بحضور سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ افتتح وزير الحج الدكتور بندر بن محمد حجار أمس ندوة الحج الكبرى التي تنظمها وزارة الحج تحت عنوان (الحج عبادة وسلوك حضاري) وذلك بقاعة الذكرى الخالدة بمكةالمكرمة .وبدأت الجلسة الافتتاحية للندوة بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم ألقى سماحة مفتي عام المملكة كلمة قال فيها “ إن الله خلق الخلق لعبادة وهذه العبادة هي لتهذيب وتزكية النفوس وعند تأمل المسلم لتلك العبادات يجد أنها سبب من أقوى الأسباب لراحة النفوس وطمأنينتها وزكاتها . وإن التوحيد وحده هو أساس الملة وأساس التالف فلا جامع للقلوب ولا موحد للصفوف إلا توحيد الله وإخلاص الدين له وإفراده بجميع العبادة واعتقاد كمال أسمائه وصفاته على ما يليق بالله جل وعلا ووصف سماحته الحج بالمؤتمر الإسلامي الكبير ، مؤكدا أنه يقوي الأمة ويزيد ارتباط بعضها ببعض ويشد أزرها ويلتقي فيه المسلمون من أرجاء الدنيا على اختلاف لغاتهم وأماكنهم ويجمعهم في جامع واحد مستدلا بقوله تعالى (إنما المؤمنون أخوة) وقوله سبحانه وتعالى (إن أكرمكم عند الله اتقاكم) .وبين سماحة مفتى عام المملكة أن هذا المؤتمر العظيم هو قائم على توحيد الله وإخلاص الدين لله وإفراد الله بالعباد وقائم على توحيد القلوب وجمع الصف إلى جانب كونه عبادة جمعت بين العبادة المالية والبدنية حيث أن فيها أتعاب البدن وبذل المال في سبيل الله. ودعا سماحته المسلمين للاستفادة من هذا الموسم العظيم بالتعاون والتفاهم والتدارس واللقاءات الأخوية بين الحجاج من علماء وقادة ليناقشوا مشاكلهم والبحث عن علاج لقضاياهم التي تحيط بهم مشيرا إلى أن الآراء المتعددة والمتنوعة لها شأن عن الرأي الواحد . وقال سماحة مفتي عام المملكة (إن هذه الدولة المباركة قد بذلت جهداً كبيراً وهيأت مناخاً عظيماً لحجاج بيت الله الحرام ليؤدوا مناسكهم في أمن ويسر وسهولة وراحة واطمئنان , وسخرت الرجال والأموال من أجل راحة ضيوف الرحمن منذ عهد الملك عبدالعزيز (رحمه الله) حتى هذا العهد الزاهر حيث بذل قادة هذه البلاد الغالي والنفيس من اجل خدمة حجاج بيت الله الحرام) داعيا في الوقت نفسه الأمة الإسلامية إلى أن تكون أمة واحده وتحرص على عدم الاستماع للقنوات السيئة والمواقع المشبوهة التي همها الكذب والافتراء والدجل وافتراء الأحاديث وأن تكون أمة واحدة واعية مخلصة لدينها متمسكة بشريعة إسلامها حريصة على ما يؤلف القلوب ويجمع الكلمة. إثر ذلك القى وزير الحج الدكتور بندر بن محمد حجار كلمة نقل خلالها تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (حفظه الله) للمشاركين في هذه الندوة ، مرحبا بسماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ وبالعلماء والمفكرين والمثقفين والأدباء من جميع أنحاء العالم الإسلامي وبالحضور والمشاركين في هذه الندوة التي دأبت وزارة الحج على عقدها سنويا . وقال (إن هذه البلاد ملكا وحكومة وشعبا بقيادة خادم الحرمين الشريفين (رعاه الله) تتشرف كل عام بخدمة ضيوف الرحمن ليتمكنوا من أداء نسكهم وفق مراد رب العزة والجلال وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبكل يسر وسهوله وليعودوا بعد ذلك إلى ديارهم وأوطانهم سالمين غانمين) . وأكد أن المملكة العربية السعودية ومنذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز (رحمه الله) وتبعه أبناءه البررة من بعده يبذلون الغالي والنفيس لخدمة الأماكن المقدسة والعمل على توسعتها وتهيأتها لتكون ميسرة لضيوف الرحمن ، وقال (هذا هو ديدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - الذي لا يألوا جهدا في تنمية المشروعات الطموحة بعيدة المدى وأولها التوسعات الجبارة للحرمين الشريفين) . ودعا حجاج بيت الله الحرام إلى التعاون التام مع القائمين على خدمتهم وذلك لتحقيق الأهداف السامية لأداء النسك ولإعطاء الصورة المشرفة لما يدل على التسامح والإخاء امتثالا لقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الاثم والعدوان) . وتمنى التوفيق للمشاركين في أعمال هذه الندوة التي تضم نخبة من خيرة علماء ومفكري ومثقفي وأدباء العالم الإسلامي الذين سيثرون فعاليات الندوة بأطروحاتهم وآرائهم المستنيرة ونقاشاتهم الموضوعية بهدف تلاقح الأفكار التي ستؤدي بإذن الله إلى توصيات يسترشد بها لتبصير الحجاج . إثر ذلك أجاب سماحة مفتي عام المملكة على أسئلة واستفسارات المشاركين في الندوة . وتسعى وزارة الحج من خلال عقد هذه الندوة السنوية إلى إبراز الدور الثقافي والحضاري الذي تضطلع به المملكة لخدمة حجاج بيت الله الحرام والتأكيد على الدور الثقافي والحضاري للمدينة المقدسة مكةالمكرمة وإبراز أهم الانجازات والمشروعات المتلاحقة في الحرمين الشريفين لخدمة قاصديهما وترسيخ مبدأ الحوار الفكري الهادي لقضايا الأمة الإسلامية من خلال موسم الحج عبر تواجد هذه الإعداد من الحجاج . هذا وقد واصلت ندوة الحج الكبرى التي تنظمها وزارة الحج حاليا بمكةالمكرمة في قاعة الذكرى الخالدة جلساتها العلمية بعقد ثلاث جلسات علمية قدم خلالها 12 بحثا وورقة عمل تناولت مظاهر السلوك الحضاري واحترام الأنظمة واللوائح والمواعيد وآداب الحوار في الحج ومراعاة حقوق الآخرين . وأبرزت أهمية تحلي الحاج بالحلم والصبر والتسامح والتعاون والإيثار والسكينة والهدوء والنظافة الشخصية والمحافظة على البيئة وحمايتها داخل المشاعر المقدسة والحرص على سلامة الحج والحجيج وعدم الإضرار بهم ، متناولة أهمية توعية الحجاج بمقاصد الحج وتنمية السلوك الحضاري أثناء . وأبرز المتحدثون في الجلسات جوانباً من مظاهر السلوك الحضاري في الحج مؤكدين أن الحج من الأعمال التي يتجلى فيها شأن التوحيد وبناء العقيدة على أسس سليمة ، وتعكس البعد السلوكي والثقافي ودوره في تكوين الشخصية المثالية في المسلم . وأكدوا أن من مظاهر الحج المهمة الواقع العقدي الذي يتجلى فيه شأن التوحيد وبناء العقيدة على أسس سليمة منها أن الحج رمز لوحدة الأمة الإسلامية والقضاء على الخلافات فيما بينهم ، وأنه عامل في توجيه الأمة الإسلامية لتقديس المقدسات وتعظيم حرمات الله. وأفادوا أن من آداب الحوار في الحج أن يكون الكلام هادفا إلى الخير والبعد عن الخوض في الباطل وأن يحاور كل إنسان بما يناسبه شرعا وعرفا والبعد عن عبارات المدح للنفس أو للغير ،وإخلاص النية لله في المحاور فلا يقصد في حجه رياء ولا سمعة . وحث المشاركون على الحرص باتباع كل ما يقرب إلى الله وعلى كل ما يعين على أداء النسك ، محذرين من كل ما يفسد على الحاج حجه أو ينقص أجره فالحج بمفهومه الشرعي رحلة روحية ينتقل فيها المسلم من عالم المادة إلى عالم العبودية الخالصة وهو بمفهومه الحضاري تجمع بشري عالمي يجمع ملايين الناس بدون فوارق طبقية وبدون انتماءات طائفية أو نزعات قبلية وهو أبرز ظاهرة ثقافية وتواصلية في عالم اليوم . وشددوا على أن يتحلى الحاج في أداء نسكه بالتسامح مع اخوانه الحجاج ، والصبر في أداء العبادة ، علاوة على حسن تعاون الحاج فيما بينهم ، مشيرين إلى أهمية النظافة في الحج للوقاية من الأمراض وضرورة أن يحافظ كل حاج على نظافته الشخصية ، ونظافة بيئة المشاعر. وتطرقوا إلى كيفية الحرص على سلامة الحج وما يجب أن يتحلى به الحاج من خصال يحفظ بها حجه من الفساد والبطلان وما ينبغي أن يسود بين الحجاج من روابط اخوية وعلاقات ودية تضمن سلامتهم فالحاج مطالب بأن يكف الأذى عن الآخرين من خلال تجنب المزاحمة في الأماكن التي يكثر فيها الزحام والالتزام بقواعد المرور ومراعاة ذوي الاحتياجات الخاصة واجتناب افتراش الأرصفة والطرقات لما يسببه من حوادث وعرقلة للسير وكذلك إماطة الأذى عن الطريق والمحافظة على النظافة بتجنب إلقاء النفايات والأوساخ في الممرات .