زيلينسكي: علينا محاولة إنهاء الحرب العام المقبل    ضيف الرأي: الفنانة التشكيلية مروة النجار    إطلاق مركز (Learning Hub) للتعامل مع التهديدات الصحية المعقدة    المربع الجديد استعرض مستقبل التطوير العمراني في معرض سيتي سكيب العالمي 2024    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    مصرع 10 أطفال حديثي الولادة جراء حريق بمستشفى في الهند    يدعوان جميع البلدان لتعزيز خطط العمل الوطنية    استمرار تشكل السحب الممطرة على جازان وعسير والباحة ومكة    سوق بيش الأسبوعي.. وجهة عشاق الأجواء الشعبية    مهرجان صبيا.. عروض ترفيهية فريدة في "شتاء جازان"    اكتشاف مخلوق بحري بحجم ملعبي كرة سلة    وظائف للأذكياء فقط في إدارة ترمب !    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    زيلينسكي يقول إن "الحرب ستنتهي بشكل أسرع" في ظل رئاسة ترامب    ترامب ينشئ مجلسا وطنيا للطاقة ويعين دوغ بورغوم رئيسا له    إسبانيا تفوز على الدنمارك وتتأهل لدور الثمانية بدوري أمم أوروبا    "أخضر الشاطئية" يتغلب على ألمانيا في نيوم    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    نيوم: بدء تخطيط وتصميم أحياء «ذا لاين» في أوائل 2025    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    "سدايا" تنشر ورقتين علميتين في المؤتمر العالمي (emnlp)    اختتام مزاد نادي الصقور السعودي 2024 بمبيعات قاربت 6 ملايين ريال    "الشؤون الإسلامية" تختتم مسابقة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في غانا    منع استخدام رموز وشعارات الدول تجارياً في السعودية    نجاح قياس الأوزان لجميع الملاكمين واكتمال الاستعدادات النهائية لانطلاق نزال "Latino Night" ..    لجنة وزارية سعودية - فرنسية تناقش منجزات العلا    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    منتخب مصر يعلن إصابة لاعبه محمد شحاتة    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    ابن جفين: فخورون بما يقدمه اتحاد الفروسية    بعثة الاخضر تصل الى جاكرتا استعداداً لمواجهة اندونيسيا    القوات الجوية السعودية تختتم مشاركتها في معرض البحرين الدولي للطيران    جدة تشهد أفراح آل قسقس وآل جلمود    إحباط تهريب 380 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    القمر البدر العملاق الأخير    تركي آل الشيخ يعلن القائمة الطويلة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    الخرائط الذهنية    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد الجاسر: المرأة ستكون جزءا أساسيا في خطة التنمية العاشرة
أكد أن الزيادة في أعداد المؤهلات يُحتّم ذلك
نشر في الندوة يوم 11 - 10 - 2012

وعد معالي الدكتور محمد بن سليمان الجاسر وزير الاقتصاد والتخطيط أن تكون المرأة جزءاً أساسياً في خطة التنمية العاشرة مؤكداً أن الخطط الخمسية راعت ذلك دائماً إلا أن الزيادة المضطردة لأعداد السعوديات المؤهلات والداخلات إلى قطاع الأعمال يُحتّم ذلك.
وقال الجاسر في محاضرة له مساء أمس الأول بالجامعة الإسلامية حول (مستقبل الاقتصاد السعودي في ظل التنامي المضطرد للاقتصادات الناشئة) إن المملكة تمر بفترة لم تحدث في تاريخها ولا تتكرر كثيراً في تاريخ الدول حيث يبلغ عدد السكان ممن هم في سن العمل أكثر من 61% مشدداً على أهمية الاستغلال الأمثل لهذه الميزة.
وعبر الجاسر عن القلق حيال مشكلة التستر في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة حيث تتحول الفرص العمل الناشئة عن ذلك النشاط لعمالة أجنبية غير شرعية مما يحرم المواطن من تلك الفرص بل ويحرم المجتمع من فرص تحول تلك المنشآت إلى شركات كبيرة قابلة للنمو والتطور ترفد النمو الاقتصادي الوطني.
وبدأ الجاسر محاضرته التي حضرها عدد كبير من المسؤولين والمفكرين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة وطلابها بالإشادة بعناية المملكة بالحرمين الشريفين وجعلهما من أولويات خطط التنمية، وقال لقد تصدرت العناية بالأماكن المقدسة أولويات خطط التنمية مجسدة ما استهدفته الدولة في تطوير الحرمين الشريفين مما يوفر لقاصديهما أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة، وقد وجهت القيادة بأن تظل الرؤية المستقبلية للخدمات الدينية في المملكة مكرسة لخدمة الحرمين الشريفين، ورفع كفاءة تلك الخدمة بصورة دائمة بما ينسجم مع تعاليم وقيم ديننا السمحة، وتوجيه جل الاهتمام للحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة عمارة وتوسعة ونظافة وصيانة، وقد تلاحقت أعمالها منذ فجر هذه البلاد حتى يومنا هذا، حتى لا تكاد تمرّ سنة دون أن تحظى المشاعر بعناية فائقة من شأنها منحها أزهى حلل العمارة الإسلامية، وأحب مساحة، وأفضل خدمة لضيوف الرحمن. ولأن سجل الإنجاز مما لا يتسع المقام له إلا أنه حق علينا ونحن نرى هذا التوسع الهائل لأكبر توسعة للحرم النبوي أن نرفع أسمى آيات الشكر لخادم الحرمين الشريفين الذي أقرها وأجزل في تمويلها ويتابع تنفيذها بأرقى المواصفات وأفسح الساحات التي ستتيح لحوالي مليوني مصل الصلاة في آن واحد.
وفي صلب موضوع المحاضرة أشار الدكتور الجاسر إلى بعض الملاحظات العامة على الاقتصادات الناشئة، موضحاً أن السنوات العشر الأولى من الألفية الثالثة بمثابة عقد رائع لتلك الاقتصادات حتى في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية وكان التوقع بأن تهيمن الاقتصادات الناشئة على ساحة الاقتصاد العالمي، وفي السنة الماضية تراجعت بعض أكبر تلك الاقتصادات ومعدلات نموها إلى النصف وما دونه، واليوم يتحدث بعض المحللين عن استمرار تباطؤ النمو في تلك الدول إلا أنني أرى أن هذه التوقعات لن تكون صحيحة.
ويرى الجاسر أن الاقتصادات الناشئة ومنها اقتصاد المملكة ستحافظ على مكانتها اللائقة وليس أدل على ذلك من النظر إلى قائمة الدول العشرين التي تضم المملكة لندرك الدور المحوري الذي تقوم به المملكة اقتصادياً.
وعرج الجاسر على بعض أمثلة على نجاح أداء المملكة الاقتصادي في سياق خطط التنمية الخمسية ولخصها في أن القاعدة الاقتصادية أصبحت أكثر تنوعاً ويتجلى أحد مؤشرات ذلك في نسبة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج الإجمالي المحلي فقد ارتفعت من 48.5% عام 1970م إلى 72.5% عام 2011م برغم الزيادة الكبيرة في إنتاج النفط عام 2011م.
وهناك مؤشرة آخر وهو نسبة قيمة صادرات السلع غير البترولية إلى قيمة الواردات السلعية غير البترولية في المملكة وقد سجلت هذه النسبة قيماً لا تكاد تذكر خلال السبعينات أما الآن فقد ارتفعت من 26.8% عام 2001م إلى 35.8%. ويضاف إلى تلك المؤشرات أيضاً أن المملكة لم يكن لديها صناعة محلية لإنتاج الاسمنت في السبعينات والآن فقد بلغ الإنتاج المحلي 24 مليون طن عام 2004م ليقفز إلى 62 مليون طن عام 2011م.
كما أنه مع نهاية عام 2011 وهي السنة الثانية من الخطة التاسعة بلغ مجموع أطوال الطرق المعبدة حوالي 233 ألف كم ما بين طرق سريعة تربط المدن وطرق داخل المدينة، علاوة على 136 ألف كم من الطرق المعبدة، ومعروف أن المملكة مترامية الأطراف، كذلك ارتفع معدل العمر المتوقع عند الميلاد للمواطن السعودي من 53 سنة في أوائل السبعينات إلى 74 عام 2011م بفضل الله ثم بفضل تحسن الخدمات الصحية، مشيراً إلى شواهد من نجاحات المملكة في الخدمات الصحية في التحصينات وانخفاض معدلات الوفاة وارتفاع عدد الأطباء في وزارة الصحة.
وأورد الدكتور الجاسر في محاضرته لمحة عن بعض عناصر صناعة السياسات الاقتصادية وإدارتها في المملكة، موضحاً إلى أن السياسة الاقتصادية لأي بلد تتضمن ثلاثة محاور رئيسة المحور المالي والنقدي والهيكلي، فوزارة المالية مدعومة بالمجلس الاقتصادي الأعلى تتولى مسؤولية إعداد وتنفيذ السياسة الاقتصادي من خلال ميزانية الدولة، حيث تنعم المملكة بمركز مالي مرموق بلغ فيه الإنفاق الحكومي أعلا مستوياته بينما تقلص الدين الحكومي من حوالي 100% من الدخل القومي عام 1999م إلى 4% الآن، كما أن لدينا احتياطيًا كبيراً من النقد الأجنبي وسيسهم هذا المركزان في تخفيف أي انعكاسات محتملة لأي انخفاض محتمل في الإيرادات النفطية في المستقبل.
وفي المحور النقدي قال الجاسر إن مؤسسة النقد تضطلع بتنفيذ السياسات النقدية التي اتسمت بالحكمة وإن افتقرت إلى الحماس من قبل المؤسسات المصرفية قبيل الأزمة المالية، حيث وصفها البعض بأنها سياسة تنقصها روح المغامرة، إلا أنها خلال الأزمة وبعدها أثبتت الرأي الحصيف الذي نجح في اجتياز الأزمة دون أن يخلف ذلك تأثيرات من قبيل الركود الاقتصادي كما واجهته الدول المتقدمة.
وعلى الصعيد الهيكلي فإن وزارة الاقتصاد والتخطيط تتولى مسؤولية وضع السياسات الهيكلية من خلال إعداد خطط التنمية الخمسية وما يتعلق بها من الاستراتيجيات التي ترمي إلى تحقيق أهداف الخطط.
واستعرض الدكتور الجاسر بعض التحديات التي تواجه المملكة في غضون السنوات العشر إلى العشرين المقبلة، فقد ظل تنويع القاعدة الاقتصادية هدفاً من أهداف الخطط الاقتصادية للمملكة منذ الثمانينات ولكن مفهوم التنويع قد تطور بمرور الوقت، ففي عام 1984م تركز مفهومه على التحول من الاعتماد على النفط الخام إلى زيادة قدرات تكرير النفط، وبعد تطور إلى التحول من الاعتماد على النفط المكرر والخام إلى تطوير منتجات بتروكيماوية ذات قيمة مضافة أعلى من النفط المكرر من عام 85-99م، وفي الوقت الحالي نشهد تطور مفهوم التنويع الذي يعني التحول من الاعتماد على القطاعات ذات الصلة بالنفط إلى الاعتماد على نشاط الصناعات التحويلية والخدمات ذات القيمة المضافة.
ولا ينبغي لتلك الصناعات أن تهيمن عليها بالضرورة الشركات والمؤسسات الكبرى فالتجارب الدولية في هذا الصدد تشير إلى أنها ستعتمد على الشركات الصغيرة والمتوسطة، والمملكة تعكف على إجراء تقييم للشركات الصغيرة والمتوسطة بغية تحديد السياسات المتبعة وكيفية تحسينها وتطويرها بحيث يتسنى لنا استخلاص الدروس المستفادة وتضمينها في الخطط والبرامج القادمة.
ونحن نستشعر القلق على وجه الخصوص حيال مشكلة التستر في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة حيث تتحول الفرص العمل الناشئة عن ذلك النشاط لعمالة أجنبية غير شرعية -ولا بأس هنا بالعمالة الأجنبية الشرعية- مما يحرم المواطن من تلك الفرص بل ويحرم المجتمع من فرص تحول تلك المنشآت إلى شركات كبيرة قابلة للنمو والتطور ترفد النمو الاقتصادي الوطني.
وسيسهم التنويع الاقتصادي في التعزيز الأمثل للموارد والاستفادة منها، والتنويع لا يتحقق إلا إذا كانت الصناعات ذات قدرة تنافسية عالية.
ومن ثم فإن التنويع الاقتصادي سيسهم في تحقيق العديد من أهدافنا الاقتصادية والاجتماعية ذات الأولوية والتي تتمثل في تقليل الاعتماد على النشاطات المرتبطة بالنفظ، وهناك هدف آخر للتوجه الحكومي للتنويع وهو ضمان التحول للمجتمع المعرفي المستدام، وسعياً لتحقيق ذلك فإن المملكة تقوم باستثمارات هائلة في هذا الصدد ومنها على سبيل المثالث مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام، وادي الظهران للتقنية، وبرنامج يسّر، مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، مدينة المعرفة الاقتصادية بالمدينة، جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، والتوسع في نشر شبكات الألياف البصرية لتغطية كافة مناطق المملكة وهو جارٍ على قدم وساق، كما أن الجامعات السعودية تخطو خطوات واسعة في حقل تعزيز البحوث.
وقال إن سبب ذكر تلك الإنجازات والجهود هو القناعة بأن هذا هو السبيل الوحيد الذي نضمن به أن يكون المواطن والاقتصادي ذا قدرة تنافسية عالمية، فإن رياح العولمة دفعت الدول لأن تفكر من منظور عالمي وألا تقصر نظرتها على أوضاعها المحلية، وأصبحت اقتصادات الدول أكثر تشابكاً وترابطاً، ولا شك أن المعرفة ستشكل العنصر الأكثر أهمية للقدرة التنافسية الاقتصادية في المستقبل، ونحن نملك الوسائل والأدوات المالية اللازمة للتحرك في هذا الاتجاه إلا أننا نسعى لتطوير الكفاءة الإنتاجية بوصفها العنصر بالغ الأهمية في هذا المضمار، فبدون إنتاجية مرتفعة للقوى العاملة فلن يكون بمقدورنا تحقيق الاستفادة الكاملة من الموارد التي حبانا الله بها ولن يكون لدينا القدرة التنافسية العالمية.
وأكد الجاسر أن هناك تحديين رئيسيين تواجهما المملكة في هذا السياق يتمثل الأول في تطوير السبل والوسائل التي تكفل للاقتصاد استحداث الفرص الوظيفية الكافية لاستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل في الحاضر والمستقبل، وكذلك استيعاب من ليس لديهم عمل في الوقت الحاضر، أما التحدي الثاني فيكمن في إرساء معدلات الإنتاجية العالية والحفاظ عليها بصورة مستدامة في كل من القطاعين الحكومي والخاص، ونحن نبذل جهوداً حثيثة على كافة الأصعدة لمجابهة هذين التحديين وعلى يقين بقدرتنا على التغلب عليهما.
وعبّر الجاسر عن شدة تفاؤله بمستقبل بلدنا وأثق تمام الثقة في قدرتنا بعون الله على التغلب على التحديات، مؤكداً أن ما يدعوه للتفاؤل والثقة هو أن المملكة تشهد مرحلة متميزة في تطورها السكاني تعرف ب (النافذة الديموغرافية) وهي مرحلة تزيد فيها أعداد أفراد المجتمع ممن هم في سن العمل عن غيرهم من بقية السكان، ففي عام 2011م شكلت أعداد السكان ممن هم في سن العمل (15-64) نسبة 61% من مجموع السكان في مقابل 3.5% ممن تزيد أعمارهم عن 75 سنة، و35.6% ممن تقل أعمارهم عن 15 سنة، وهذه هي المرة الأولى التي تصل فيها أعداد السكان ممن هم في سن العمل عن غيرهم من مجموع السكان، وهو وضع لا يتكرر كثيراً في تاريخ الدول والشعوب وعلينا أن نحسن الاستفادة من هذه الفرصة متوخين الحكمة والحصافة في استغلالها.
وقال الجاسر إن المملكة تدرك أهمية الاستفادة من نافذتها الديموغرافية الحديثة في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتحقيق زيادات مضطردة في المستوى المعيشي للمواطنين بتنمية القوى العاملة من خلال توفير التعليم والتدريب المناسب وتعزيز ذلك بأدوات ووسائل حديثة، وقد وجهت المملكة استثمارات هائلة في هذا المجال بوضع ما مجموعه 1.4 تريليون ريال من مجموع الخطة التنموية التاسعة حيث خصص ما يزيد على النصف في تنمية الموارد البشرية ويشمل ذلك التعليم والعلوم والتقنية، بما يؤكد أن المواطن السعودي يأتي في مقدمة الاهتمامات أما السياسيات الأخرى تمثل مجرد تفاصيل إضافية تعزز هذا التركيز وتدعم ذلك الأساس.
مداخلات ونقاشات
وشهدت المحاضرة مداخلات ونقاشات مطولة من القاعتين الرجالية والنسائية، بدأت بسؤال عن السبب في أن المملكة لم تتحول بعد إلى دولة مماثلة لدول النمور الآسيوية وقد كنا أسبق في التخطيط والخطط الخمسية، فأجاب الوزير الجاسر: نحن في بلد في البدايات كان عدد السكان قليلاً واضطررنا للاستعانة بأعداد كبيرة من العمالة الأجنبية، وفي بداية التخطيط كان معدل العمر 53 عاماً للمواطن السعودي، وكانت الأمراض تفتك بالمواطن، واستغرقنا وقتاً لتحسين صحة الإنسان، أما الآن فهناك تنوع في الاقتصاد ولو قارنا فقط بين 2011 و2001 ارتفعت الصادرات غير البترولية إلى 36% بحيث نستطيع تمويل كثير من وارداتنا من خلال الصادرات غير البترولية، وأعتقد أن الثروة البشرية لدينا والتحدي الأكبر هو استغلالها، فإن أقل من عشرة بالمائة من المواطنين يعملون في القطاع الخاص، أما النمور الآسيوية فقد بلغت ما بلغت لأن لديها طاقة بشرية هائلة ذات كفاءة وانضباط عاليين.
ورداً على سؤال حول وجود معيار للتنوع الاقتصادي قال الوزير: لن تجد معياراً محدداً للتنوع ولكنه درجات، فإذا كان الدخل القومي فيه مستوى من الصناعات التحويلية يصل إلى 40% خاصة في دولة لها ثروة بترولية فيمكن وصفها بتحقيق التنوع، والبترول سيظل لعقود وعقود هو أساس الاقتصاد السعودي وهذه نعمة يجب ألا نخجل منها ولا نكابر في هذا الأمر، ولكن نحتاج صناعات تحويلية تعطي ميزة تنافسية تجعلها قابلة للاستدامة وتكفل فرص عمل للمواطنين فالتنويع ليس هدفاً بذاته ولكن فيما ينتجه من فرص العمل للمواطنين، وعدد اليد الأجنبية عالية جداً والمجتمع يدفع تكلفتها أكثر من تكلفة الراتب الذي يدفعه صاحب العمل.
والشركات الصغيرة التي تعاني مشكلة التستر لن تتطور لأنها تخشى فضح الجوانب غير المشروعة لديها، والاقتصادات المتطورة تبدأ بالشركات الصغيرة في تطور طبيعي، إلا أن التحول لاقتصاد المعرفة سيساعد على التخلص من بعض المظاهر التي تحرم المجتمع من تطوير الأعمال التي يحتاجها المجتمع من شركات صغيرة إلى كبيرة متطورة وزيادة توظيف المواطنين في القطاع الخاص.
وفي مداخلة لعضو مجلس الشورى يوسف ميمني تساءل عن دور وزارة الاقتصاد والتخطيط في تحريك المشروعات المتعثرة وزيادة الاعتمادات لها فأجاب الوزير بأن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وضع متابعة المشاريع كأولوية من أولويات مجلس الوزراء، وهذا من أكثر الأشياء التي يركز عليها خادم الحرمين خلال مجلس الوزراء، ونحن نعد نظاماً آلياً متطوراً لمعرفة ومتابعة كل مشروع من حين يعتمد من المالية إلى توقيع العقود والإنجاز، ونتعاون مع كل الجهات وذلك بالرغم من أن الوزارة ليست جهة تنفيذية، مؤكداً أن عدد المشاريع في المملكة يصل إلى أكثر من 17 ألف مشروع لدى الدولة، ولكم أن تتصوروا حجم المشاريع الهائل، فلا بد أن يكون هناك تعثر لسبب مقبول أو غير مقبول ولكن السؤوال هل لدينا الآليات للمتابعة والمحاسبة أعتقد أنها قيد التطور من يوم لآخر.
وفي سؤال لمحمد الدبيسي نائب رئيس النادي الأدبي الثقافي بالمدينة المنورة حول تطبيق الرهن العقاري ودور الوزارة فيه قال الوزير إن نظام الرهن العقار تأخر كثيراً في هذا البلد، وملكية السكن هي من أهم مؤشرات الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ويجب أن تدعم من عدة جهات في الدولة وقد خطا خطوة كبيرة بإنشاء وزارة الإسكان والبدء بإنشاء 500 ألف وحدة سكنية للمواطنين.
وردّا على سؤال لوكيل كلية الحديث بالجامعة حول توسع البنوك التجارية في القروض الاستهلاكية للمواطنين وهل يمثل خطراً على الاقتصاد الوطني وهل لدى الوزارة إجراءات أو خطط في الحد من تلك القروض، قال الوزير إن مسألة القروض حرية شخصية والدولة لا تستطيع منع الناس من الاقتراض، ولكنها تستطيع تنظيمه، وهذا ما فعلته حينما حددت الحد الأعلى بخمسة عشر راتباً للقرض وألا يتجاوز القسط ثلث الراتب الشهري، وإذا لم تفعل ذلك فسيتجه المواطن للقروض غير النظامية.
وفي جوابه على سؤال حول الفرق الشاسع في الخدمات بين المناطق قال الجاسر نحن نعلم أن أكثر من 65% من سكان المملكة منحصرون بين جدة ومكة والرياض والدمام وما حول هذه المدن، فلدينا تركز سكاني لذلك نجد الخدمات والمصانع تتركز في هذه المناطق ولسنا استثناء من الدول الأخرى، ولو لاحظتم الخطة السابقة نجد أن الجامعات انتشرت في معظم مناطق المملكة والعناية الصحية انتشرت فأعتقد أن هناك الآن تحركاً نحو إعادة تنظيم منظومة الخدمات للحد من الهجرة للمدن الكبرى، فالرياض الآن يسكنها حوالي 6مليون وهو حجم كبير من السكان في منطقة واحدة وليس صحياً، فهناك توجه صحي لإعادة النظر في منظومة التنمية الإقليمية وتوزيع الخدمات بشكل أفضل بين المناطق ولا يكون التركيز على المناطق الرئيسة.
وفي ردٍ له على سؤال حول ارتباط الريال السعودي بالدولار قال الوزير الجاسر: إن الارتباط بالدولار ليس سياسياً بل هو مصلحيّ، فنحن لا زال اقتصادنا يعتمد على البترول، والبترول مسعر بالدولار لنا ولغيرنا حتى للأوربيين يسعرون بترولهم بالدولار، وبالتالي إذا كان أكثر دخل المملكة ووارداتها بالدولار، فإن هناك في الاقتصاد ما يسمى بالتحوط، فلو لم يكن لديك هذا التحوط فستضطر لدفع الملايين للدول الأجنبية من إجل هذا التحوط، وقد أعطانا الله هذا التحوط جاهزاً، مستدركاً أنه عندما تكون القاعدة الصناعية والإنتاجية والصادرات أكثر تنوعاً فلكل حادث حديث، ولكن أيضاً أريد أن أؤكد أن الارتباط بالدولار خدم اقتصادنا خدمة كبيرة، وأعتقد أن أي محلل موضوعي للوضع الاقتصادي في المملكة، والعملات ترتفع وتنزل، فلو ارتبطنا بأي عملة أخرى أو بأي سلة فسيكون الارتفاع والانخفاض مزعجاً، والمملكة جربت فكنا مرتبطين بسلة، وعانى الاقتصاد منها كثيراً.
العقلا: برنامج الجامعة الثقافي يطرح هموم المجتمع على صاحب الاختصاص مباشرة
وقال معالي مدير الجامعة الإسلامية الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا إن المحاضرة تأتي ضمن برنامج الجامعة الثقافي لتسلط الضوء على جانب مهمة من جوانب اقتصاد وطننا الحبيب، مشيراً إلى أن التنمية الاقتصادية أصبحت في هذا العصر هي التحدي الأكبر والأخطر الذي يواجه الدول، فالاقتصاد هو عصب الحياة ومحرك النهضة والتطور في شتى المجالات، والتطور والنمو الاقتصادي لا يتأتى إلا بالتخطيط الصحيح الذي يُبنى على الواقع ويستشرف المستقبل ومتغيراته. ومن هنا تأتي أهمية المحاضرة والحوار المفتوح مع وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد الجاسر لتعرف المجتمع بمختلف شرائحه وفئاته ويطمئن على مستقبل الاقتصاد السعودي في ظل النمو المضطرد للاقتصاديات الناشئة في العالم.
وأكد العقلا أن دور برنامج الجامعة الثقافي الذي يحرص على استضافة كبار العلماء والمفكرين وصناع القرار في لقاءات مفتوحة لغرس الثقافة المعرفية المتنوعة في المجتمع لتعزيز مبدأ الحوار بين المواطن والمسؤول بإتاحة الفرصة للمواطنين للقاء المسؤولين ومناقشة رؤاهم وأفكارهم وعرضها على صاحب الاختصاص مباشرة.
وشكر العقلا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله على ما يقدمه لاقتصادنا الوطني وعلى تبنيه رعاه الله للحوار قولاً وعملاً، وعلى دعمه غير المحدود للجامعة حتى تؤدي رسالتها السامية.
وألقى الطالب حمزة علي إبراهيم قصيدة بالفصحى رحب فيها بوزير الاقتصاد والتخطيط والحضور ونالت استحسان الحاضرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.