لقد تكاثرت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم في بيان أهمية الوقت والحث على اغتنامه والتحذير من اضاعته وبيان أن العبد مسؤول عنه يوم القيامة فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: (اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما انفقه، وعن علمه ماذا عمل به) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) قال بعض أهل العلم : إن من استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط. ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون، لأن الفراغ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها السقم، ومما يؤثر عن السلف عباد الله قولهم: من علامة المقت اضاعة الوقت، بل قال ابن القيم رحمه الله : (اضاعة الوقت اشد من الموت لأن اضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها). إن الواجب علينا أن لا نغتر بالدنيا فإن صحيحها يسقم، وجديدها يبلى، ونعيمها يفنى، وشبابها يهرم ومن كان في هذه الدنيا فهو في سير متواصل الى الدار الآخرة لأن الآجال منقوصة، والأعمال محفوظة والموت يأتي بغتة، فمن زرع خيرا عباد الله فيوشك أن يحصد ثوابه وأجره، ومن زرع شراً فيوشك ان يحصد ندامة وحسرة، ولكل زارع ما زرع. وإن من أهم ما ينبغي علينا، ونحن نستقبل بعد أيام الاجازة، أن ننوي نية صادقة، وأن نعزم عزيمة اكيدة، على استعمال هذه الاجازة في طاعة الله، وأن نحذر من أن ننوي نوايا غير طيبة نمضي فيها أيام هذه الاجازة، وإن الله جل وعلا إذا علم من عبده صدق نيته وصلاح همته وتمام رغبته، يسر له الخير وفتح له أبوابه، وهيأ له سبله، والتوفيق بيد الله وحده. وإن مما تغتنم به هذه الإجازة تحصيل العلم النافع، ومن نعمة الله علينا ما يعقد في أيام الاجازة من الدورات العلمية النافعة، والمحاضرات القيمة التي يقوم بها أهل العلم وطلابه، ولهذا عباد الله ينبغي على الآباء وأولياء الأمور ان يشجعوا ابناءهم وان يأخذوا بأيديهم وأن يحفزوهم في المشاركة في هذه الدورات، فينبغي على ولي الأمر أن يطالع برامج هذه الدورات وأن يشجع ابنه وان يتابعه وأن يضع له الحوافز والمشجعات ليحصل خيرا ويغتنم غنيمة عظيمة واني أهمس في أذنك أيها الأب فأقول ناصحا ومذكرا ان جلوس ابنك في حلق العلم ومجالس الذكر ورياضهن النافعة ينعكس عليك وعلى بيتك بالخير والبركة وتكون قد اتقيت الله بابنك حيث دللته الى الخير وهيأت له سبله وفتحت له أبوابه، ليحصل من العلم الذي هو زاده حقيقة في هذه الحياة، ليمشي في حياته على بصيرة ونور من الله يعلم دينه ويعلم كيف يطيع ربه ويعلم كيف يبر أباه وأمه، ويعلم كيف يقوم بحقوق عباد الله كل ذلك لا يحصل إلا بالجلوس في مجالس العلم وخير مجالس العلم المساجد. واسأل الله جل وعلا أن يصلح ابناءنا وبناتنا وأن ينشئهم على الخير وان يجعلهم ابناء بارين صالحين وأن يأخذهم إلى صراطه المستقيم وأن يعيذهم من الفتن كلها ما ظهر منها وما بطن والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني والله من وراء القصد،،.