صلة ما قبله: ماذا يعني القضاء على الأمية وعقابيل التتابع البائس ، لماذا لا نتحرك نحو أنفسنا نحو ثقافتنا نحو تعاملنا مع الرؤية والتوجه .. لماذا ولماذا؟!! ومع ذلك أرى أن في نهاية النفق ما يدعو إلى الاطمئنان هذا إذا أخذنا بمبدأ الصبر ومحاولة التكيف مع المرحلة التي تحرك الراكد وتضع النقاش المدلل بالشواهد حتى يكون الخيار مؤصلاً وبهذا ندنو أو يدنو منا المناخ الصحي بل الواجب ان نعي جيداً ان الافتراض أولاً وأخيراً هو توطين حياتنا المعرفية على المساءلة ، بماذا بالحاضر وللحاضر وان نتوافق على أن السؤال من حق من يدفعه وان لا نتبرم من النقد مهما كان ، وان نتأكد ان الجهد والخلق المرافق للمتنورين سواء أكان إبداعياً أو تجميعاً أكاديمياً أو ما في ضمن ذلك من حركة البحث وان ذلك العمل إذا اكتمل يعتبر مشاعاً من حق البصراء ان يراجعوه ويعيدوا ويبدو في مضامينه هذا إذا كان قابلاً للدرس والتدارك بغض النظر عن صاحبه - وجاهته أو مكانته في المجتمع فمقولة إن هذا المؤرخ أو الشاعر أو الطارح لا يناقش قد ولت أو في طريقها. نحن أيها القوم أهل فطرة ونقاء ومن الواجب ان نضرب المثل إذا كنا كذلك ومع هذا الموقف لا مانع ان نقول: كثيراً ما يعترض بعض الناس وهم يعالجون أشياءهم الضرورية ويتقبلون مع الكدح واليأس أمورا جليلة قد تضيق بها الفئة الأعم - وهم السواد الأعفياء - لكنهم من واقع الجد والتفاني أجدر بالقناعة وأنبل بالمظاهر الطيبة .. والمتوافق مع الأكثرية وإن كان على حاله لا يحفل بالمثبطات ولا تهمه الاحجار الملقاة وانما يتعامل مع العرف العام برغم زيوف الطيبين من أرباب العباء والحقائب البجر ، وهو بهذا الصنيع لا يألو جهداً في اكتساب الرضاء والمحامد التي قد يتقاعس عن طلبها أول المتخمين بالكثير الكثير من متع وعينيات الدنيا المتراكمة .. تصور وأنت في قمة احساسك ان لديك ما شئت من القناطير المقنطرة تلبس ما شئت وتركب ما شئت وتنتفخ على من شئت والرابطة مع الخلق بما في صناديقك أو بتكايا منصبك ، لكن ما هو وجه التعامل الذي من الممكن ان يبقى شريفاً وواضحاً عبر الزمن وامام بني جنسك .. هل هو ذاك الوجه المزوق الذي يخشى من كل شيء ولا يأمن حتى من نسمة الريح العابرة في مقابل الآخر الذي لا يتزحزح أمام الظروف ويتعامل وهو أنفس من تلك الطلاء والاستعارات والخنفشاريات المتلاحقة .. إن الوهم المكانة و(البنوكوت) والحرص لا يخلقان الرجال ولا يسهمان في وطنيتك وانتمائك إلا بقدر ما تبذل منها وهو المهم في اثبات ذلك الانتماء وذاك البعد الذي يتسامى مع المهنة ومع الاصرار والعطاء ، وبهذين الأخيرين يبلغ الإنسان كل ما يصبو إليه حتى وإن كان يعيش مع العوز وقلة ذات اليد .. فيا أيها الناس تعاملوا فيما بينكم أياً كنتم بالإنسانية وبما أوجبه الله من العدل والمصداقية ، أما أخو مذحج فقد قال: من يشتل العمر بنهم النوى ويركض الطين بدفء الشّرابْ؟! من يوقف الغربة عن مدنف أحداقها على جناحي غرابْ؟! ما أظلم للحم الذي لم يصن واسذج اللاهي بطبع الذئابْ؟! وأكثر الديدان في عالم آثامه زأرٌ له واحترابْ!!