بعد سنوات من عرضها على مسارح أوروبا قدم المسرح الشعبي البلجيكي رواية غسان كنفاني (عائد إلى حيفا) على مسرح وسينما القصبة في رام الله مع ترجمة مكتوبة في أعلى شاشة المسرح باللغة العربية. ورغم عدم تمكن الممثل الرئيسي في المسرحية سعيد باهيد من الحصول على تأشيرة دخول من إسرائيل للأراضي الفلسطينية على جواز سفره المغربي، صممت الفرقة على تقديم العمل المسرحي.. واستعانت بمعد المسرحية الممثل البلجيكي الجنسية المغربي الأصل حمادي البوسني لأداء دوره. وتدور أحداث المسرحية حول نكبة الفلسطينيين عام 1948م من خلال قصة زوجين كانا يعيشان في حيفا قبل عام 1948م وقد مضى على زواجهما عام واحد.. ووسط اطلاق النار والقذائف في وقت كان فيه الزوج خارج المنزل.. ولم يتمكن من العودة إلى منزله.. تخرج الزوجة من المنزل دون أن تنتبه إلى أنها تركت رضيعها خلدون وعمره خمسة أشهر هناك. ولم يتمكن الزوجان وسط زحام المواطنين وهربهم من الحرب. العودة إلى المنزل للبحث إلا أنهما يعودان لذلك بعد عشرين عاماً يكون فيها خلدون قد كبر وحمل اسماً آخر. وتقدم المسرحية عرضاً تراجيدياً لحوار بين سعيد وفارس اللبدي الذي لم يحصل على صورة أخيه الشهيد من المنزل ليعيدها بعد ذلك لتكون الرابط بيمه وبين المنزل الذي بقيت فيه خلال العشرين عاماً على حالها. وتقدم مخرجة العمل المسرحي كلاودين آرتس تفاعل الحكاية التي بدأت قبل عشرين عاماً بحلم الأم المتواصل بالعودة يومياً إلى بيتها للبحث عن ولدها الذي نسيته هناك. . وتقنع زوجها بالعودة إلى حيفا لزيارة المنزل بعد أن سمح للفلسطينيين بالتنقل بين جنود الضفة الغربية وتلك البلاد التي رحلوا أو أجبروا على الرحيل منها بالاعتماد على الممثلين بشكل كامل. . فأدوات المسرحية لم تتجاوز بعض القواطع الخشبية إضافة إلى خلفية صوت الرصاص والقذائف. ويتصاعد المشهد تدريجياً عندما يصل الزوجان إلى المنزل الذي رحلا عنه قبل عشرين عاماً ليجدا سيدة (مريم) يهودية من بولندا كما قالت عندما سألوها عن أصلها. وتقدم المسرحية مساحة للسيدة اليهودية لتروي ما حدث معها خلال الفترة النازية في بولندا وكيف اختبأت في منزل الجيران.. وقتل أخيها الصغير على أيدي النازيين لتسافر مهاجرة بعد ذلك للعيش في إسرائيل.. وتجد الطفل الفلسطيني الصغير فتقول إنه هبة إلهية لأنها لم تنجب. وبعد حوار يحفل بمضامين كبيرة من هي الأم.. أهي التي ربت أم التي أنجبت؟ وولاء الإنسان.. هل يكون لأبويه أم لقضية يعيش لها.. وشارك في هذا الحوار الأب والأم واليهودية وخلدون الذي يدخل إلى قاعة المسرح بزي عسكري إسرائيلي.. ويسأل والده.. وأين كنت طوال عشرين عاماً أم أنك أتيت اليوم على بحر من الدموع لتبحث عني.. الإنسان ليس بأصله.. بل بما يشكل قضيته. وتنتهي المسرحية مع استمرار الحوار بين أفراد العائلة الفلسطينية والسيدة اليهودية والابن المشترك بينهما.. بين من ولده ومن رباه ليختار أن يبقى مع العائلة التي ربته.