خرقت اليونان قبل أربع سنوات حدود التوقعات وحققت مداخيل خيالية لشركات المراهنات إثر فوزها في نهائيات أوروبا 2004 في البرتغال محققة اللقب الأوروبي الأول في تاريخها على حساب منتخبات عريقة مثل فرنسا وإيطاليا وهولندا وألمانيا وإنجلترا. لعب المدرب الألماني أوتو ريهاغل دوراً رئيساً في إحراز اليونان لقبها عندما اعتمد سياسة دفاعية "حذرة" وحديدية اشتهر بها في الدوري الألماني، تزامنا مع هجمات مرتدة "مبرمجة" وواقعية يطبق بها على دفاعات الخصوم الذين تدحرجوا واحداً تلو الآخر إلى أن حمل الكأس قائد الفريق تيودوروس زاغوراكيس. خاضت اليونان الكأس الأخيرة بحذر شديد، فبعد أن تأهلت بصعوبة من الدور الأول، تخطت فرنسا حاملة اللقب آنذاك بهدف أنجلوس خاريستياس، ثم أقصت تشيكيا في نصف النهائي بهدف المدافع تريانوس ديلاس الفضي في الدقيقة 105، قبل أن يقدم خاريستياس الكأس لبلاده على حساب البرتغال المضيفة في لشبونة، والملفت أن مباريات اليونان الثلاث الأخيرة في البطولة انتهت بنتيجة واحدة كافية للفوز 1-صفر. لم ينسحب نجاح اليونانيين في كأس أوروبا على المونديال العالمي فهم لم يتأهلوا أصلاً إلى مونديال ألمانيا 2006 متعثرين في التصفيات ومحققين مركزاً رابعاً مخيباً في مجموعتهم الأوروبية، وسيفتقدون في البطولة المقبلة جهود قائدهم المعتزل زاغوراكيس. كانت الخسارة أمام تركيا 1-4 في أثينا بمثابة الإنذار المبكر لأولاد "الملك أوتو"، فقبضوا بشدة على منتخبات المجموعة الثالثة وأنهوها متصدرين بفارق 7 نقاط عن تركيا بالذات التي عادوا وثأروا منها في اسطنبول 1-صفر بهدف أماناتيديس، محققين 10 انتصارات وتعادلاً واحداً (مع النروج 2-2) وخسارة واحدة وهو أعلى رصيد بين جميع المنتخبات المشاركة ليتأهلوا إلى النهائيات للمرة الثالثة بعد 1980 في إيطاليا و2004 قبل جولتين على نهاية التصفيات. يعتمد المدرب ريهاغل في النهائيات على نصف تشكيلته التي خاض فيها أوروبا 2004، وهو يعتبر أن السفينة القابلة على الغرق تستعين بالرجال الأقوياء الذين يحسنون التعامل مع الظروف الصعبة لا مع الصغار قليلي الخبرة. تدفع واقعية ريهاغل بالتخلي عن إنجازات الماضي والانكباب على العمل الدءوب لتكرار النجاح، وهو يحترم خصومه في المجموعة الرابعة التي تضم اسبانيا وروسيا والسويد إلى جانب اليونان. يعتمد ريهاغل على الحارس المخضرم انطونيوس نيكوبولوديس (37 عاماً)، والعملاق تريانوس ديلاس (1.96م) ومدافع إينتراخت فرانكفورت الألماني المميز سوتيريوس كيرياكوس (1.93م) الذي غاب عن البطولة الماضية بسبب الإصابة وخاض المباريات ال12 في التصفيات بأكملها لمدة 1080 دقيقة، والظهير الأيمن يوركاس سيتاريديس في خط الدفاع. خط الوسط يضم جورجيوس كاراغونيس وجيانيس أماناتيديس والقائد الجديد أنغلوس باسيناس ونجم بولتون الإنجليزي "الأصلع" ستيليوس جياناكوبولوس، إضافة إلى المهاجمين أنغلوس خاريستياس بطل هدف الفوز أمام البرتغال في نهائي 2004 وثيوفانيس غيكاس مهاجم باير ليفركوزن الألماني الذي يعتبر أحد مفاتيح خط الهجوم. مرة جديدة ستدخل اليونان البطولة القارية وهي ليست مرشحة للفوز نظراً لفارق المستوى الشاسع بينها وبين المنتخبات الطليعية في أوروبا، لكن ما صنعته منذ 4 سنوات يجعلها الحصان الأسود المنتظر في ظل استمرار المدرب ريهاغل الذي يعرف من أين تؤكل الكتف.