الانسان العظيم يشد الانتباه ويجذب الأحاسيس ويبهر الأبصار ويثير لدى الاغيار مشاعر متباينة تتراوح عند الاسوياء والعقلاء والطبيعيين بين الاعجاب والحب والتقدير والاجلال، ويثير عند الجاهلين الحمقى والمغرضين مشاعر الحقد والضغينة ومحاولات التهوين والتشويه والتجريح، يلاحظ ذلك في كل ميادين الحياة في القيادة العبقرية والعلم بكل فروعه والثقافة بكل مجالاتها، حاول الملايين تقليدهم هنا وهناك عبر الزمان، محاولين التقليل من مساهماتهم في حياة شعوبهم ولكن لم يستطع احد ان يرقى الى مستوى الاصيل، أو يطاوله في جزء من مكانه او ينازعه ولو ذرة من كيانه، وذهب الجاهلون بالتاريخ بل انه نسيهم، وبقي النموذج الاصيل يناطح الزمن بشموخه وابداعه منهلاً فياضاً وينبوعاً صادقاً ومثالاً أعلى تتأسى به الاجيال وتتطلع اليه ابصار شعوبها وتنهل من فيض انجازاته العظيمة القوة والانتماء. لست ابالغ اذا قلت ان التاريخ سيقف عند انجازات الملك عبدالعزيز في مجال توحيد شبه الجزيرة العربية ويتأنى، هذه كلمة صادقة .. والتاريخ في دراساته لانجازات الشعوب وتقدمها لا يجامل ولا ينافق لان التاريخ مجرد عن الهوى سيسرد الحقائق ويرصد النتائج دون ان يكذب او يتجمل. ان هذه الوقفة التاريخية ويأتي من منطلق انه عندما تنتهي اي امة انتقالية من تاريخها، وتبدأ انطلاقها في طريقها الجديد، فان عالماً رحباً ينتفح امامها في جميع المجالات. لذلك فالتاريخ ليس مجرد ارشيف لاحداث الماضي وانما هو كنز قابل للصرف والتداول لخدمة الحاضر والمستقبل عند الامم والشعوب التي تحسن التعامل مع تاريخها وتدرك اهمية وقيمة الوثائق الخاصة به. فلاشك ان عام (1319) يعتبر بالفعل نقطة تحول تاريخية بالنسبة لشبه الجزيرة العربية في جميع المجالات، حيث حققت انجازات كبرى في اتجاه توحيد شبه الجزيرة العربية على طريق النمو السريع للدولة المعاصرة، وتحسين جميع المؤشرات المعبرة عن ادائها، وتحريرها من القيود التي كانت قائمة في شبه الجزيرة العربية قبل عام (1319)ه والتي تؤثر على كفاءتها. في هذا الاطار العام بدأت شبه الجزيرة العربية بقيادة الملك عبدالعزيز حيث شاء قدره ان يكون قائداً لابطال فتح الرياض في عام (1319) الذين خططوا ونفذوا الاستراتيجية المعدة لاستعادة الرياض استعداداً للمشوار الطويل لعملية توحيد شبه الجزيرة العربية ويحدث التحول الكبير لا في شبه الجزيرة العربية وحدها بل في المنطقة العربية بأكملها. مما سبق نجد انه في الخامس من شهر شوال عام (1319) عبرت شبه الجزيرة العربية الى المستقبل .. عبرت الانقسام القبلي كما عبرت معها كل محاولات التحلق والتبعية في معركة خطط لها وقدر احتمالات استراتيجيتها ونفذها القائد المصيري الباني الملك عبدالعزيز. لقد اقام الملك عبدالعزيز صرحاً سياسياً شامخاً كأنه اراد في عام (1319) ان يواكب التطور الدولي والأخذ بتفاعل مقومات الانصهار الوطني لجميع قطاعات المواطنين في شبه الجزيرة العربية الموحدة بغية تحقيق عنصر هام من عناصر الدولة الحديثة وهو السكان. ان هذه الاستراتيجية تؤكد ان الملك عبدالعزيز كان ذكياً وكان ثاقب الرأي بعيد الرؤية.. ولهذا عاش في التاريخ.. موحداً بل بطل توحيد شبه الجزيرة العربية من خلال مراحل الانصهار الوطني، قيام الدولة، وصولاً الى النظام السياسي السعودي الحديث لشبه الجزيرة العربية. بعد هذا الزمن الطويل لتوحيد شبه الجزيرة العربية ان نقف وقفة واجبة امام انجازات موحد شبه الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز تحمل الوقفة الواعية امام جهود موحدها وجوهاً كثيرة من ابناء المملكة للوقوف ضد الدوي الصاخب للجاهلين بالتاريخ السعودي. وهذه الحقائق لمسيرة موحد شبه الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز بارزة للعيان لا يجهلها الا الحاقدون الجاهلون، فهي واضحة تمام الوضوح ولا مراء فيها لذلك أقول من خير الكلام (لا يملك الحاقد سوى الظن ليقذف به الناجحين).