سيكون للقاء النمسا وألمانيا ضمن الجولة الثالثة الأخيرة من تصفيات المجموعة الثانية في كأس أوروبا 2008، طعم خاص يذكر بحقبة تاريخية رئيسة منذ 70 عاماً أثمرت دخول القوات العسكرية للفوهرر الألماني هتلر إلى الجمهورية «الألبية» في مارس 1938 لتسيطر على جميع مرافقها بما فيها الرياضية. آنذاك، كان ال»فوندر تيم» أو المنتخب النمسوي السحري من الأبرز على الساحة الأوروبية حيث لم يتعرض لأي خسارة في 14 مباراة بين أبريل 1931 وأكتوبر 1932، وتوج بلقب كأس أوروبا الوسطى 1932، وأحرز الميدالية الفضية في ألعاب ميونيخ الأولمبية 1936، قبل أن ينحل منتخبها مع بزوغ الفورة النازية 1938. ضمت النمسا إلى ألمانيا، فاختفت هوية المنتخب النمسوي، المعزز بنجوم كبار مثل المراوغ الماهر ماتياس سينديلار، جراء السيطرتين العسكرية والمعنوية للألمان، فتوحد المنتخبان اللدودان في فريق واحد. كان بالإمكان أن ينجب دمج المنتخبين الألماني والنمسوي، ثالث ورابع بطولة العالم 1934 على التوالي، منتخباً نارياً لا يقهر، غير أن حسابات السلطة النازية التي تعتمد على الإنجازات الرياضية لتعزيز البروباغندا الحزبية لم تطابق حسابات الملعب، فتعرض المنتخب الألماني لنكسة كبيرة في مونديال 1938 في فرنسا إثر خسارته المخيبة في الدور الأول أمام جارته سويسرا 2-4. صراعات وطنية عجز المدرب الألماني سيب هيربرغر، الذي أحرز بطولة العالم لاحقا في أيام السلم تحت اسم ألمانياالغربية عام 1954، عن الاستفادة من طريقة اللعب النمسوية «شايبرلسبيل» التي تعتمد على التمريرات القصيرة والمراوغات الفردية، فلم يكن مزيج الجارتين متكاملا على المستطيل الأخضر، من هنا يوضح ماتياس مارشيك مؤرخ الكرة النمسوية إبان الحقبة النازية: «لم تكن الروح موجودة داخل المنتخب المندمج نظراً للصراعات الوطنية الحادة بين أفراده». أجهز ال»انشلوس» أو عملية ضم النمسا إلى ألمانيا الكبرى على الدوري النمسوي لكرة القدم، فألحقت الأندية المحلية في المسابقات الألمانية، ورغم الهيمنة النازية تمكن نادي رابيد فيينا من إحراز لقب الدوري الألماني عام 1941 على حساب شالكه في العاصمة برلين، بعد أن أحرز مسابقة الكأس عام 1938 أمام فرانكفورت، في حين نال نادي إف سي فيينا نصيبه من الألقاب إذ أحرز الكأس عام 1943 على حساب هامبورغ. مع القرب من انتهاء الحقبة النازية، ظهرت مساحات الحرية في الكرة النمسوية، وشهدت الملاعب مواجهات بين الجمهورين الألماني والنمسوي، حتى دخلت القوات الروسية إلى فيينا، فانحل الاتحاد المحلي عام 1941 لينطلق الدوري النمسوي بحلته الجديدة عام 1946. المواجهة المرتقبة لن تكون مواجهة النمسا وألمانيا عادية في السادس عشر من يونيو الحالي عادية، إذ سيشهد ملعب أرنست هابل في العاصمة فيينا موقعة كروية بين ألمانيا التي ورثت صيت الفوندر تيم وأضحت قوة عالمية لا تقهر بعد إحرازها كأس العالم 3 مرات ومثلها كأس أوروبا مسجلة رقماً قياسياً لم يهزم حتى الآن، في حين تراجعت النمسا كثيراً لتحتل المركز ال92 في ترتيب الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، وهي لم تتأهل إلى العرس القاري الحالي إلا لأنها مضيفة المسابقة مشاركة مع جارتها سويسرا.