كلية الألسن من أقدم المعاهد في مصر، فقد مر على إنشائها 164 عاماً، وخرّجت الآلاف من المترجمين والعاملين في اختصاصات مختلفة. هنا لقاء مع عميد الكلية الدكتور صالح هاشم الذي يبدأ بلمحة عن تاريخها، فيقول العميد انه يتصل بتاريخ النهضة المصرية الحديثة، فقد أنشئت مدرسة الألسن في عصر محمد علي، أي أنه سيمر على إنشائها 165 سنة عام 2000. وهي واحدة من أقدم المؤسسات العلمية في الشرق الأوسط، انشأها الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي. وقدمت منذ انشائها العديد من البارعين في الترجمة والقادرين على التحرير والكتابة، والمدرسين الذين ساهموا في بناء الأجيال، ورجال الإدارة الذين تقلدوا المناصب العليا في الدولة. وكان من أهدافها تكوين جيل من المثقفين يكونون صلة بين الثقافة العربية والثقافة الغربية، ويتميزون بأنهم ضالعون في الآداب العربية وآداب اللغات الأجنبية المختلفة. وكان من أهدافها أيضاً تعريب الكتب والمراجع العلمية، والنهوض بالإدارة الحكومية من خلال المناصب التي يتقلدها خريجو المدرسة. وانضمت مدرسة الألسن الى جامعة عين شمس لتصبح "كلية الألسن" بقرار جمهوري رقم 1952 في تشرين الاول اكتوبر عام 1973، والجامعة تعتز بوجود كلية الألسن في رحابها، لأنها كلية متميزة وفريدة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي والقارة الافريقية أيضاً، كما تتميز بتخصصها في تدريس اللغات الحية والنادرة، وإعداد كوادر على جانب متميز من الثقافة والحضارة والفكر. فخريجوها يجيدون اللغات الأجنبية ويبرعون في الترجمة. وما يزيد على 70 في المئة من المترجمين الذين يعملون في "الكابينة العربية للترجمة الفورية والتحريرية" في منظمة الأممالمتحدة من خريجي كلية الألسن وهو ما نعتز به". ما الأقسام التي تحويها الكلية؟ - يدرس في الكلية عدد من اللغات، أولها العربية لأنها اللغة الأم، بالاضافة الى أن أي طالب في الأقسام الأخرى لا بد أن يدرس اللغة العربية لأنها حجر الزاوية في عملية الترجمة. وتوجد أقسام اللغات الاجنبية: الانكليزية والفرنسية والايطالية والاسبانية والألمانية، واللغات السلافية وتحوي اللغة الروسية والتشيكية والسلوفاكية والصينية واللغات الأفريقية وتحوي اللغتين السواحلية والهوسا، واللغات السامية، واللغات الشرقية الاسلامية الفارسية والتركية والأوردو. هل هناك نية لافتتاح أقسام جديدة؟ - وضعت الكلية خطة لافتتاح أقسام لتدريس المزيد من اللغات الأجنبية، مثل اللغة اليابانية، وذلك لوجود علاقات قوية ومتنامية مع اليابان. هناك نمو اقتصادي وشركات استثمارية وبنوك ومشاريع عملاقة في مصر. وهذا يتطلب من خريجي الكلية أن يجيدوا اللغات الموجودة في هذا المجال، لأننا لا نعيش في معزل عن الاقتصاد والسياسة. كما أننا في صدد إنشاء قسم اللغة الكورية، فلكوريا استثمارات عدة في مصر. وهناك لغات سندرسها كلغة أجنبية ثانية مثل الهنغارية والبولندية. معنى هذا ان التخطيط في الكلية يرتبط بحاجات السوق؟ - نعم، فنحن ندرس دائماً متطلبات السوق وحاجات الدولة، ولا ننظر لسوق العمل في مصر فقط، ولكن أيضاً في الدول العربية والافريقية، وهذا يرتبط دائماً بعلاقات مصر الخارجية، ونحاول أن نبحث عن فرص عمل للخريجين، وهي توجد في المشاريع العملاقة والاستثمارية الكبرى، ومنها شركات من الصين وكوريا ودول الاتحاد السوفياتي السابق واليابان. ونخدم أيضاً الجانب السياحي الذي يمثل لمصر أهمية بالغة، فخريجونا يجيدون اللغات الأجنبية. وكنا في الماضي ندرس اللغات الأندونيسية والصربية الكرواتية. ندرس بعض اللغات أحياناً الى أن نشعر بالوصول الى مرحلة الاكتفاء من الخبراء اللازمين، الذين قد لا يكونون بأعداد كبيرة، وبعد الاكتفاء يتوقف القسم، ونبدأ في التركيز على لغات أخرى، وذلك حتى يكون هناك تنوع في الخريجين، وحتى لا يحدث تشبع في السوق لخريجي لغة معينة ويصبح الخريج عاطلاً. وعدد من خريجينا يدرسون بعد التخرج القانون ويتقدمون لامتحان وزارة الخارجية ويسلكون السلك الديبلوماسي، وهناك عدد آخر يسلك مجالات أخرى مثل الطيران والجيش. نعمل جاهدين كفريق عمل متحد داخل الكلية، فجميع أعضاء هيئة التدريس يحرص على تطوير العملية التعليمية من أجل رفع مستوى الخريجين، ونعمل على رفع المعوقات أولاً بأول للإنطلاق نحو مزيد من تنمية العملية التعليمية ومستوى الخريجين وزيادة مهاراتهم. والطلاب - سواء في السنة النهائية أو في الدراسات العليا - لا بد ان يدرسوا ويجيدوا مادة الحاسب الآلي والاستفادة منه في مجال التخصص، ومسايرة التطور التكنولوجي الهائل، واستخدام شبكة الانترنت. ولدينا معامل حاسب آلي متقدمة، وكذلك معامل للغات، ونحن بصدد إنشاء نحو 12 معملاً للغات، بحيث يختص كل من أقسام الكلية بمعمل. ونعمل ايضاً على إنشاء مكتبة لتقديم خدماتها لطلاب جامعة عين شمس والجامعات الأخرى. ويتوقع الانتهاء منها خلال العام الجاري. كم طالباً في العام يلتحقون بالكلية؟ - كنا نقبل نحو 500 طالب في العام، ونظراً للزيادة في الإقبال، اضطررنا الى أن نقبل أعداداً أكبر تصل الى بين 1500 وألفي طالب في العام الواحد، وهذه الأعداد تشكل صعوبة في توفير أماكن التدريس، لكننا نقسمهم الى مجموعات. ما الدرجات العلمية التي تمنحها الكلية؟ - تمنح الكلية درجة الليسانس في إحدى لغات الأقسام العلمية في الكلية، ودرجتي الماجستير والدكتوراه. كما تمنح دبلوم الترجمة التحريرية المعادل للماجستير، ودبلوم الترجمة التحريرية والفورية المعادل للماجستير أيضاً. هل يتميز كل قسم في الكلية بطبيعة خاصة عن الأقسام الأخرى؟ - البرامج والخطة الدراسية موحدة للأقسام، ولكن يختلف المحتوى العلمي من قسم لآخر، والكلية تشبه منظمة الأممالمتحدة، حتى في خليط اعضاء هيئة التدريس، لأن معظمهم أنهوا دراساتهم وحصلوا على الماجستير والدكتوراه من الدول التي درسوا لغاتها التي تخصصوا فيها، فأصبحوا على مستوى رفيع في العلم، فهم يمثلون خليطاً من حضارات انصهرت في بوتقة واحدة، فالكل يجمعهم خيط واحد هو أنهم مصريون عرب، فهم يأخذون الايجابيات من الحضارات والمجتمعات التي درسوا فيها ويتركون السلبيات. عندما انشئت مدرسة الألسن كان هدفها الأساسي الترجمة، فهل تعطي الكلية حالياً اهتماماً كبيراً للترجمة؟ - نركز جل اهتمامنا على الترجمة، ونربطها بخدمة المجتمع وحاجاته، فالكلية تشارك في العديد من المؤتمرات الدولية والقومية والمحلية، والكلية في هذا العام ستعقد مؤتمراً قومياً للترجمة لإحداث نهضة في حركة الترجمة التي تسعى إليها جهات عدة في مصر أو العالم العربي أو العالم كله. فحركة الترجمة مهمة جداً للنهوض وملاحقة تكنولوجيا العصر، وهي تساوي التقدم. ونحن نعقد ندوات ومؤتمرات عدة للبحث في مشاكل الترجمة وكيفية النهوض بها في مصر والعالم العربي، ويعد الأبحاث اساتذة الكلية، وهي أبحاث علمية راقية، لا يتناولون فيها النواحي الأكاديمية فقط، وإنما النواحي التطبيقية للترجمة، فهم في جميع الأحوال يقدمون ولو حجراً صغيراً في بناء كبير وهو تقدم عملية الترجمة، والعودة الى ما نادى به الشيخ رفاعة الطهطاوي، والى ما قام به الرواد الأوائل للنهوض بحركة الترجمة. وحركة الترجمة تجد اليوم اهتماماً كبيراً من جانب الدولة، ووزارة الثقافة ممثلة في المجلس الأعلى للثقافة، وتهتم بها الكليات والجامعات وكلية الألسن خصوصاً، إذ تولي اهتماماً بالترجمة في المجالات العلمية المختلفة، فهناك حاجة للترجمة التقنية المتخصصة. فللنهوض بالأبحاث في مجال الفضاء مثلاً لا بد من ترجمة الأبحاث، كذلك الشأن في الفيزياء والرياضيات وعلوم الحاسب الآلي والطب الحديث. واليوم توجد فروع عدة للترجمة منها الترجمة التحريرية، والترجمة الشفهية التي تنقسم الى الترجمة الفورية والترجمة التتبعية والترجمة المنظورة. والترجمة التحريرية أيضاً بدأت تتشعب الى ترجمة سياسية وعلمية واقتصادية وعسكرية وغير ذلك. وتوجد في الكلية وحدة رفاعة الطهطاوي للبحوث وتنمية المعلومات اللغوية والترجمة. وهي تعمل على المساهمة في ترجمة الدراسات والبحوث العلمية في جميع التخصصات باللغات الموجودة في الكلية، كما تعقد دورات لتعليم اللغات الموجودة في الكلية للمصريين والعرب والأجانب. ومن الخدمات التي تقدمها هذه الوحدة أيضاً نشر الحضارة العربية بين الدارسين الأجانب، وعقد دورات لتعليم استخدام الحاسب الآلي مع التركيز على مجالات علوم اللغة، والآداب، والترجمة، وطبع الرسائل العلمية الجامعية باللغات المختلفة. ونعمل على رفع الأداء اللغوي للموظفين والدارسين من وزارات وأجهزة الدولة المختلفة في اللغات المطلوبة. كما تصدر الوحدة سلسلة "دراسات في اللغة والأدب والترجمة"، وصدر منها ستة كتب لأساتذة من الكلية سواء باللغة العربية أو باللغات المختلفة. وهذه السلسلة لها أهميتها لأنها تنشر الثقافة سواء من ناحية العلوم اللغوية أو الدراسات الأدبية والنقدية، ومما صدر قاموس للأمثال الشعبية بالأسبانية والعربية. هل يدرس في الكلية طلاب غير مصريين؟ - يفد إلينا طلاب من دول عربية أو من دول أوروبية لدراسة اللغة العربية. والطلاب الأجانب يدرس لهم أساتذة اختصاصهم في اللغة العربية، وآخرون اختصاصيون في اللغة الأجنبية التي هي اللغة الأصلية للطالب، حتى يتسنى للطالب القيام بعملية الترجمة أيضاً.