قال المولى جلت قدرته في كتابه الكريم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) فالتقوى من أجلِّ وصايا الله لعباده المؤمنين، وما أعظمها من وصية لمن عقلها، وعمل بها، وسلك الطريق الموصل إليها، وتمسك بها ظاهراً وباطنا، وما وقع كثير من الناس في معاصي الله، وفرطوا في جنب الله إلا بسبب تقصيرهم في التقوى. فالله جل وعلا ما أمرنا بشيء إلا وفيه خير لنا، وما نهانا عن شيء إلا وفيه شرٌ لنا، وهو العليم بشؤون عباده، ومن دلائل عظمته سبحانه وتعالى أنه وضع كل أمر في موضعه اللائق به، فشرح صدور قوم لطاعته لما فيهم من الخير والانقياد لأمره، وطبع على قلوب بعض عباده لما فيهم من الشر والانصراف عن أمره ونهيه. ومن علامات ذلك ما نجده الآن في أحوال بعض المسلمين حينما انتشرت بينهم المخدرات انتشار النار في الهشيم حيث بدلوا الخبيث بالطيب ، والحرام بالحلال، وهكذا كلما ابتعد الناس عن أوامر ربهم تبارك وتعالى وقعوا فيما يعود عليهم بالضرر في العاجل والآجل. فالكل يعلم ما للمخدرات من تأثير على العباد، وأنها سبيل للهلكة والدمار، والفساد والعار، فكم أزهقت من أرواح، وكم أضاعت من عقول، وكم فرَّقت من أسر، وكم أتلفت من أموال، وكم تسببت في هتك للأعراض، وسرقة للأموال، وظلم للآخرين،وإن من أهم وأخص أسباب وعوامل انتشار المخدرات بين الناس ما يأتي: أولاً: ضعف الوازع الديني لدى المتعاطي: حيث أن المتمسك بدينه يبتعد كل البعد عن التعامل بها بيعاً وشراءً وترويجاً وتهريباً، بل وتعاطياً، قال تعالى:[إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ]، ومتى كان الشخص بعيداً عن ربه، مفرطاً في أوامره، واقعاً في معاصيه ففي الغالب أنه يكون قريباً من الوقوع في شباكها. ثانياً: الفراغ: فكثيراً ممن يتعاطون المخدرات وخاصة الشباب منهم تجدهم فارغين بلا عمل، ولا بذل، واجتهاد في شؤون حياتهم، فهم أكثر عرضة للوقوع في براثنها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)، فكيف يليق بالمسلم أن يكون فارغاً وهو مخلوق لعبادة ربه، وحياته كلها له، ألم يسمع هؤلاء قول الله تعالى [وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ]، وقوله تعالى:[ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ]. ثالثاً: قرناء السوء: وما أدراك ما قرناء السوء، فهم واقفون بالمرصاد لمن خالطهم وتعامل معهم، فهم يؤثرون تأثيراً عظيماً على أصحابهم وأصدقائهم، قال صلى الله عليه وسلم: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة)(رواه البخاري ومسلم). فكم من شاب كان لا يعرف طريق الشر، وليس له صلة به ولكنه بسبب قرين السوء وقع شيئاً فشيئاً حتى أصبح أداة هدم للمجتمع، وخاصة إذا سلك طريق المخدرات. رابعاً: المشاكل الأسرية: فهي من أهم أسباب وقوع بعض الأبناء في طريق المخدرات، حيث أن الخلافات الزوجية، أو الطلاق لها أثرٌ كبيرٌ في حصول الهدم للبيت والشتات للأولاد، فيكون ذلك سبباً في وقوع البعض منهم في طريق المخدرات.