لقد خص الله عز وجل المملكة العربية السعودية، حكومة وشعبًا، بشرف خدمة وجوار مكةالمكرمة، وبشرف استضافة شعوب العالم أجمع، حيث جعلها المكان الذي تهفو إليه قلوب المسلمين من جميع بقاع الأرض بمختلف لغاتهم وأجناسهم، مصداقًا لقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} (الروم 22). وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات 13). وتماشيًا مع هذه المكانة ومع التطور الملحوظ الذي تشهد المملكة العربية السعودية بتحقيق رؤيتها 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020، والانفتاح على العالم كله للتعريف بمكانة المملكة العربية السعودية إقليميًّا وعالميًّا، بالإضافة إلى الأحداث التي تمر بها منطقتنا العربية والإسلامية، والتي تدخل منطقة الخليج ضمن إطار فعالياتها على المستوى المؤثر والمتأثر، ونظرًا لضرورة التفاعل الحضاري والانفتاح على الآخر من الشعوب الإسلامية وغيرها وتفاعلًا مع الخطط التنموية والإستراتيجية للمملكة تبرز ضرورة إنشاء كليات ومعاهد للغات والترجمة في جامعات المملكة المختلفة، لاسيّما في جامعة أم القرى، لشرف مكانها ومكانتها ودورها الرائد في تقديم الخدمات المختلفة للحجاج والمعتمرين وللدعاة في الداخل والخارج.
وقد أدرك المجتمع المكي أهمية اللغات المختلفة على مستوى العالم الإسلامي كونها الوسيلة الأساسية للتواصل مع ووفود القوافل للحج والعمرة على مر العصور متبنيا مبدا التعارف والاتصال ، للغات الشعوب الإسلامية قديما واليوم الفرصة الذهبية لتعزيز خدمة المجتمع المكي للتواصل مع ضيوف الرحمن في ميدان التجارة والخدمات والذي هو دوما سابق لتعلم اللغات والتواصل مع المعتمرين والحجيج الذي يبلغ عددهم حيث بلغ إجمالي عدد الحجاج 1.862.909 حجاج، منهم 1.325.372 حاجا من خارج السعودية عام 2016، بحسب هيئة الإحصاءات العامة
لذا فإنه من المأمول أن يلقى مقترح إنشاء كلية اللغات والترجمة الاهتمام الذي يستحقه المجتمع المكي بما يناسب دورها في نشر الفكر الإسلامي والإنساني، الأمر الذي يجعل إنشاء معهد أو كلية أمرًا حيويًّا وضروريًّا، تمليه احتياجات الساعة وضرورات المستقبل.
الأهداف من تبني إنشاء معهد أو كلية لغات:
إضافة إلى أهداف التعليم العالي ، تسعى كلية اللغات والترجمة إلى توفير برامج أكاديمية لتخريج وتدريب المتخصصين في أقسام الكلية المختلفة من خلال تحقيق الأهداف الرئيسية التالية:
العمل على نشر المعرفة والفكر العربي الإسلامي والإنساني في الحقول المعرفية المختلفة من خلال وسائل التعليم المتعددة والبحث العلمي.
ترجمة التراث الإسلامي والعمل على نشره بالتعاون مع الجهات المعنية داخل الجامعة وخارجها.
توفير خدمات الترجمة التحريرية والفورية والاستشارات اللغوية وتقديم الدورات في كافة تخصصات الكلية.
دعم برامج ومشاريع معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج في إطار تخصصات الكلية.
ترجمة أمهات الكتب العلمية وما يصدر عن دور النشر العالمية في المجالات الفكرية الحيوية المختلفة.
السعي للمساهمة في تسهيل عمل دعاة الجاليات في الإطارين المحلي والخارجي.
توفير مصدر للتعلم والتعليم المستمرين.
البرامج المقترحة:
1. البكالوريوس والماجستير في اللغة الإنجليزية وعلومها.
2. دبلومات في اللغات الإسلامية والعالمية وتكون على النحو التالي:
دبلوم تواصل لغوي (Communicative Language Diplomas) لمدة عامين تقدم للطلاب والطالبات الراغبين الحصول على عمل في القطاع الخاص (مثل الفنادق، مؤسسات الطوافة، شركات العمرة، شركات السياحة) والقطاعات الحكومية (مثل الجمارك، الجوازات، شؤون الحرمين، وزارة الحج وغيرها من القطاعات الحكومية) كما يكون هناك دورات تدريبه مكثفة قصيرة المدى وطويلة المدى لموظفي بعض الجهات التي لها علاقة مباشرة بالوافدين إلى المملكة من لا يتحدثون اللغة العربية.
والطلاب المميزون المتخرجون من هذا الدبلومات من الممكن ابتعاثهم مباشرة للحصول على درجة البكالوريوس والماجستير في اللغات المتخصصين فيها، إما عن طريق الحصول على منح دراسية من الدول المتحدثة بهذا اللغات أو بالاستفادة من مذكرات التفاهم القائمة بين المملكة والدول الأخرى. وعند عودة هؤلاء المبتعثين يتم الاستفادة منهم في نقل المعرفة كمعلمين، وبهذا يكون بناء مجتمع متكامل لاستمرارية المشروع.
رئيس قسم اللغة الإنجليزية في كلية العلوم الاجتماعية لدى جامعة أم القرى.