دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، يوم الجمعة، إلى وقف فوري للتوترات في شمال إثيوبيا حيث اندلع القتال بين القوات الإثيوبية والقوات في منطقة تيغراي. وذلك بعد أن باتت إثيوبيا تبدو أنها على شفا حرب أهلية، مما يهدد استقرار واحدة من أكثر المناطق استراتيجية في العالم، القرن الإفريقي، ويؤدي إلى تصدع إحدى أقوى الدول الإفريقية من حيث عدد السكان. وبحسب وكالة الأسوشيتد برس، فإن الأزمة في إثيوبيا، وهي حليف أمني رئيسي للولايات المتحدة، تتفاقم منذ شهور، وقال المحلل السياسي دينو ماهتاني: يبدو ما يحدث في أديس أبابا مثل مشاهدة تصادم قطارين بالحركة البطيئة. والآن، يواجه رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الحائز على جائزة نوبل للسلام العام الماضي لإصلاحاته السياسية الشاملة، أشد العواقب حتى الآن للتحولات الأخيرة في السلطة في البلاد. فيما يلي الأسباب الرئيسية لشرارة الحرب الأهلية في الصباح الباكر من يوم الأربعاء، حدث شيئان، الأول: قطع الاتصالات في منطقة تيغراي الشمالية المدججة بالسلاح في إثيوبيا، والثاني: إعلان آبي أنه أمر القوات بالرد على هجوم مميت مزعوم شنته قوات تيغراي على قاعدة عسكرية هناك، ومن هنا اتهم الجانبان بعضهما البعض ببدء القتال. وكثف كلاهما الضغط مساء الخميس، وقال الجيش الإثيوبي إنه ينشر قوات من جميع أنحاء البلاد في تيغراي، وزعم زعيم تيغراي أن طائرات مقاتلة قصفت أجزاءً من العاصمة الإقليمية، وتم الإبلاغ عن وقوع خسائر في كلا الجانبين. وقارن بعض الخبراء هذه المواجهة بأنها بداية حرب أهلية، وذلك مع وجود قوتين كبيرتين ومدرَّبتين جيدًا وعلامات قليلة على التراجع من كليهما. وإثيوبيا هي واحدة من أكثر الدول تسليحًا في إفريقيا، وقد هيمنت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي على الجيش والحكومة في إثيوبيا قبل أن يتولى آبي السلطة في عام 2018. وتمتلك الكثير من الخبرة في الصراع من الحرب الحدودية التي دامت سنوات بين إثيوبيا وإريتريا، بجوار نهر تيغراي، ويُقدر عدد جنودها بنحو 250 ألف جندي. ومع استمرار انقطاع الاتصالات، من الصعب التحقق من صدق رواية أي من الجانبين للأحداث على الأرض. كيف وصلت إثيوبيا لهذه المرحلة؟ عيّن الائتلاف الحاكم في إثيوبيا آبي رئيسًا للوزراء في عام 2018 للمساعدة في تهدئة أشهر من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وسرعان ما نال الثناء بل وجائزة نوبل أيضًا؛ لفتحه مساحة سياسية وكبح الإجراءات القمعية في البلاد التي يبلغ عدد سكانها نحو 110 مليون شخص وعشرات من الطوائف العرقية، لكن الجبهة الشعبية لتحرير تيغري شعرت بتهميش متزايد، وانسحبت العام الماضي من الائتلاف الحاكم. وتصاعدت التوترات عندما مضت تيغراي قدمًا وأجرت انتخاباتها الخاصة في سبتمبر، بعد أن قررت أديس أبابا تأجيل الانتخابات الوطنية بسبب جائحة فيروس كورونا. وفي سبتمبر صوت إقليم تيغراي في انتخابات محلية وصفتها الحكومة الإثيوبية بأنها غير قانونية، ثم تحركت الحكومة لاحقًا لتحويل التمويل من السلطة التنفيذية للجبهة الشعبية لتحرير تيغري إلى الحكومات المحلية، مما أغضب القيادة الإقليمية. ويوم الاثنين، حذر زعيم تيغراي ديبرتسيون جبريميشائيل من احتمال اندلاع صراع دموي. ماذا يمكن أن يحدث الآن؟ وبحسب تحليل وكالة أسوشيتد برس، فإنه يمكن أن يمتد الصراع إلى أجزاء أخرى من إثيوبيا، حيث تدعو بعض المناطق إلى مزيد من الحكم الذاتي، وقد أدى العنف العرقي القاتل الحكومة الفيدرالية إلى استعادة الإجراءات بما في ذلك اعتقال المنتقدين. وردًا على هذه المخاوف، قال نائب قائد الجيش الإثيوبي بيرهانو جولا مساء الخميس عن تيغراي: الحرب ستنتهي هناك. وبعض الحكومات والخبراء يطالبون بشكل عاجل بالحوار حول تيغراي، لكن قال مصدر دبلوماسي غربي: الحوار بالنسبة للإثيوبيين يعني أنك تساوي بين الطرفين، وفي حين أنه أمر شرعي، إلا أن الهدف كما طرحته إثيوبيا هو سحق جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغري، فإذا قال طرف إنه سيسحق الآخر، فهل يكون هناك مجال حقًا للتفاوض؟ وفي الوقت نفسه، قالت جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغري قبل القتال إنها غير مهتمة بالتفاوض مع الحكومة الفيدرالية. ويقول المراقبون إنه يجب إجراء حوار شامل، لكن صدر بيان في وقت متأخر من يوم الخميس عن لجنة من الدبلوماسيين وخبراء عسكريين أمريكيين سابقين لصالح معهد الولاياتالمتحدة للسلام حذر من أن هذا لن يعود بالنفع على أي طرف. تأثير ذلك إلى ما وراء إثيوبيا وهناك عدة من الدول أكثر عرضة للخطر في القرن الإفريقي، وهي تشمل الدول المجاورة لإثيوبيا، وهي: الصومال حيث ورد أن القوات الإثيوبية بدأت الانسحاب منها، السودان، الذي يواجه انتقاله السياسي الضخم، ولم تظهر إريتريا المجاورة سوى القليل من علامات الانفتاح بعد التوصل إلى سلام مع إثيوبيا في عام 2018 كما لم تتوافق حكومتها مع حكومة تيغراي. وأصبحت المنطقة التي لعب فيها أبي دور صانع السلام في خطر الآن. ويحذر المراقبون من أن الصراع قد يؤثر أيضًا على أكثر المواقع العسكرية الاستراتيجية في إفريقيا، جيبوتي، حيث تمتلك العديد من القوى العالمية بما في ذلك الولاياتالمتحدة والصين قواعدها العسكرية الوحيدة في القارة.