كثيراً ما يطالب المثقفون لدينا بالحوار الهادف ويقولون بغيابه، أو ندرة من يتمسكون بفرضية الطرح المؤيد أو القابل للنقاشات الموضوعية .وهؤلاء الذين يسألون أو يتساءلون عن كيفية الغياب (القضية) لا يلزمون أنفسهم - وقد أكون أنا منهم - أي حرج أو أية مسؤولية بل إنهم بهذا الذكر يعدون آراءهم بين الحين والآخر مطلولة الشدو كما يقولون!. إذاً ما هو الحوار الغائب ومن هم الذين يريدون ..وفيما يكون الحوار وما المقصود بالحوار إذا لم يلتزم الأمانة العلمية ويترك الغرابة والعجز؟! أو لنقل يتخطى نحو العنق المضغوط من زجاجة الخلق الهلامي وهو ما يلف الحوار الساحة.. فبدلا من أن يتجرد ناقد أو كاتب متابع لكل ما نراه من كم أشرع له الباب وامتلأت دور النشر بأضابيره ، نسمع جعجعة تدور وتساؤلا في غير أوانه ..حتى المشرفون على الملاحق الأدبية تصلهم كميات كافية من المواد فلا يكلفون أنفسهم عناء النظر فيما يصلهم ، أي أن المفروض وما أنيط بهم قد خرج عن طور المفاهمة وكل ما هنالك هو البحث عن التخلص من أسر الواجب الصارم هذا إذا أخذنا بالظن وهو جزء من علم المرء كما يقول الآباء. إن المشرف على إبداعات المجتمع وتاريخه البياني اللاحق كلهم أدباء أو شعراء ..لكن البلية التي يتحمل رئيس التحرير أو المنشورة وزرها إن لاحقاً أو ماضيا أن يناط الاشراف بمن يهرف بما لا يعرف أي أنه أقرب إلى صبية الصفوف الأولى والمحصلة والحمد لله على كل حال يريد لقمة العيش وكأن هذا الاشراف من نصيب لقمته هذه ، والشر المتعاظم أنه قد يكون كهبنقة المشهور بإسرافه في الحكم على جهود الناس ومحاولات الناشئة فيصف ويؤطر ويخفض ويرفع ولا أعدى لديه من الفاهم لأدواته المعرفية ، ومن الممكن أن يسترشد بخبرته واطلاعه لماذا؟ لأن من جهل الشيء عاداه جملة وتفصيلاً .ولذا فهو مع الغوغاء يأخذ من هذا ويعطي ذالك ويقص ويلصق الصور وهذا هو جل ما عنده وفي نهاية الأسابيع التي يحفظها يأخذ لقمته سائغة المذاق لذيذة المطعم وتمضي الأيام سراعا والعش كما هو ..فأين الحوار ومتى يمكن أن نوطن النفوس على تقبل الموضوعية الهادفة ومتى ننبذ الاستعارات الواهية وتقليد التقليد الذي أفسد أصالة العطاء وقوة المأخذ ومتى ننقي الصفحات الثقافية وهي الضوء - الزاعم - للحياة الفكرية من أهل اللقمة التعيسة إن الضيق الذي ينادي به من لا يعي أبعاده هو هذا الخلط الذي يتجاذب طرفيه فاهم يعطي بثقة تامة ومشرف على ملحق لا يهمه الا اسابيع اللقمة ونفسه وتأطيرها. لكن الملفت أننا لا زلنا في طور الإعلان ولم نمتلك الشجاعة التي تجعل منا مجتمعا ملتفا متعاضدا يتدارس أمره ويجعل الأسمى من أولوياته - البحث والمجادلة المستمرة وتوطين النفس على قبول الرأي والرأي الاخر وجعل هذا المنشط هو السلوك الممارس في الحياة ..لقد تعلمنا منذ الصغر في الصف المدرسي وفي الأسرة وفي الشارع الانتباه الكلي للتعليمات والسمع والطاعة ومن هنا تضخم الخطأ وتنفج الأحادي، وإذا حصل وكتب أو تكلم من لديه الاستطاعة وإن كان ناقلا أو مقلدا صمتنا صمتاً يفسره التاريخ وكأن المسألة مع المواعيد!!. إن الاشكال إذاً له زوايا متعددة وتعاريج وقرون تنطح وتخدش وتعترض يكبر عليها الصغير ويتقوس عليها الشيخ ونحن والحمد لله مجتمع توفرت كل المقومات المساندة لمسيرته التنويرية؛؛