مما لا شك فيه أن العالم بأسره يمر بثورة تقنية كبيرة ، وأن الكرة الأرضية بشتى أطرافها المترامية باتت وكأنها تعيش في قرية صغيرة ، والسبب في ذلك هو ما استطاع العلم تحقيقه من خطوات جبارة ساهمت بشكل فعال في جعل حياة الإنسان أفضل وساعدته في تسهيل العقبات التي كانت تواجهه قبل قيام الثورة التقنية ، إحدى أبرز الخطوات التي استغلتها الحكومات من أجل تذليل العقبات في وجه مواطنيها تتمثل في فكرة الحكومة الإلكترونية ، وهي فكرة عبقرية ساعدت المواطن العادي في إنهاء جميع الأوراق الحكومية التي يحتاجها بلمسة واحدة من جهازه ، وبدون أن يكلف نفسه عناء الترحال من مدينة إلى مدينة أخرى ، بل حتى أنها أزاحت عن كاهل المواطن عبء الإنتظار في صفوف المراجعين وجنبته مغبة تهميش أوراقه في دهاليز الأرشيف. وإن فكرنا في إلقاء الضوء قليلاً على الوضع المتبع في بلادنا العربية لأصابنا الذهول من حجم الفجوة الهائلة بين النظام المتبع في الغرب وبين ما يعانيه المواطن العربي من كبد في سبيل إنهاء معاملته ، فعلى الرغم من اتباع الكثير من الحكومات العربية لسياسة الحكومة الإلكترونية رغبة منها في التخفيف على المواطن وعلى الرغم من تكبد الدولة للكثير من النفقات في سبيل إنجاح هذه الفكرة إلا أن مشروع الحكومة الإلكترونية لم يستطع حتى الآن الوصول إلى الغاية المرجوة منه والسبب في ذلك عائد في المقام الأول إلى موظفي الدولة وعدم استيعابهم لفكرة أن الحكومة الإلكترونية وُجدت للتسهيل على المواطنين ، أضف إلى ذلك وجود قصور لدى كثير من المواطنين وموظفي الدولة في التأقلم مع الثورة الإلكترونية ، وأن الكثير منهم لا زال حتى الآن عاجزاً عن إستخدام الحاسب الآلي ، وهو الأمر الذي يستدعي على الدولة أن تعيد برمجة موظفي الدولة والمواطنين وأن تزرع فيهم ثقافة استخدام الحاسب الآلي والاستفادة منه بشكل إيجابي ، وهذا فرض من الصعب تطبيقه في الواقع العملي. ولكن إن نظرنا إلى حال الغرب في الاستفادة من الحاسب الآلي لشعرنا بالحزن الشديد على حالنا ولأُصبنا بالدهشة جراء ما وصلوا إليه من تقنيه ، ويكفي أن نعلم بأن أوربا وصلت إلى مرحلة أصبح فيها التقاضي عبر شبكة الأنترنت عن طريق ما يعرف بالمحكمة الإلكترونية ، حيث يكون التبليغ والمرافعة وصدور الحكم عن طريق هذه المحكمة ، ونحن ما زلنا حتى الآن ننتظر بالأيام والأسابيع في سبيل الحصول على توقيع من احد الموظفين ، ويا ليتنا حصلنا عليه. والله من وراء القصد ,,,