بعد هذا الزمن الطويل وفي اليوم الوطني (79) لتأسيس المملكة تحمل الوقفة الواعية أمام قيام الدولة السعودية وجوهاً كثيرة أتاحت الفرص للافكار والأحلام والتطلعات أن تنمو وتتفاعل تدفعها كلها التطلعات الذاتية والغايات الشخصية التي تؤمن ايماناً صادقاً بأن (أول الميزان) وقيام الدولة الجديدة على أرض شبه الجزيرة العربية بمثابة نقطة تحول تاريخي، اكتشف فيها أبناء الجزيرة العربية ذاتهم، وأكدوا وحدتهم وهويتهم في الاطار الجديد. لذلك لست أبالغ إذا قلت إنه برغم مرور (79) عاماً على قيام المملكة الفتية على يد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - فإن المشهد بكل تفاصيله الدقيقة لم يبرح ذاكرتي للحظة، وكل يوم يمر يزداد يقيني بأن ذلك اليوم المشهود كان بمثابة شهادة ميلاد جديدة للمملكة الجديدة، وكان وساماً تاريخياً ، يزين به شعب شبه الجزيرة العربية الموحد. لذلك فإن وقفة واجبة أمام أول الميزان في عامه (79) مطلوب في سياق الاحتفال باليوم الوطني هذا العام ولابد لنا أن نؤكد فكرة جوهرية هي أن ولادة دولة جديدة على تراب شبه الجزيرة العربية حدث ريادي للغاية في تاريخ الشعوب. أعتقد في سياق هذه الاطلالة ان من حق مناسبة ميلاد المملكة الجديدة أن تقال اليوم كلمة الحق الواجبة عرفاناً بالفضل لأنها سوف تحسب لها في صفحات التاريخ أنها نجحت إلى درجة كبيرة في ان تقرأ نبض الشارع السعودي للدولة الجديدة قراءة صحيحة وأن تصيغ رؤيتها الوطنية ورؤيتها القومية في ضوء الانصهار الوطني الذي أذاب الفوارق القياسية التي كانت مسيطرة على شبه الجزيرة العربية. سوف يذكر التاريخ ويدرس المؤرخون الآثار الايجابية لبصمات أول الميزان التي خطط لها الملك عبدالعزيز في رحلته الطويلة لقيام الكيان الجديد في شبه الجزيرة العربية إنها بصمات رسمت خارطة طريق لتغيير الخريطة الاجتماعية والسياسية لاقامة المواطنه والانتماء بدلاً من الانقسامات والحروب القبلية فأيقظت الشعور للتوحد واكدت الانتماء للنظام الجديد. ولقد بدأت بصمات (أول الميزان) ببناء الدولة بالقضاء على الأزمات التي كانت موجودة (أزمة الذات، أزمة الشرعية، أزمة الذوبان الوطني ، أزمة التأثير، أزمة المشاركة) ثم تلتها البصمة الثانية القوية وهي إنشاء الدولة بكل وظائفها للقضاء على الأزمات الباقية من العهد السالف، ثم تأتي البصمة الثالثة وهي قيام النظام السياسي بكل وظائفه المتعددة. إن من حق الأجيال الجديدة أن تتعرف على الآثار الايجابية لبصمات أول الميزان التي يعيشون ويتمتعون بها في جو آمن مستقر ، أو أنها أمانة في منتهى الأهمية والخطورة لأنها تمس حقيقة الشعب السعودي ليعيش في اطار دولة متقدمة مستقرة وآمنة. الحقيقة أنه بمرور (79) عاماً على قيام المملكة ، فان بصمات (أول الميزان) ممثلة في التطورات الكبيرة في تاريخنا تبقى حية للاجيال التالية بقدر ما تعبر مبادئها بالاهتمام السعودي وتنميته تنمية كمية ونوعية. وهذه البصمات التي رسمها (أول الميزان) منذ (79) عاماً على تراب شبه الجزيرة العربية ستظل بارزة للعيان وهي واضحة تمام الوضوح ولا مراء فيها والواجب علينا جميعاً كباراً وصغاراً أن نعرفها ونتفهمها جيداً لنعرف حقيقة أنفسنا وهذا هو الف باء المواطنة. ان بصمات (أول الميزان) التي رسمها وخطط لها الملك عبدالعزيز منذ (79)عاماً قامت لتبقى لانها تختزل في توجهاتها تطلعات وآمال الأمة بأسرها -شيوخها وشبابها ونسائها - وهذا هو الشغل الشاغل للقيادة الحكيمة للملك عبدالله بن عبدالعزيز لتحقيق رفاهية المواطن بتنمية كمية ونوعية في جو آمن ومستقر.