تسعى البرازيل إلى إعطاء صورة عن العظمة أمام العالم، ولذلك قررت أن تسخر كل قدراتها وتبني سبعة ملاعب جديدة بين 12 ستستضيف المونديال، تجمع فيها ما بين الهندسة المعمارية الحديثة، وقواعد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). وبين هذه الملاعب يبرز (أرينا ساو باولو) الذي شيد في المدينة الأكثر ازدحاما بالسكان في البلاد، بقرابة 20 مليون نسمة، والذي يستضيف مباراة افتتاح البطولة. وبسعة تبلغ 68 ألف متفرج، بما في ذلك المدرجات المتحركة، يقضي هذا االملعب على التصميم المستدير، الذي يسود تقريبا كل ملاعب كرة القدم في البرازيل –التي تتبع نموذج ماراكانا- وبلغت قيمته 820 مليون ريال (نحو 350 مليون دولار). ولفتت وكالة “إفي” إلى أنه من بين سبعة ملاعب جديدة، يعد هذا الوحيد الذي لديه مستقبل مضمون ومتصل بكرة القدم بشكل مباشر عقب المونديال، حيث سيتحول إلى معقل لنادي كورينثيانز، أكثر فرق ساو باولو جماهيرية، والذي لم يكن لديه حتى الآن استاد خاص. وعلى مسافة نحو ألف كيلومتر إلى الشمال افتتحت برازيليا، عاصمة البلاد، ملعبها خلال كأس القارات، البطولة التي تسبق المونديال والتي ساعدت البرازيل كحقل تجارب قبل أهم الأحداث الكروية للمنتخبات في العالم. وبأسلوب يتسق مع الهندسة المعمارية المستقبلية التي طبقت وقت بناء المدينة في عقد الستينيات من القرن الماضي، أصبح ثاني أكبر ملعب لكرة القدم في البلاد بسعة تبلغ 68 ألف متفرج، سيستمتعون بمرحلة المجموعات فضلا عن مبارة في دوري الستة عشر والثمانية، ولقاء تحديد المركزين الثالث والرابع. ومع ذلك كان هذا الملعب الأكثر تعرضا للانتقادات بالنظر إلى أن العاصمة البرازيلية لا تملك تاريخا كرويا أو أندية في الدرجة الأولى. لكل ذلك، عقب المونديال سيتم استخدام الاستاد المذهل في استضافة أحداث متنوعة، رياضية أحيانا. ومع التوغل في الأمازون، تظهر بنى تحتية رياضية جديدة وتتضاعف درجات الحرارة بصورة تزعج المدربين الذين سيقودون المنتخبات خلال البطولة. ومع ابتعاده بعض الشيء عن درجات الحرارة القاسية التي سيعاني منها اللاعبون في مدن مثل ماناوس أو ناتال، يقوم استاد (أرينا فونتي نوفا) بمدينة سلفادور في ولاية باهيا، كنموذج للمباني متعددة الوظائف التي تسعى البرازيل لتشييدها. وبسعة 52 ألف متفرج، سيستضيف هذا الملعب مباريات في أدوار المجموعات والستة عشر والثمانية، داخل واحدة من أكثر البنى التحتية أصالة وإبهارا. وبتمويل من رأسي المال العام والخاص، للملعب سقف معدني يغطي نواة حضرية تتضمن مراكز تجارية وقاعات مؤتمرات ومرآب، تضمن بتحول الملعب عقب البطولة إلى نقطة حيوية داخل المدينة. الملاعب الخضراء واستلهاما من الطبيعة المتميزة التي تحيط بها والتقاليد المحلية، رأت مدن ناتال وكويابا وماناوس كيف تولد في قلبها ملاعب تزيد قدرتها الاستيعابية بقليل عن 42 ألف متفرج. وكويابا هي عاصمة ولاية ماتو جروسو الزراعية، وهي نسبيا قريبا من بانتانال، منطقة الأراضي الرطبة على الحدود مع بوليفيا وباراجواي التي تضم أكبر تنوع حيواني في العالم. وشيد هناك ملعب (أرينا بانتانال)، قريبا من استاد ماناوس، المدينة الكبيرة التي يسكنها ثلاثة ملايين نسمة والواقعة في قلب الأمازون، وكلا الملعبان يعدان المركزين الأخضرين للمونديال. ذلك التوجه نحو الحفاظ على البيئة سيكون حاضرا في تفاصيل مثل الخشب الذي استخدم في عملية البناء، القادم من عمليات قطع قانونية ومستدامة للأشجار، إلى جانب إعادة تدوير كل المخلفات من أجل إعادة استخدامها في الإنشاءات أو في طرق الدخول إلى الملعب، فضلا عن جمع مياه الأمطار من أجل استخدامها لاحقا في الحمامات. ويسعى استاد (دوناس) أو (الكثبان) في ناتال، رغم عدم تمتعه بنفس البنى التحتية الخضراء، إلى أن يكون جزءا من طبيعة المنطقة. وعلى شكل كثيب كالتي تحيط بالمدينة الشمالية، يقلد الاستاد المدينة التي تطلع على المحيط الأطلسي وتتغذى على النباتات والحيوانات. وريسيفي، المدينة الأخرى الواقعة شمال شرقي البرازيل وتطل على الأطلسي، هي سابع مدينة ستتمتع باستاد جديد للمونديال هو (أرينا بيرنامبوكو). وبتقاليد كروية عريقة، حملته لأن يكون ذات يوم مقرا لمباراة في مونديال 1950 –الذي حصدت لقبه أوروجواي بالفوز على أصحاب الضيافة في ماراكانا- يهدف الاستاد الجديد كذلك للإسهام في تطوير الحي الذي يبني في قلبه. وبسعة تبلغ 42 ألف متفرج، يبدو هذا الاستاد كما لو كان سيستضيف معرضا كرويا عقب المونديال، حيث توصل ناوتيكو أحد الأندية المحلية إلى اتفاق كي يخوض هناك مبارياته كملعب له. وجددت البرازيل خمسة ملاعب قديمة بالكامل باستثمارات بلغت قيمتها مليارين و920 ريال برازيلي (مليار و270 مليون دولار)، من بينها ملعب ماراكانا الأسطوري في ريو دي جانيرو، حتى تتفق مع معايير الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لمونديال 2014. ومن بين 12 ملعبا ستقام عليها مبارايات كأس العالم، رممت خمسة منها، وتم بناء سبعة جدد، منها التي شيدت في ولايتي برازيليا وسلفادور، وكانت قائمة بالفعل، ولكن تم هدمها قبل بنائها بأبعاد ومواصفات وتصميمات جديدة. وتجاوزت قيمة ترميم بعض الملاعب القديمة مصروفات بناء ملعب جديد، فتجديد ملعب ماركانا على سبيل المثال استنفذ مليار و50 مليون ريال (456.5 مليون دولار) ، وهي أعلى من تكلفة بناء ملعب جديد بلغت قيمة استثماراته مليار و403 مليون ريال (610 مليون دولار). وبلغ متوسط تكلفة الملاعب التي جرى ترميمها 584 مليون ريال (253.9 مليون دولار) لكل واحد، ومتوسط تكلفة الملاعب التي تم تشييدها 726.4 مليون ريال (315.8 مليون دولار) لكل واحد. وعلاوة على الاستثمارات التي كانت ضرورية لتقوية وتوسيع البنية الموجودة، والتي كان ينبغي تأهيلها لتحمل أعداد أكبر، ارتفعت التكلفة بسبب ضرورة الاتساق فيما عرف بالبرازيل ب”معايير الفيفا”. وكانت البرازيل قد تعهدت بالالتزام بأٌقصى معايير الفيفا فيما يتعلق بالملاعب، حتى في استخدام المقاعد الفردية والمرقمة، والشرفات الخاصة بالصحافة، المزودة بقاعات للراحة وأماكن للطعام، وأشياء أخرى. وامتدت مطالب الفيفا إلى مجالات أخرى لم تكن في الحسبان بالملاعب القديمة، مثل حجم غرف الملابس والأدوات الموجودة بها، وقاعات المؤتمرات الصحفية، وستوديوهات القنوات التلفزيونية، والمطاعم ومواقف السيارات وتسهيلات دخول الجماهير بشكل عام وذوي الاحتياجات الخاصة بشكل خاص. وشملت مخططات الملاعب التي جرى ترميمها، ومن بينها اثنان غير تابعين للدولة، إقامة مناطق تجارية حتى تتمكن من المساعدة في تمويل تكلفة البناء في المستقبل. ماراكانا.. النهائي الثاني وكان لتأثير كل هذه الاشتراطات أن جعلت قدرة ملعب ماراكانا، الذي استضاف نهائي كأس العالم عام 1950 وفازت به أوروجواي على منتخب السيليساو، تنخفض من حوالي 200 ألف مقعد إلى 78 ألفا و639 فقط. وأعُيد افتتاح الملعب العريق في 27 أبريل 2013 من أجل استخدامه في كأس القارات، بعد عامين وثمانية أشهر من الإصلاحات. وكان هذا الملعب قد خضع قبل ذلك لإصلاحات استغرقت ستة أعوام حتى يفي بشروط استضافة دورة الألعاب الباراوليمبية التي نظمتها ريو دي جانيرو في 2007. وسيكون ملعب ماراكانا، الذي سيستضيف سبع مبارايات بمونديال 2014 بينها النهائي، ثاني ملعب يحدد على أرضه الفائز بلقب كاس العالم، بعد الهزيمة 1-2 للبرازيل أمام أوروجواي في نهائي 1950. ويعد ملعب أزاتيكا في المكسيك الوحيد الشاهد على نهائي موندياليين (1970 و1986). وتقول بلدية ريو دي جانيرو إنه لم يتبق من استاد ماراكانا غير الواجهة، الذي يؤكد المعهد القومي للتراث التاريخي والفني إنه لا يمكن المساس بها. ولضمان راحة وسلامة الجماهير في حوالي 124 ألف متر مربع بالمنطقة المشيدة، شملت عملية التجديد إقامة 17 مصعدا و12 سلما كهربائيا بالملعب بالاضافة إلى البوابات الستة التي كانت تسمح بدخول الجماهير. واستخدمت مقاعد مريحة ملونة تعطي منظرا خاصا للملعب الذي زود أيضا بأربع شاشات بمساحة 98 مترا مربعا، ونظام صوت يحتوي على 78 مكبرا للصوت، ونظام ضوء يضم 78 عاكسا، ونظام تكنولوجي لاستغلال مياه الامطار. وفتتح ملعب مينييرو بولاية بيلو هوريزونتي عام 1965 وسيستضيف ست مبارايات بالمونديال، بينها إحدى مواجهات نصف النهائي، وتم تسليمه بعد ترميمه في ديسمبر 2012 بعد ثلاث سنوات من التجديد. ولم يتم تعديل واجهة معقل فريقي كروزيرو وأتلتيكو مينيرو أيضا لوجودها على قائمة التراث التاريخي، ولكن تم تحويل المنطقة الداخلية التي تبلغ مساحتها 80 ألف متر مربع الى منصة تسع ل65 ألف متفرج. وتحول الاستاد أيضا الى مكان يضم أنشطة ترفيهية وثقافية وخاصة برياضات أخرى، وهو مزود بتسع مصاعد وبوابتي دخول ومرآب يسع لألفين و952 سيارة. وأضيف للملعب مطعم بانورامي يسع ل370 شخصا و58 حانة وقاعة مؤتمرات صحفية تسع ل388 صحفيا فضلا عن منطقة تجارية بمساحة سبعة آلاف و500 مترا تضم 47 متجرا. وزود ملعب بيرا ريو بمدينة بورتو أليجري، الذي سيحتضن خمس مبارايات مونديالية بنظام تغطية من البولي تترافلوروإيثيلين الذي يحمي الجماهير بنسبة 100%. ويحتوي هذا النادي المملوك لنادي انترناثيونال، على مرآب يسع لثمانية آلاف سيارة ونظام تكنولجي يساعد على استغلال مياه الأمطار وإعادة تدوير النفايات. أما ملعب أرينا دي بايساكادا، المملوك لنادي أتلتيكو بارانيانسي في كوريتيبا، فحصل على موافقة الفيفا في 18 فبراير بعد التأخير المتكرر في عملية البناء، وسيستضيف أربع مبارايات بالمونديال، بعد عملية تجديد تطلبت هدم بعض المناطق القديمة حتى يسع ل43 ألف متفرج. وبلغت قيمة الاستثمارات في هذا الملعب 327 مليون ريال (143 مليون دولار) حتى يكون متوافقا مع معايير الفيفا، حيث كان يفتقر لقاعات للمؤتمرات الصحفية ومتاجر داخلية ومطاعم، وأشياء أخرى. أما ملاعب أرينا كاستيلاو، المملوك للدولة في مدينة فورتاليزا، فكان أول الملاعب الجاهزة بين ال12 التي ستضيف مبارايات البطولة، وسيستضيف ست مبارايات مونديالية بعد عملية تجديد بلغت كلفتها 519 مليون ريال (225.6 مليون دولار). ومن أبرز ما شملته عملية التجديد في هذا الملعب الذي يسع ل63 ألف و903 متفرجا، نظام تغطية يساعد على تخفيف حدة الشمس في هذه المدينة الاستوائية.