رغم إعلان إثيوبيا انتهاء العملية العسكرية في إقليم تيجراي، لا تزال الأوضاع مشتعلة والصواريخ مستمرة، حيث استهدفت صواريخ، الأحد، أُطلقت من الإقليم مجددًا العاصمة الإريترية. ولا يزال التحقق بشكل مستقل من مسألة إن كانت عاصمة الإقليم باتت حاليًا بشكل كامل تحت سيطرة الحكومة الفيدرالية أمرًا غير ممكن. وأفادت سفارة الولاياتالمتحدة في العاصمة الإريترية أسمرة في وقت مبكر الأحد عن وقوع "6 انفجارات" في المدينة ". وكانت هذه المرة الثالثة التي تتعرّض فيها أسمرة للقصف من تيجراي منذ أمر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بإطلاق عمليات عسكرية ضد قادة الحزب الحاكم للإقليم "جبهة تحرير شعب تيجراي". استكمال العملية وأعلن آبي أحمد، في مطلع نوفمبر قراره إرسال قوات فيدرالية إلى تيجراي ردًا على هجمات شّنتها قوات موالية لجبهة تحرير شعب تيجراي على معسكرات للجيش الفيدرالي. وشكّلت الخطوة تصعيدًا كبيرًا في التوتر بين آبي والجبهة، التي هيمنت على الساحة السياسية في إثيوبيا على مدى نحو 3 عقود قبل وصول رئيس الوزراء إلى السلطة في 2018 على خلفية تظاهرات مناهضة للحكومة آنذاك. وقتل الآلاف جرّاء المعارك بينما تدفق عشرات آلاف اللاجئين عبر الحدود إلى السودان. وأعلن آبي ليل السبت "استكمال" العمليات العسكرية في تيجراي بعدما أكد الجيش سيطرته على ميكيلي التي كانت تعد نصف مليون نسمة قبل اندلاع النزاع، كما قطعت الاتصالات بالكامل عن الإقليم خلال النزاع. تفاصيل العملية العسكرية لدى جبهة تحرير شعب تيجراي إمكانيات عسكرية لا بأس بها إذ قدّر محللون لدى اندلاع النزاع بأنها قادرة على حشد 200 ألف جندي. وبعد سيطرة قواته على غرب تيجراي وإعطائه قادة الجبهة مهلة 72 ساعة للاستسلام، أعلن آبي الخميس أنه أمر ب"هجوم أخير" على ميكيلي. وفاقم الأمر المخاوف الدولية من احتمال وقوع مجازر بينما وردت تقارير عن تعرّض ميكيلي إلى قصف عنيف في وقت سابق السبت. وأفاد آبي السبت أن الشرطة أطلقت عملية أمنية لإلقاء القبض على قادة جبهة تحرير شعب تيجراي، والذين لم يتسن التواصل معهم الأحد بعد ولا يزال مكان تواجدهم غير معروف. وتعهّدت جبهة تحرير شعب تيجراي بالقتال طالما أن القوات الموالية لآبي متواجدة بأي شكل من الأشكال في الإقليم، في وقت حذّر محللون من أن الحزب قد يبدّل نهجه ويتبنى تكتيكات أشبه بأسلوب المجموعات المتمرّدة. ويعتقد أن الإقليم شهد حركة نزوح واسعة النطاق إذ تعرّض للقصف الجوي عدة مرّات بينما شهد مجزرة على الأقل أودت بمئات المدنيين. مطالب دولية أشارت مديرة منطقة القرن الإفريقي لدى منظمة "هيومن رايتس ووتش" لايتيتا بدر ليل السبت إلى أنه من الواضح أن تداعيات النزاع كانت كبيرة، على الرغم من أن التفاصيل لا تزال غير معروفة. وقالت "على الأممالمتحدة أن تجري تحقيقًا دوليًا مستقلًا بشأن الانتهاكات التي ارتكبها جميع الأطراف منذ بدء النزاع، بهدف الضغط من أجل المحاسبة". كما عبر فيليبو جراندي مفوض الأممالمتحدة السامي لشؤون اللاجئين في وقت سابق اليوم الأحد عن أمله في أن تقدم السلطات الإثيوبية وعودًا بوصول المساعدات الإنسانية إلى إقليم تيجراي. وأضاف جراندي في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت من العاصمة السودانية الخرطوم أن تقديم المساعدات "ليس ممكنًا حتى الآن، لذا آمل أن يتحسن (الوضع) في الأيام القليلة المقبلة". تاريخ من المقاومة كما حذر دبلوماسيون في المنطقة وخبراء من أن نصرًا عسكريًا سريعًا ربما لا يعني إشارة إلى نهاية الصراع. وللجبهة الشعبية لتحرير تيجراي تاريخ من المقاومة المسلحة. وساعدت تضاريس تيجراي الجبلية وحدودها مع السودان وإريتريا الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي خلال كفاحها الطويل ضد الدكتاتور الماركسي منجستو هايلي مريم الذي أطاحت به الجبهة في النهاية في عام 1991. وقاتلت قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي وقوات إريتريا معا ضد منجستو لكن العلاقات بينهما ساءت بعد أن نالت إريتريا استقلالها عام 1993. وخاضت إثيوبيا وإريتريا حربًا من عام 1998 إلى عام 2000 على الحدود. وترى الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي أن إريتريا عدو لدود. ووقعت إريتريا اتفاق سلام مع آبي في عام 2018 وفاز رئيس الوزراء الإثيوبي بجائزة وبل للسلام في العام التالي.