إن الحياة كما قيل ممزوجة بمزحة ربانية طبيعية كما ارادها الله عز وجل (لا كما نريدها نحن) ولا يمكن بحال أن يتوقع أحد أن تصفو له الحياة مد عمره ، قال تعالى (خلق الإنسان في كبد) صدق الله العظيم ، ولئن كانت القصة التي أوردها الاستاذ بخيت طالع الزهزاني بجريدة البلاد في 22/5/1431ه بعنوان (جيل لن يتكرر) انه أُتى مجلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب برجل يجره شابان أوقفاه أمام الخليفة قائلين (هذا قتل آبانا) وباعترافه أمر الخليفة بقتله قصاصاً فطلب ارجاء التنفيذ ليلة يذهب فيها إلى زوجته وأولاده في البادية ويعود بكفالة أبو ذر الغفاري واعطي ثلاث ليالٍ وقبل غروب شمس اليوم الثالث أتى الرجل فقال له الخليفة (أما وانك لم ترجع فأنا لا نعرف باديتك) فرد الرجل ان كفيلي لا يعرفني ولو لم أعد يقال (لقد ذهب الوفاء من الناس) وسأل سيدنا عمر أبا ذر كيف ضمنت الرجل وأنت لا تعرفه فرد أبا ذر (خشيت أن يقال ذهب الخير من الناس) فبكى الولدان وعفوا عنه وبكى الخليفة وهو يقول الله أكبر .. وثمة قصة شاب راكباً حماره من الشرائع إلى مكة إذ رأى رجلاً كبيراًَ يمشي على قدميه فأوقف الشاب حماره وأركب الرجل .. ولما شارف الحجون دخول مكة طلب الشاب من الرجل أن ينزل عن الحمار فلم ينزل وادعى انه صاحب الحمار واحتدم الكلام واجتمع الناس فقالوا للولد أعط الشايب حماره - فقال الولد (خذ الحمار ولكن أرجو منك أن لا تخبر أحداً بذلك فقال له الرجل (وما يعنيك ان قلت لاحد أو لم أقل) فرد الولد (أخشى أن يذهب المعروف) ان عرف الناس ذلك ، عندها استيقظ ضمير الرجل فنزل عن الحمار وسلمه والحسكل بالنقود التي فيه للولد وقال له أنت أولى باعطاء هذه النقود لمن ترى انه يستحق - وهكذا كان ، وقريباً قرأنا قصة الصحابي الجليل سيدنا عبدالله بن حذافه السهمي الذي وقع وجيشه الثلاثمائة أسرى فعرض عليه قيصر الروم أن يتنصَّر فرفض ، فأمر فيصر باضرام نار عظيمة وضع عليها قدر من النحاس وأمر قيصر بتجريد أحد الأسرى ووضعه في الماء المغلي وقال للصحابي: هذا ما سيكون إليه مصيرك وكل جيشك فرد الصحابي: افعل ما بدا لك ولا اتنصر وليت لي بكل شعرة في جسمي روحا فقال النصراني: ما أشد صلابتكم أصحاب محمد وعرض أن يقبل رأسه ويخلي سبيلهم ففعل وأوفى قيصر وأمر بإخلاء سبيلهم ولما رجعوا إلى المدينة وعرف ابن الخطاب ما كان قام وقبل رأس ابن حذافه قائلاً آن لعمر أن يقبل رأس ابن حذافه وتبعه من كان بالمجلس وهكذا كان وهكذا كانوا.