يبدو أن مبادرة رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي المشتركة مع الاتحاد الأفريقي بشأن الأزمة في جنوب كردفان والنيل الأزرق ستواجه بكثير من العقبات الكؤود بعدما جددت الخرطوم تأكيدها بإطلاق يد القوات المسلحة السودانية لحسم التمرد عسكريا بالولايتين. ولم يمض على ترحيب الرئيس عمر البشير بالمبادرة إلا أيام معدودات، حتى أمر نائبه الأول علي عثمان طه القوات المسلحة بولاية النيل الأزرق بتنظيف الولاية والولايات المشابهة من أي جيوب للتمرد، الأمر الذي قاد إلى التساؤل عن قناعة الخرطوم بالمبادرة من عدمها. وبدا أن الأمر بصورته النهائية آخذ في التصاعد باتجاه رفض الجهود الإثيوبية رغما عن إصرار رئيس وزرائها على نجاح مهمته التي يشاطره فيها رئيس لجنة حكماء أفريقيا ثابو مبيكي. لكن المؤتمر الوطني ورغم ذلك قلل من وجود تعارض بين الحسم العسكري والحوار مع أي جهة تسعى لأجل الحوار والسلام ومعالجة المشكلات في المنطقة، مشيرا إلى استعداد إثيوبيا إلى معالجة كافة المشكل السوداني. وقال الناطق الرسمي باسمه إبراهيم غندور إن ما لدى إثيوبيا من ثقل في المنطقة (جعلها تحتل صدارة دول إيغاد في الاهتمام بالقضايا الأفريقية)، مؤكدا أن اهتمام زيناوي يأتي في إطار اهتمامه بالسودان وعلاقته بالرئاسة السودانية (ما يؤهله للقيام بأي دور إيجابي لحسم المشكلة). وكان رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي حمل في زيارة خاطفة إلى الخرطوم للمرة الثانية على التوالي مبادرة لنزع فتيل التوتر في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. وفي مقابل ذلك لم تجد أطراف أخرى ما يمنعها من الدخول مباشرة في القضية بل وتبنيها خاصة حركة العدل والمساواة التي اتهمت الحكومة بالسعي لارتكاب جرائم فظيعة بحق المدنيين بالولايتين. وقال الناطق الرسمي باسمها جبريل آدم بلال في بيان له إن حكومة المؤتمر الوطني تسعى لمواصلة (الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في السودان)، مطالبا المحكمة الجنائية الدولية بضرورة التدخل العاجل للتحقيق في ما أسماه (التطهير العرقي بالبلاد).