صلة ما قبله .. فهل ننعتق ونبرهن على أننا موجودون؟ وما المانع إذا كانت الأرضية والتراكم المزهر والقدرة على الأخذ والاحتواء متوفرة .. لماذا نخشى من المكاشفة ومعارضة الرأي والتواضع والاحتكام بالرضا الشامل .. لماذا لا نأخذ العبرة مما نقرأ بالافتراض والبرهنة والنتائج الموصلة .. لماذا لا نجعل المستقبل هو الهدف ولا مستقبل لمن حاضره مأزوماً ضيقاً حرجاً من النقاش وتدليل الحقيقة .. لماذا نصر على ماضوية المعروغ من جموده وجحوده وفي ذات الحين على الفج والمعتل .. إن التاريخ ما لم يكن خلاصة طبيعية للشرائح يتحدث عن أحداثها ومواقفها وعسرها ويسرها ليس تاريخاً انما هو ضرب من فذلكات السير والغش والتجني .. يكتب أحدهم عن حياته وتجواله ودراسته ويشأ أن تكون هذه التداعيات والتذكر رواية به وله ولا عليه إلا أن يوعز ويتمايل ومن ثم يحرك محبيه وصناع شفاعته هذه رواية فيطيرون ولا يقعون والويل لك إن قلت غير ذلك من سلاطتهم ومواقعهم من المنشورة ويأتي الآخر بنظم جيره بمكانته الوظيفية فتفرد له الصفحات على انه الشاعر المعكر المتخطي .. أما حلاقيم الورق فللمحذورات والنواهي ولمن يخط بالرهيف والضامر .. لماذا نصر على التراجع والمراوحة في المربع الأدنى؟!. ما شأن خلق الله حتى القريبين من هذا القطر قد تجاوزوا هذه العوائق ونبذوا هذا التفكير .. ماذا يعني القضاء على الأمية وعقابيل التتابع البائس لماذا لا نتحرك نحو أنفسنا نحو ثقافتنا وتعاملنا مع الرؤية والتوجه .. لماذا ولماذا ولماذا؟!!. ومع هذا أرى أن في نهاية النفق ما يدعو إلى الاطمئنان إذا أخذنا بمبدأ الصبر وشحذ العزيمة فبالصبر ومحاولة التكيف مع المرحلة التي تحرك الراكد وتضع النقاش المدلل بالشواهد هو ولا غيره ، وبهذا ندنو أو يدنو منا المناخ الصحي ، والمفترض أن نوطن حياتنا المعرفية على المساءلة أياً كانت وان نعتبر السؤال من حق من يدفعه وان لا نتبرم من النقد مهما كان .. وان نعتبر أن العمل الأدبي سواء أكان إبداعياً أو تجميعاً أكاديمياً أو ما في ضمن ذلك من البحوث عملا مشاعا من حق البصراء ان يراجعوه ويعيدوا ويبدوا في مضامينه إذا كان قابلا للدرس والتدارك بغض النظر عن صاحبه ووجاهته أو مكانته في المجتمع فمقولة إن هذا المؤرخ أو الشاعر أو الطارح لا يناقش قد ولت أو في طريقها .. نحن أيها القوم أهل فطرة ونقاء ومن الواجب ان نضرب المثل إذا كنا كذلك ، ومع هذا الموقف لا مانع أن نقول: كثيراً ما يعترض بعض الناس - وهم يعالجون أشياءهم الضرورية ويتقلبون مع الكدح واليأس. أمور جليلة قد تضيق بها الفئة الأعم - وهو السواد الأعفياء لكنهم من واقع الجد والتفاني أجدر بالقناعة وأنبل بالمظاهر الطيبة ..والمتوافق مع الأكثرية وإن كان على حاله لا يحفل بالمثبطات ولا تهمه الأحجار الملقاة وانما يتعامل مع العرف العام برغم زيوف الطيبين من أرباب العباءات والحقائب البجر. وهو بهذا الصنيع لا يألو جهداً في اكتساب الرضاء والمحامد التي قد يتقاعس عن طلبها أول المتخمين بالكثير الكثير من متع وعينيات الدنيا المتراكمة ، تصور وأنت في قمة إحساسك ان لديك ما شئت من القناطير المقنطرة .. تلبس ما شئت وتركب ما شئت وتنتفخ على من شئت والرابطة مع الخلق بما في صناديقك أو بتكايا منصبك ، لكن ما هو وجه التعامل الذي من الممكن ان يبقى شريفاً وواضحاً أمام الزمن وأمام بني جنسك .. هل هو ذاك الوجه المزوق الذي يخشى من كل شيء ولا يأمن حتى من نسمة الريح العابرة في مقابل الآخر الذي لا يتزحزح أمام الظروف ويتعامل وهو أنفس من تلك الطلاء والاستعارات والخنفشاريات المتلاحقة .. إن الوهم المكانة و(البنوكوت) والحرص لا يخلقان الرجال ولا يسهمان في وطنيتك وانتمائك إلا بقدر ما تبذل منها وهو المهم في إثبات ذلك الانتماء وذاك البعد الذي يتسامى مع المهنة ومع الإصرار والعطاء .. وبهذين الأخيرين يبلغ الإنسان كل ما يصبو إليه حتى وإن كان يعيش مع العوز وقلة ذات اليد .. فيا أيها الناس تعاملوا فيما بينكم أياً كنتم بالإنسانية وبما أوجبه الله من العدل والحب والمصداقية .. ورحم الله من عرف قدر نفسه: وأكثر الناس منذ كانوا ما قدروا الله حق قدره كما قال أبو الفتح البستي وإنها لتذكرة خذوها أو دعوها.