نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله افتتح معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ أمس أعمال مؤتمر “ إثبات الشهور القمرية بين علماء الشريعة والحساب الفلكي” الذي ينظمه المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، وذلك برئاسة سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ رئيس المجلس التأسيسي للرابطة ورئيس المجمع الفقهي الإسلامي. وألقى سماحته كلمة أكد فيها على أهمية المؤتمر وبين كمال الشريعة الإسلامية بقوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا). وأوضح سماحته أن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله علية وسلم هما مرجع الاحكام الشرعية وقد بينت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ما يتوجب على المسلم عمله في عباداته ومعرفة مواقيتها ومن ذلك الصلاة والصيام والحج.واستشهد سماحته بالأدلة من كتاب الله والسنة النبوية على المواقيت المرتبطة بالعبادات المفروضة مؤكدا على ضرورة الإيمان الكامل لدى كل مسلم بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وبما جاء به وطاعته فيما وجه المسلمين إليه كقوله عن شهر الصيام ورؤية الهلال( صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته)، مؤكدا على أن محمد صلى الله عليه وسلم أكمل الناس بيان وأن الاحكام التي تضمنتها الأحاديث النبوية صالحة وينبغي على المسلمين تطبيقها في كل عصر وزمان والواجب عليهم تقوى الله والتقيد بالشريعة الإسلامية وهي شريعة متكاملة والحمد لله.وأوضح سماحته بقوله يجب أن لا يكون لنا رأي بخلاف ما اختاره الله ورسوله وأن لا نخضع شرع الله لرأي، ولا ينبغي التشكيك في الرؤية البصرية للأهلة. ثم ألقى معالي الأمين العام للرابطة كلمة أعرب فيها عن جزيل الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين ، الملكِ عبدِ الله بنِ عبد العزيز آلِ سعود ، على دعمه للرابطة وبرامجها ، وعلى رعايته لهذا المؤتمر. وقال: إن هذا المؤتمر يجمع بين التخصص في علوم الشريعة والتخصصِ في علوم الفلك ، للبحث في موضوع الأهلة وإثبات الشهور القمرية ، لِتَرتُّبِ مواقيتِ العبادات عليها ، قال الله سبحانه وتعالى : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) [ البقرة/189 ] . وغيرُ خافٍ أن تحديد الشهورِ القمرية فلكياً ، أصبح من أيسر الأمور منالاً في عصر تطورت فيه علومُ الفلك والفضاء ، تطوراً كبيراً ، بتطور وسائلِ الرصد والعلومِ الفضائيةِ وأنظمة الحسابات الآلية ، فبات من السهل معرفةُ منازلِ القمرِ وسائرِ النجوم والكواكب .والمهمُ في هذا المؤتمر ، التطبيقاتُ الفلكيةُ في المجال الشرعي، وهو ما أصبح معروفاً باسم علم الفلك الشرعي ، الذي يفيد في معرفة منازلِ القمر التي أنعم الله على خلقه بتقديرها ليضبطوا حسابَهم الزمنيَ ومواقيتَ عباداتِهم : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ) . ونحمد الله تعالى أن ثبَّت الأمةَ الإسلامية على الدين الذي ارتضاه لها ، وأبقى فيها من الاهتمام بعبادته سبحانه والعملِ على طاعته ، في عصر طغت فيه الدنيا على كثير من الناس طغياناً كبيراً ، وصرفتهم عن المهمة التي خلقوا من أجلها :( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) [ الذاريات/56 ] ،وإن ما تتميز به الشريعةُ الغراء ، من المرونة وجلب المصالح ودرء المفاسد ، يُمكِّن المسلمين من الاستفادة من الابتكارات العلمية ، ومراعاةِ مستجدات الحياة ، في ضوء النصوص الشرعية وقواعدِ التخريج عليها .وهذا يؤكد ربانيةَ الشريعة ، وأن كل ما يتعلق بالدين من العبادات والمعاملات والحظرِ والإباحة ، يُرجع في تلقيه ومعرفةِ أصولِه وفصولِه ، إلى كتاب الله سبحانه المبينِ لكل شيء ، وسنةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم ، المبينةِ لكتابه ، والفقهِ فيما جاء عن الله وبلّغه رسوله صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة :(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) [ النحل/89 ](وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) [ النحل/44 ] .ومن ثَم كان الاعتناءُ لدى المسلمين ، بضبط أسبابِ العبادات ومعرفتِها ، ومن أهمها مواقيتُها التي حددها الشرع ، وناطها بحركات فلكية ظاهرة :(أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ) [ الإسراء/78 ] ، (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) [البقرة/197] ، (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) [ البقرة/185 ] .” لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ “ .فلا سبيلَ إلى تعيين وقت للصلاة ، ولا إلى معرفة مواقيت الحج الزمانيةِ والمكانية إلا الذي عينه الشرعُ وأعْلَمنا به ، ولا سبيل إلى أداء صيامِ رمضان في غير شهره الذي أرشدت السنةُ إلى معرفة طرفيه برؤية الهلال ، فإن لم يكن فبإكمال الشهر ثلاثين يوماً .وهذا لا ينفي أهميةَ المعطياتِ الفلكية في المجالات الشرعية .وما عقد هذا المؤتمرُ ، وما سبقه من المؤتمراتِ واللقاءاتِ والندواتِ ، إلا للاستفادة من المعطيات الفلكية ، في إثبات الأهلةِ إثباتاً تترتب عليه العباداتُ الموسمية ، وبذلك تأخذُ هذه المعطياتُ وظيفةً تكميليةً مساعدة ، مما يسهم في تقليل الخلاف بين الأقطار الإسلامية في هذا المجال ، ويسهم في التعاون بين الجهات الشرعيةِ والجمعياتِ الفلكية .وأشيد في هذه المناسبةِ بما تقوم به مدينةُ الملكِ عبد العزيز للعلوم والتقنية في المملكة، من جهود مشكورةٍ بإعداد الدراسات والتقارير ، والمشاركةِ في لجان الرصد . كما ألقى الأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي كلمة رفع شكره وتقديره لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود على رعايته الكريمة للمؤتمروقال: إن في الهدي الديني والمنهج الإسلامي خيرطريق لتسديد الوجهة وبلوغ القصد وتذليل العقبات والتغلب على التحديات ، وعلاج أوضاع المجتمعات ، وإصلاح شؤون الخلق في هذه الحياة ، والرقي والنجاح ، والسيادة والريادة . وقد خص المجمع الفقهي الإسلامي قضية { إثبات الشهور القمرية بين علماء الشريعة والحساب الفلكي » بالدراسة والبحث في هذا المؤتمر المبارك ، ليقينه بمسيس الحاجة لدراستها ، والخروج بحلول تنهي ما يكتنفُها من خلاف ، وما يثار حولها من جدل في كثير من الأحيان ، وقد جُعل هذا الموضوع في اثني عشر عنصرا ، استكتب فيه أربعون عالما من الفقهاء والفلكيين .ومع يقيننا بتقدم العلوم المعاصرة في مجال الفلك والفضاء تقدما عظيما ، وأن بعض ماتوصلت إليه هذه العلوم مقطوع به ، وأن الإسلام يحث على الاستفادة من مكتسبات العلوم الصحيحة النافعة للوصول إلى حلول شرعية لموضوع إثبات الشهور القمرية فإنه يجب الاعتماد على نصوص الشريعة والحقائق العلمية . ومتى كانت أعمالنا في مجمعكم ماضية على الوجه الذي ذكر، وكانت خالصة لله ابتغاء التوفيق إلى الحق ، وتحقيق المقاصد السامية ، وكان التعاون عليها منهجا قائما لايلتبس مع الأهواء ولا يزيغ مع الباطل ، فإن النتائج تكون بإذن الله ذات جدوى ، وتحقق الغرض منها. وقد حَرَصَ المجمع على اختيار النخبة المتميزة في هذا الموضوع ، وأن يشارك في هذا المؤتمر معظم الجهات المعنية به ، كهيئة كبار العلماء ، وأعضاء المجمع الفقهي الإسلامي ، ومجلس القضاء الأعلى ، ووزارة العدل ، والمحكمة العليا ، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ، والمشروع الإسلامي لرصد الأهلة ، وعدد من الجامعات السعودية والعربية ، ومراكز الأبحاث المرموقة في العالم الإسلامي ، واستكتبنا أحد المختصين من بعض الجامعات الأمريكية ، وكاتبنا بعض أعضاء منظمة ناسا لعلوم الفضاء ، أخذاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :( الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها). وألقى فضيلة الدكتور حسين حامد حسان المستشار الشرعي في بنك دبي الإسلامي وعضو المجمع الفقهي الإسلامي كلمة المشاركين في المؤتمر شكر فيها رابطة العالم الإسلامي والمجمع الفقهي على إعداد هذا المؤتمر، رافعا عظيم الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية وعلى رئسها خادم الحرمين الشريفين أيده الله على اهتمامها بالعلماء، ولكونها الدرع الواقي للإسلامي والراعي المخلص لشؤون المسلمين، مؤكدا أن المملكة سباقة للخيرات وعقد المؤتمرات والندوات الإسلامية التي تثبت عقيدة التوحيد وتدفع أباطيل خصوم الإسلام، وتحدث فضيلته عن أهمية موضوع المؤتمر مشيدا بجهود الرابطة في علاج قضايا المسلمين الفقهية وغيرها من خلال أمانتها العامة والهيئات التي أنشأتها لمختلف الشؤون الإسلامية، ونوه بما قدمه المجمع الفقهي الإسلامي من خدمه لشريعة الإسلام وقرارات وفتاوى يحتاج إليها المسلمون في كل زمان ومكان.