلف عودة الهيبة الى «لا سيليستي» وهو يأمل ان يعيد بلاده في مشاركتها الحادية عشرة في النهائيات الى ذكريات اصبحت من التاريخ عندما توجت باللقب عامي 1930 و1950 ووصلت الى نصف نهائي و1954 و1970. «مرت فترة طويلة منذ ان نجحت أوروغواي في تحقيق اي شيء مقنع في كأس العالم وهذا امر مثير للغاية»، هذا ما قاله ال»مايسترو» تاباريز بعد تأهل أوروغواي الى الدور الثاني، مضيفا «نحن سعداء لوصولنا الى هذه المرحلة لكننا لم نحقق حتى الان كل ما نريده. اظهرنا اننا خصم صعب للغاية لاي فريق كان، ونحن في وضع مريح. نحن مجموعة متماسكة ولدينا الكثير من الاحلام». وما يميز منتخب تاباريز انه تألق دفاعا وهجوما ويبدو ان «لا سيليستي» وضع خلفه تماما خيبة 2006 عندما فشل في التأهل بعدما اصطدم بعقبة استراليا في ملحق اميركا الجنوبية-اوقيانيا. ويعول تاباريز على ترسانته الهجومية المكونة من الثلاثي دييغو فورلان وسواريز وايدينسون كافاني الذي ارتقى إلى مستوى التوقعات، خصوصا الاولين، وقد عبر «المايسترو» عن رضاه التام عما قدمه فريقه حتى الان بقوله «كمدرب، من المرضي جدا ان ترى كيف تطورت المجموعة. انها مجموعة ممتازة، هناك انصهار وصداقة بين اللاعبين وهم فعلا متفانون للعمل الذي يقومون به. استطاعوا ان ينهضوا مجددا من الكبوة (في التصفيات). لقد قاموا بعمل رائع». حصلت أوروغواي على بطاقتها إلى ثمن النهائي بأداء مقنع تماما وهو الامر الذي اعترف به الخصوم المباشرين وبينهم مهاجم المكسيك جيوفاني دوس سانتوس الذي اشاد برجال تاباريز الذين باتوا يجسدون الروح القتالية المعروفة ب «لاغارا تشاروا» التي ميزت اسلافهم على مر العصور، حيث صرح صاحب القميص رقم 10 في تشكيلة ال»تريكولور» لموقع الاتحاد الدولي بنبرة تحمل في ثناياها بعضا من علامات الحسرة على الهزيمة «لقد اظهروا قوتهم الضاربة منذ بداية البطولة، انهم متماسكون ومتجانسون للغاية، ويتمتعون بدفاع غاية في الصلابة». اما مدافع «لا سيليستي» ماوريتسيو فيكتورينو فعلق على اداء فريقه بالقول: «كنا في افضل حالاتنا على مستوى الخط الخلفي، وقد جاء ذلك ليؤكد المسار الناجح الذي قطعناه حتى الان»، في حين بانت نبرة الاستياء الواضحة في كلمات لاعب المكسيك الاخر كارلوس سالسيدو الذي عجز عن ايجاد المنافذ الى مرمى أوروغواي، وهو قال «كنا نعرف ان الدفاع الاوروغوياني قوي للغاية». اما قائد كتيبة تاباريز، دييغو لوغانو فاشاد بقوة الفريق الدفاعية، متمنيا في الوقت ذاته «ان تستمر الامور على هذا الشكل». من المؤكد ان المنتخب الاوروغوياني نجح حتى الان في وضع حد لمرحلة الفراغ التي اختبرها منذ ان سقط في نصف نهائي 1970 امام البرازيل 1-3، وربما حان الوقت ل»لا سيليستي» للحلم بالعودة الى ساحة الكبار ولان يفرض نفسه مجددا بين عمالقة الكرة المستديرة لكن يجب ان يفكر بكل مباراة على حدة قبل ان يبالغ في احلام اليقظة لان «محاربي التايغوك» هم محاربون بكل ما للكلمة من معنى ولن يلقوا سلاحهم ارضا بكل سهولة بل يريدون ان يعيشوا حلمهم ايضا بتكرار ما حققوه على ارضهم وهذه المرة دون اي مساعدة من الحكم الاكوادوري بايرون مورينو!