سمعنا ان تظاهرة عكاظ منطلقة كما هيأ لها القائمون عليها وكما هي العادة من قبل الأخوان هناك ولهذا فقد كان لي حديث فيما مضى عن المكان والعهدة لهذا أقول: الطائف المأنوس والذكر الموغل بلد لا كالبلدان ليس لأنه مصيف الحرم الشريف وغوطته الحافلة وهذا كافٍ ولكنه رحم ضاج بالفحولة بالموحيات بكل ما يبهج الأنفس ويطلق الرؤية. الطائف انشودة الوجد وحنين الإثارة ، روعة السراة الأولى وعرس القصيدة العربية الخالدة ، لقد انشدتها معجباً وألفتها منذ الصبا الأولى كانت الأقرب إلى تثليث إلى بيشة إلى أبها بحكم التواصل كما ورثنا مذخورها وما تتفرد به مكاناً وأهلاً لأن منطقة الحجاز أو اقليم الحجاز كما حدده الجغرافيون من عقبة أيلة إلى تثليث وهو اقليم مختلط السكان متقارب الأمكنة ومتشابه العوائد ومن هنا كان ولايزال في الذروة من العشق الممتد .. اما لماذا كان هذا الحديث في الأصل مع انني قد وفيت مع الطائف فيما سبق فلأن أخي الأستاذ علي خضران القرني الكاتب معي في هذه الجريدة قد بعث إلي بعملين جيدين عن عكاظ والأستاذ علي القرني أحد الكتاب الوطنيين الحصفاء وواحد ممن أفرغ حياته للكلمة المفيدة .. أما العمل الأول فهو: (ديوان عكاظ) للأستاذ حماد السالمي والسالمي ثقفي أصيل المنبع عاشق حتى النخاع لبلدته بعكاظ وبدون عكاظ لا يبغي بها بديلا ولا يماري فيها أحداً .. وإذا قلنا له: يا ابن حماد لن نغالطك في هذه لكن دع لنا بعضا من تلك قال: إلا هذه الضيزى!! لقد جمعت وأعددت وأربيت تأليفاً ورصداً في شوق هذه الحسناء .. أتعلمون أنها نواه المسيرة والثغر الفواح لهذا الطود الأسمر؟! قلنا نعلم هذه الدرقلة ومكامن هذه الحوقلة منذ وجدناها نحن معك نكفلف عن سواعدنا الأكمام ونعتزي .. أتدري انها قد اخذتك عن كل شيء ، قال قولوا ما تقولون واستفتوا ثوبك طويل وغترتك مايله أو ماشئتم فما عاد في شاحج المتربصين أو سانحهم ما يعنيني ، وديوان عكاظ هذا يقع فيما يقارب 180 صفحة ، وقد قسم هذا الديوان إلى ثلاثة فصول عن عكاظ المكان والمكانة والشعر والشوارع التي رأى أنها الأليق منذ فهم به هذا السوق كمنبر زخمه المحلق .. اما العمل الآخر عن سوق عكاظ فهو للصديق الأستاذ مناحي القثامي ابن الطائف أيضاً وهو أقرب ما يكون للحديث الموثق سواء عن مكان السوق أو تفعيل ما دار فيه حيث رصد ما اطمأن إليه من آراء المهتمين الذين أدلى كل منهم بدلوه حول موقع السوق أو مكانته التاريخية في فترة اختلفت فيه الآراء حول تحديد مكان السوق ولعلني قد شهدت بعضاً من تلكم الجهود عبر الصحافة المحلية وشاركت ضمن من شارك ، والأستاذ القثامي رجل دمث الخلق محب لأهل الثقافة لم يدخر منذ كان معلماً في متابعة الساحة والركض النبيل مع الفضلاء وخاصة فيما يتعلق بتاريخية المكان الذي تتربع عليه نبيلته منذ الزمن السحيق وحتى الآن كما انه قد يعد مرجعا للتراث الشعبي دون تحديد وأنا عندما أقول التراث الشعبي فإنني لا أعني الشعر العامي كما يتوهم بعض المرقلين في حلبة الأمية بل أعني كل ما يتعلق بالشعبية التي ترجمت عن كلمة (الفلكلور) كالأمثال واهازيج الزراعة في الحرث أو في الحصاد كذلك القصص والحواديث والشعر العامي بطبيعة الحال أو ما ينضوى في هذا الإطار .. لن أطيل تحياتي للأستاذ المهدي على هذا الإهداء اللطيف والذي أظن انه قد يربطنا بالصعيد الطاهر ومن ثم قافلة من الرند والشيح للاخوان الثلاثة.