أكد سماحة المفتي العام رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن التعاون بين المسلمين يخرص الألسن البذيئة والآراء الشاطة والدعوات المضلله للذين يريدون تحويل الحج من مكان عبادة إلى منابر سياسية ومهاترات وقيل وقال، وأمور ما أنزل الله بها من سلطان، وقال سماحته في كلمة ألقاها خلال حضوره ندوة الحج الكبرى التي تنظمها وزارة الحج تحت عنوان «الحج عبادة وسلوك حضاري» بقاعة الذكرى الخالدة بمكةالمكرمة: إن الحج ذكر لله وطاعة لله وعبادة لله واجتماع الكلمة وتآلف القلوب ووحدة الصف فيا ليت الأمة تستغل الموسم باجتماعها وتفاهمها فيما بينها وحل القضايا المشكلة محلياً وخارجياً ليوجدوا الحل لها على ضوء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وأضاف المفتى العام إن الله خلق الخلق لعبادته وهذه العبادة هي لتهذيب وتزكية النفوس وعند تأمل المسلم لتلك العبادات يجد أنها سبب من أقوى الأسباب لراحة النفوس وطمأنينتها وزكاتها، وإن التوحيد وحده هو أساس الملة وأساس التآلف فلا جامع للقلوب ولا موحد للصفوف إلا توحيد الله وإخلاص الدين له وإفراده بجميع العبادة واعتقاد كمال أسمائه وصفاته على ما يليق بالله جل وعلا. ووصف سماحته الحج بالمؤتمر الإسلامي الكبير، مؤكدًا أنه يقوي الأمة ويزيد ارتباط بعضها ببعض ويشد أزرها. ربط الأمة بحاضرها وقال سماحته هذا الركن يربط الأمة حاضرها بماضيها، فالبيت الحرام أخبر الله تعالى بقوله: (إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركاً وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام ابراهيم) هذا البيت الذى عهد الله بناءه لنبيه إبراهيم وإسماعيل وأقاماه على توحيد الله وإخلاص الدين لله (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) هذا الحج يذكر بإبراهيم وبنائه البيت مع إسماعيل ويذكر بتعاقب أنبيائه في حج بيت الله الحرام وأنه تاريخ مجيد وعمل صالح ثم يذكرك أيضاً محمداً صلى الله عليه وسلم وحجه لهذا البيت وتطهيره إياه من الأوثان وجعله بلداً خالصاً من الشرك. وقال المفتى العام هذا الحج مؤتمرإسلامى كبير قال الله فيه (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم)، هذا الحج عبادة جمعت بين العبادة المالية والبدنية فيه إتعاب بدنى بالانتقال من بلده وترك بلده وأهله وماله والإجهاد للوصول إلى هذا البلد المبارك، وفيه بذل المال فى سيبل ذلك ولهذا قال الله (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً) فهذا الحج مؤتمر إسلامى حولى، وهذا المؤتمر يقوى الأمة ويزيد ارتباط بعضها البعض ويشد أزر بعضها ببعض يلتقى فيه المسلمون من أرجاء الدنيا اللغات مختلفة، الألوان متنوعة، لكن هناك جامع واحد (إنما المؤمنون إخوة) (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) هذا المؤتمر العظيم لا طبقية فيه ولا تفاضل في الأحساب والأنساب (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) هذا المؤتمرالعظيم هو قائم على توحيد الله وإخلاص الدين لله وأن هذا الحج هو حج لبيت الله ليأتوا البيت طاعة لله، وليسعوا بين الصفا والمروة طاعة لله وليقفوا بعرفة طاعة لله والمبيت بمزدلفة طاعة لله، وليرموا الجمار طاعة لله وليحلقوا رؤوسهم طاعة لله كلها عبادة لله جل وعلا، وهي التطبيق العملي والقولي للعبادة، وهذا الحج قائم على إخلاص الدين لله وإفراد الله بالعبادة وعلى جمع القلوب وتوحيد الصف وجمع الكلمة، يلتقى المسلمون فيه فما أسعد الأمة لواستغللنا الفرصة بالتعاون والتفاهم والتدارس واللقاءات الأخوية بين الحجاج العلماء والقادة ليفكر المسلمون في مشاكلهم ويبحثوا عن علاج لقضاياهم التي تحيط بهم؛ لأن الآراء المتعددة والمتنوعة لها شأن عن رأي واحد فإذا التقى المسلمون في هذه المواسم العظيمة فصار اللقاء والتفاهم وتدارس المشاكل وإيجاد الحلول لها سياسية واقتصادية وتجارية وعلمية وأمنية، تسعد الأمة بالتفاهم بينها وحل مشاكلها لأننا أمة واحدة جمعتها عقيدة واحدة فلا ينفع أن يفرقها أي شيء. نقوي الروابط بيننا وقال المفتي العام يجب أن نطبق هذا على أرض الواقع ونستغل هذه الفرصة فيما يقوى الروابط بيننا ويزيل ما يكدرالصفو بيننا ونلتقى على بساط المحبة والمودة ساعين لجمع الكلمة وتوحيد الصف وتآلف القلوب. وقال المفتي العام إن الدولة المباركة بذلت جهداً كبيراً وهيأت مناخاً عظيماً للحجاج ليؤدوا مناسكهم في أمن ويسر وسهولة وراحة واطمئنان والدولة جندت الرجال والأموال وتبذل كل جهودها في سبيل راحة الحجاج، والملك عبدالعزيز رحمه الله لما منّ الله عليه فوحد هذه الجزيرة وجمع شتاتها وأرسى دعائم الأمن فيها، وتعاقب أبناؤه بعده إلى هذا العهد الزاهر والحج يحظى بمشروعات جبارة لراحة الحجيج، نسأل الله الرحمة للأموات وبارك في الأحياء وأطال في أعمارهم، وقال إن الحجاج في الماضي ما كانوا يتمتعون بهذه التسهيلات، فكان الماء يتعبهم والطريق غير آمن، والحج مع كونه عبادة هيأت أسباب الراحة فيه. دعوة إلى التعاون وكان معالي وزير الحج الدكتور بندر بن محمد حجار افتتح ندوة الحج الكبرى أمس وألقى كلمة نقل خلالها تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمشاركين في هذه الندوة مرحبًا بسماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ وبالعلماء والمفكرين والمثقفين والأدباء من جميع أنحاء العالم الإسلامي وبالحضور والمشاركين في هذه الندوة التي دأبت وزارة الحج على عقدها سنويًا. وقال معاليه «إن هذه البلاد ملكًا وحكومة وشعبًا بقيادة خادم الحرمين الشريفين- رعاه الله- تتشرف كل عام بخدمة ضيوف الرحمن ليتمكنوا من أداء نسكهم وفق مراد رب العزة والجلال وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبكل يسر وسهوله وليعودوا بعد ذلك إلى ديارهم وأوطانهم سالمين غانمين». ودعا وزيرالحج حجاج بيت الله الحرام إلى التعاون التام مع القائمين على خدمتهم وذلك لتحقيق الأهداف السامية لأداء النسك ولإعطاء الصورة المشرفة لما يدل على التسامح والإخاء امتثالاً لقوله تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان». وتمنى التوفيق للمشاركين في أعمال هذه الندوة التي تضم نخبة من خيرة علماء ومفكري ومثقفي وأدباء العالم الإسلامي الذين سيثرون فعاليات الندوة بأطروحاتهم وآرائهم المستنيرة ونقاشاتهم الموضوعية بهدف تلاقح الأفكار التي ستؤدي بإذن الله إلى توصيات يسترشد بها لتبصير الحجاج. إثر ذلك أجاب سماحة مفتي عام المملكة على أسئلة واستفسارات المشاركين في الندوة. .