الفرح ما أسمى معانية ، وإن لم نتقاسمه مع غيرنا قد تكون نتائجه عكسية ، لذا تجدنا ندعو بعضنا البعض بين حين وآخر لنفرح سوياً لأمر جميل ، ومن خلال هذه المشاركة لن تبقى تعباً بل ستجد منابع جديدة في داخلك تجعلك تزداد فرحاً ، والمشاركة في الفرح هي الحب ، والحب عطر زهرة الفرح ، والفرح مطلب ملح ، وغاية مبتغاة ، وهدف منشود ، وكم كانت فرحتي لا توصف عندما دعاني أخي اللواء يوسف بن حسين مطر لحضور حفل عقد قران ابنته الآنسة (أروى) في الخامس عشر من هذا الشهر فلبيت الدعوة لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (إذا دُعِيَ أحدُكم فليُجب ...) فكانت ليلة جميلة من ليالي العمر ، وعادت بي الذاكرة وأنا بمنزل والد العروس العامر ، وتذكرت أروى عندما كانت طفلة نداعبها وهي تخطو أولى خطواتها بمنزل جدها الشيخ حسين إبراهيم مطر رحمة الله تعالى ، حيث كان هو ملتقى العائلتين (آل مطر والعطرجي) وكيف كانت تفتخر وهي ابنة الخمس سنوات بوالدها فكانت تقول أنا بنت النكيب (بالكاف) واليوم بعد سنوات أنقضت من العمر ترتدي أروى فستان الفرح الأبيض لتدخل البهجة والسرور لقلب والديها وأهلها ومحبيها ، وهي اليوم حرم الرائد بحري مهندس محمد جميل منقل . في تلك الليلة الجميلة ازدان الحفل بهجة بطلة والد العريس العميد متقاعد جميل محمد منقل الذي غمر كل الحضور بحبه ، وتواضعه الملموس ، وببسمته التي لم تفارق شفاه ، وكلماته الرقيقة التي تشعرك وكأن هذا الرجل يعرفك من سنين عديدة ، وتجاذبنا معه الحديث الذي لا يمل حيث عاد بنا إلى عام التسعينات الهجرية التي لحقنا مجرياتها والثمانينات وما قبلها ليبين لنا أننا في عيش رغد ، وأن الحياة في وقتنا الحاضر بها كل وسائل الراحة والأمان . أروى : حبي لوالدك قديم ، كيف لا وهو ابن العمة التي كانت رحمها الله لا تبخل على أبناء أخيها ، وكانت تساوينا مع أبنائها في كل شيء ، فوالدك يا ابنتي هو الرجل الثالث في العائلة الذي يجب علينا أن نسمع كلامه ، ونطيع أوامره . أروى : أنت اليوم ينتابك شعور غريب مختلج بين الفرح والهيبة ، هدئي من روعك فبإذن الله ستعيشان حياة هانئة وسعيدة ، ولا تكثري من التفكير بأهلك فهم سعيدون بك إن سعدت ، ومسرورين إن سررت ، وتطبعي بطبع زوجك وأطيعيه في كل شيء ولا تخالفيه إلا في معصية الله ورسوله ، وافعلي ما يريد ولو كان مالا تحبين ، وتذكري قول المصطفى عليه الصلاة السلام : (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) وليكن أمام عينك قول المرأة الحكيمة حيث قالت (يا بنية ، إنك خرجت من العش الذي فيه درجت ، فصرت إلى فراش لا تعرفينه ، وقرين لا تألفينه ، فكوني له أرضاً يكن لك سماءً ، وكوني له مهاداً يكن لك عماداً ، وكوني له أمة يكن لك عبداً ، لا تلحفي به فيقلاك (يبغضك) ، ولا تباعدي عنه فينساك ، إن دنا منك فاقربي منه ، وإن نأى (ابتعد) فابعدي عنه ، واحفظي أنفه وسمعه وعينه ، فلا يشمن منك إلا ريحاً طيباً ، ولا يسمع إلا حسناً ، ولا ينظر إلا جميلاً). دعاء : بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير وعافية . ومن أصدق من الله قيلاً (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا).